محمد حمدى

البلهاء يتقدمون

الخميس، 01 أكتوبر 2009 07:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مقاله بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الأربعاء 30 سبتمبر، أطلق الكاتب الأمريكى توماس فريدمان، أقوى تحذير من نوعه مفاده أن حياة الرئيس الأمريكى باراك أوباما أصبحت فى خطر حقيقى. وذكر فريدمان أنه كان فى إسرائيل عام 1995 وأجرى مقابلة مع رئيس وزرائها إسحاق رابين قبيل اغتياله. مشيراً إلى أنه يتذكر المزاج البغيض الذى كان يسود إسرائيل آنذاك، حيث كان اليمين الإسرائيلى المتطرف يسعى جاهداً لتجريد رابين من شرعيته الوظيفية، مما أدى فى النهاية إلى اغتياله.

ويرى فريدمان، أن المناخ الحالى بالولايات المتحدة الأمريكية لا يختلف عما كان عليه الوضع فى إسرائيل قبيل اغتيال رابين، حيث يركز اليمين الأمريكى المتطرف على تجريد أوباما من الشرعية التى تؤهله للحكم، تماما كما ساد فى إسرائيل قبل اغتيال رابين.

ويخلص فريدمان إلى أن النظام السياسى الأمريكى، كما يقول المثل، "أمريكا التى صممها عباقرة بحيث يمكن تشغيلها من قبل حمقى". "لكن خليطاً من الاتجاهات السياسية والتكنولوجية قد تقاربت فى العقد الماضى بحيث يجعل من الممكن للبلهاء من جميع المشارب السياسية إرباك وشل عبقرية نظامنا". ويقصد بالطبع النظام السياسى فى الولايات المتحدة.

وحين تنزع الشرعية عن أى حاكم أو مسئول فأنت تقدمه وليمة مجانية لأى متطرف، تماماً كما هى الأحكام السهلة بتكفير الناس، كما حدث عندما صدرت فتاوى بتكفير الأديب الراحل نجيب محفوظ وتطوع مهووس بإنزال حكم الله فيه كما سمع من أصحاب الفتاوى.

ولسنا هنا فى صدد مناقشة مقال فريدمان عن مستقبل أوباما ومدى تعرضه للاغتيال بفعل التحريض الممنهج الذى يتعرض له الرئيس الأمريكى من اليمين المسيحى المتطرف فى الولايات المتحدة، ولا فى عبقرية النظام الأمريكى المزعومة التى يتحدث عنها فريدمان.. لكن ما يهمنى أكثر العبارة التى اختتم بها فريدمان مقاله حول التقارب بين العديد من الاتجاهات السياسية والتكنولوجية بحيث يمكن لبعض البلهاء شل النظام السياسى.

ولا يبدو أن موضوع قدرة ونفوذ البلهاء قد تزايد فى الولايات المتحدة وحدها، وإنما امتد لمعظم أنحاء العالم، ومثل وصول الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش للحكم علامة فارقة على وصول أبله إلى سدة الحكم.

وقد نشر الأستاذ محمد حسنين هيكل مقالاًَ ممتعاً فى وجهات نظر بعد أحداث سبتمبر 2001 بعنوان إمبراطور من تكساس تناول فيه بالتفصيل اجتماعات اليمين المحافظ لاختيار مرشح للرئاسة الأمريكية، وكيف أنهم قرروا فى آخر لحظة اختيار بوش الابن، الذى كان قد أقلع عن إدمان الخمر واعتبر إقلاعه رسالة إلهية له لقيادة أمريكا والعالم، لكنه تحول إلى دمية وليس إمبراطوراً يحركه قادة اليمين المسيحى من وراء ستار أو عبر أصابع نائبه ديك تشينى.

وإذا نظرنا حولنا فسنجد بلا شك هذا التحالف بين التكنولوجيا الحديثة ورجال السياسة والدين من كافة الاتجاهات والمشارب، بحيث أصبح العالم جنونياً بشكل كبير يسود فيه التطرف، وينزوى المعتدلون خجلاً، وأصبح الصوت العالى تأشيرة سحرية للتأثير فى دوائر صنع القرار، وفى صناعة نجوم هذا العالم الجديد الذى يتميز بأكبر قدر ممكن من البلاهة.. بينما الأناس الحقيقيون يمتنعون لأن هذا العالم، على حد قولهم، لم يعد عالمنا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة