ماذا تفعل إذا اعتدت إسرائيل على غزة جوا؟ أتظاهر.. وماذا تفعل إذا بدات هجومها البرى بالدبابات والمدرعات؟ يجب أن نزيد المظاهرات..وماذا تفعل أمام مئات الفلسطينيين من الأطفال والأبرياء الذين يسقطون تحت قصف العدوان العنصرى الإسرائيلى؟ نتظاهر وندعو على العدو فى صلواتنا وتهجدنا.
ألا توجد حلول أخرى مع المظاهرات والدعاء؟ رد بتشكك: أنت ضد التضامن مع غزة؟ قلت له أنا مع فلسطين، وأحيى مظاهرات هى فى الواقع تضامن شريف مع أهلنا فى فلسطين، لكنى أيضا مللت من هستريا الشعارات التى لا تتجاوز حرق علم إسرائيل وأمريكا ومهاجمة الحكام العرب والمواقف المتخاذلة، وبالمرة ونسب أنفسنا ونلعن عجزنا، فعلناها فى كل مرة، ونفعلها هذه المرة.. وننصرف لمنازلنا، وقد بحت أصواتنا، أو نكتب كلاما نعيد فيه ترديد ما نقوله فى المظاهرات، وكلما كانت الكتابة تلعن وتشتم أكثر كان التصفيق أشد والإحباط أضخم.
خلاص عرفنا وتيقنا أنه لا توجد دولة عربية لديها الاستعداد لشن حرب.. المجتمع الدولى مزدوج، ومتخاذل ومتواطئ.. لأننا نكذب على بعضنا وعلى أنفسنا، ونحب من يكذب علينا.. وصلنا إلى حالة من التعصب القطرى والإقليمى مثل مشجعى كرة القدم، فتح أو حماس، قطر أو السعودية، مصر أو سوريا، مع أن «الكل فى الهم شرق».. ليس من بينهم من قدم نموذجا يعطيه حق معايرة الآخرين، وحتى الذين يطالبون الجماهير بالتحرك، هم أول من يلعنها سرا وعلنا.
قاطعنى: ليس لهؤلاء حدود مع غزة. طلبت منه أن يلقى نظرة على خريطة فلسطين ليجد أن هناك إمكانيات دعم مختلفة يمكن تقديمها أو فتح جبهات تخفف من الضغط على غزة، قال: كل دولة لها ظروفها، قلت: ومصر دولة لها ظروفها، قاطعنى وصب غضبه على الموقف المصرى المتواطئ والمتهاون، قلت له: أنت نسيت إسرائيل، أو دعم مقاومة، نعرف أنها تواجه عدوا شرسا عنصريا يمتلك ترسانة لا تنفد من الأسلحة والدعم الأمريكى، قال لى: أنت متواطئ ومثبط.
قلت له: أسهل لى أن اخبرك بما تحب أن تسمعه.. لا يكفى أن نظل نلطم ونصرخ ونشتم، وغضبنا يعمينا عن رؤية الحقيقة أو أن نرى أنفسنا وقدراتنا كما هى وليس كما نريدها، أو نحلم بها فى كتب المغازى والفتوحات.. زمان كانوا يعلمونا أن الاستعمار يعمل بطريقة فرق تسد، وكلما حاول عدونا أن يفرقنا نتفرق، وكنا نتعلم أن «الاتحاد قوة» واكتشفنا أن «المزايدات قوة»، المقاومة تحتاج انتفاضة.. والانتفاضة تحتاج وحدة.. لقد كانت انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى مقاومة عظيمة نجحت فيما فشلت فيه الشتائم، كانت فلسطين واحدة والفلسطينيون واحد والعلم واحد، وفرقتنا لن تزيد أصواتنا فى الأمم المتحدة، العقول تهزم، أو تنتصر.
... يلا بينا على المظاهرة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة