رأفت، لم يحقق إنجازا فى الحياة ولم يقم مشروعا قوميا، كل ما فعله أنه اضطر لبيع كليته لكى يعيش هو وأولاده لأنه خاف من السجن، أما عصمت فهى طفلة لا توجد لها حتى الآن أية وثيقة أو ورقة رسمية تثبت أنها «واحدة من أصحاب البلد».
الديون تراكمت على رأفت السيد حسن (37 عاما) الذى كان يعمل نجارا، فقرر أن يبيع كليته وتعرض للابتزاز بسبب ديونه، فباعها بسعر زهيد لم يكف ديونه، ثم خاف من السجن فقرر أن يترك طفلتيه «أمل فى الصف الرابع الابتدائى ونرمين فى الصف الثانى الابتدائى» ويهرب.
رأفت كان يعيش فى مركز أجا بالمنصورة، يشترى خشب النجارة بالتقسيط، ويجهز حجرات النوم ويبيعها بالتقسيط أيضا، ولكن العمل لم يكن مجزيا بالنسبة له، وبعد فترة تراكمت عليه الديون، فكان يقترض من هذا ليسدد دين هذا، وهكذا.
باع كليته بـ 18 ألف جنيه وكتب شيكات بباقى الديون على نفسه ضمنته فيها زوجته، وحاول أن يسدد ديونه المتراكمة ولكنه لم يستطع، وأصبح شبح السجن يطارده، فاضطر إلى الفرار من قريته هو وزوجته تحت جنح الظلام.
خمس سنوات مرت على أهله، وعلى والده ووالدته وهم يعيشون مأساة هروبه، كما أنه ترك فى المنزل طفلتيه الصغيرتين لأنه لا يعرف إلى أين يذهب، الطفلة أمل التى لم تتجاوز تسع سنوات تقول بصوت منكسر: «لو شفته مش ح أعرفه، مش عارفه هو فين، العيال فى المدرسة بيعايرونى ويقولوا أبوكى طفش والحكومة بتدور عليه».
الطفلة نرمين عكس أختها فهى لا تكف عن الكلام تقول لجدتها بسيمة عبد الحليم: «والنبى عايزة أشوف أبويا وأمى ياستى، هم راحوا فين»، منذ خمسة شهور تقريبا حدثت مفاجأة للجد والجد تحكى الابنة أمل: «كنا نايمين وفى الصبح لقينا طفلة صغيرة نايمة جنبنا»، تكمل الجدة »وفى الصبح اتصل بينا خالنا وقال إن رأفت جاب البنت وانتوا نايمين بالليل».
هى تبلغ الآن عشرة شهور فقط وأطلقوا عليها اسم عصمت، ويحضر لها جدها اللبن من الصيدليات وإلى الآن تعيش دون أى أوراق رسمية، فقد ذهب جدها لاستخراج شهادة ميلاد من مكتب الصحة ولكنهم رفضوا لعدم وجود الوالدين ولعدم وجود أى أوراق رسمية لهم اما هو مصير الصغيرة ولماذا لا تستجيب وزارة الصحة لتوسلات الجد والجدة لاستخراج شهادة ميلاد لها جدتها تقول يعنى عصمت لو قدر ربنا وماتت منعرفش ندفنها إزاى».
