"المحبة والمودة مع الصديق.. والمواءمة مع العدو"، مثل شعبى إيرانى متبع فى تعاملاتهم السياسية، وهو ما تعاملت به إيران مع مصر فى طلبها منذ يومين ببناء مستشفى ميدانى على الحدود المصرية مع غزة، لمعالجة المصابين فى الهجوم الإسرائيلى، وبما أن العلاقات الصديقة مقطوعة بين البلدين منذ توقيع مصر معاهدة "كامب ديفيد" للسلام فى عام 1979، فإيران تقوم بعملية مواءمة سياسية مع مصر.
جاء هذا الطلب الحميم عن طريق رسالة وجهها وزير الخارجية الإيرانى منوشهر متكى، لنظيره المصرى أحمد أبو الغيط فى أول اتصال بين مصر وإيران منذ بداية أزمة غزة، ووسط انتشار المظاهرات بطهران المنددة بالنظام المصرى والمتهمة مصر بالتواطؤ مع إسرائيل، بل وانطلاق التصريحات الإيرانية التى تطالب مصر بالوقوف موقف المسئولية من أزمة غزة. قد تكون الرسالة أمر عادى وحدث متكرر خلال السنوات الماضية، ولكن ما يعطيها أهمية هذه المرة هو الاهتمام الإعلامى، خاصة من الجانب المصرى بالطلب الإيرانى على عكس الرسائل السابقة.
العلاقات بين البلدين مقطوعة ويشوبها شىء من التعقيد، وهناك أبعاد يتم مراعاتها فى الخطاب بين البلدين، ولكن محمد السعيد عبد المؤمن أستاذ الدراسات الإيرانية يؤكد أن أزمة غزة تحتم التحالف بعيدا عن الخلافات السياسية والسعى بكل السبل لوقف المجازر الإسرائيلية، ولذلك من الممكن أن نعتبر هذا الموقف "إنسانى بحت". ويرى عبد المؤمن أنه فى ظل قطع العلاقات تماما بين إيران وإسرائيل، تعتبر مصر الوسيط الوحيد والحل المتاح لإيران لوصول مساعداتها لحماس، ولتؤكد لها وجود اتصال متبادل بينها وبين مصر.
قد يكون اهتمام إيران بجماعة حماس الإسلامية، وتبنيها سياسيا سببا مقنعا لتقديم المساعدات، ولكن من المعروف أن مصر ليست الطريق الوحيد لتقديم المساعدات، كما أن المستشفى الميدانى لا يعتبر مساعدة قوية، حيث يؤكد السفير محمود فرج سفير مصر بإيران سابقا أن إيران على علم جيد بأن مصر سترفض طلبها، وبالتالى تتحول مصر إلى حائل بين المساعدات الإنسانية للفلسطينين ويصبح الطلب وسيلة لإحراج مصر أمام الرأى العام الدولى.
السفير محمود فرج يؤكد أن إيران تكن كل احترام لمصر، وسعت على مدار السنوات السابقة لتحسين العلاقات السياسية بينهما، ولكن مصر دائما تواجه أى بوادر للتخاطب بالرفض التام، وهذا الاتجاه السائد كما يقول فرج من قبل الجناح المعتدل فى إيران لا يمنع وجود أجنحة أخرى متشددة ترفض التعامل مع مصر، وهناك آخرون يرفضون التعامل مع أى عربى وهذه التيارات هى السبب الرئيسى فى المظاهرات التى اجتاحت طهران الشهر الماضى احتجاجا على موقف مصر.
فرج استبعد أن يكون هناك رسائل خفية موجهة لإسرائيل من مصر بوجود تعامل بينها وبين إيران، وهى السبب وراء هذا الاهتمام الإعلامى المبالغ من جهة وزارة الخارجية المصرية، فلا أحد ينكر وجود اتصالات وزيارات من قبل المسئولين، كان آخرها رئيس مجلس الشورى الإيرانى غلام حداد عادل منذ شهور وقابل خلالها الرئيس مبارك.
ولكن إذا قبلت الحكومة المصرية بناء المستشفى الإيرانى فسيكون هذا القبول فعلا رسالة حقيقية ليس لإسرائيل وحدها، وإنما للعالم كله بوجود تعاملات بين البلدين، ويتحول الطلب الإيرانى لخطوة جديدة على طريق العلاقات المصرية الإيرانية تم تأجيلها ثلاثين عام.
بعد طلبها بناء مستشفى فى رفح المصرية..
هل تتعمد إيران إحراج مصر عربيا ودوليا؟
الخميس، 08 يناير 2009 04:11 م
نجاد أدمن مهاجمة إسرائيل بـ"الكلمات" - AFP