فى الاستطلاعات التى أجراها موقع «اليوم السابع» على مدار 2008

الناس كفرت بالحكومة والعرب والمجتمع الدولى وأعلنوا يأسهم من كل شىء عدا الفيس بوك والنادى الأهلى

الخميس، 08 يناير 2009 10:52 م
الناس كفرت بالحكومة والعرب والمجتمع الدولى وأعلنوا يأسهم من كل شىء عدا الفيس بوك والنادى الأهلى
كتب وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ثقافة استطلاع الرأى والإعلان عنه كانت حتى وقت قريب من الثقافات الغائبة عن المجتمع المصرى، فليس يهم صناع القرار شيئا بعد صنعه وتطبيقه، كما أن أغلب مراكز الأبحاث المعنية باستقراء الواقع المصرى وردود أفعال الناس تجاه أغلب قضاياه، تخاطب النخب الثقافية المؤسساتية والأمنية، وليس لها شأن بالناس الذين استطلعت آراءهم، وكونت من خلالها دراسات ونتائج. ومنذ أن بدأ موقع اليوم السابع فى البث الرسمى أوائل العام الماضى، وهو يحرص على استطلاع رأى الناس فى معظم القضايا الشائكة التى تشغلهم وتستفزهم، دون أن يكون لهم دور فيها.

وعلى مدار ما يقرب من العام، أجرينا فيه عشرات الاستطلاعات فى مختلف المجالات والتخصصات والقضايا، جمعنا نتائج هذه الاستطلاعات لنعرضها على قرائنا الذين ساهموا فيها ليعلموا أن رأيهم له عندنا أهمية قصوى، وكذلك لنعرضه على النخب الثقافية والسياسية فيما يشبه المحاكمة، لسياسات وقرارات وقضايا عام منصرم، شهد له الكثيرون بأنه من الأعوام الصعبة سواء على المستوى الداخلى أو الخارجى، هو العام الذى شهد حرائق الشورى والمسرح القومى، والمحلة الكبرى، وهو العام الذى شهد كارثة الدويقة، وحوادث الطرق، وهو العام الذى شهد الأحكام القضائية المثيرة مثل حكم العبارة، وحكم إلغاء الحرس الجامعى، وحكم وقف تصدير الغاز لإسرائيل، وهو العام الذى شهد وفاة العديد من رموز مصر أمثال «يوسف شاهين، ورجاء النقاش، وعبد الوهاب المسيرى، وصلاح الدين حافظ، وكامل زهيرى» هو عام صعب بكل المقاييس، وفى الأوقات الصعبة لابد من وجود تكاتف قوى بين كل عناصر المجتمع، وأهمها «الجمهور» اللاعب رقم (1) كما يطلق عليه نقاد كرة القدم.

والشىء اللافت فى هذه الاستطلاعات هو غلبة الروح التشاؤمية على الدوام، فمعظم من شاركوا فيها، بدوا كما لو كانوا يائسين من كل شىء، مستفزين من كل شىء، غاضبين من كل شىء، لا يتخيلون أن الأيام المقلبة ستكون أفضل بأى حال، سواء على المستوى الداخلى أو الخارجى، وفى كل مجالات الحياة من سياسية داخلية أو خارجية، أو أحزاب معارضة أو الحزب الحاكم، أو حتى المنظمات الحقوقية، ولا يثقون فى شىء ما عدا الفيس بوك والنادى الأهلى الذى قال أغلب القراء إنه سيكسب البطولات حتى فى أحلك ظروفه!!

أجمل ما فى الاستطلاعات التى أجراها موقع اليوم السابع، هو رصدها لبعض التقدم فى وعى المشاركين فيها، ومن أهمها ما تم مؤخرا حول مشكلة غزة، التى أرقت العالم العربى، واستثمرتها بعض الأنظمة «مثل إيران وحزب الله» لصالحها فقال ما يقرب من 75 % من المشاركين فى استطلاع حول إمكانية أن تقوم إيران بعمل عسكرى ضد إسرائيل إنها لن تفعل شيئا، وفى الشأن الداخلى صدق توقع 75 % من القراء حول مصير المشاركات المصرية فى أوليمبياد بكين وقالوا إنها ستخرج بلا ميداليات ذهبية، و74 % من القراء قالوا إن سبب حوادث الطرق هو إهمال مشترك من قبل الحكومة والمواطنين، أى أنهم لم يحمّلوا الحكومة وحدها المسئولية، كما أن 55 % من الفتيات أبدين تحمسهن واستعدادهن للاقتداء بنهى رشدى إذا تعرضن لمحاولة تحرش، وقال ما يقرب من 78 % من القراء إننا محتاجون لقانون موحد لدور العبادة تجنبا للمشكلات التى تثار من حين لآخر كلما تم بناء كنيسة، وقال 68 % إن اعتداء البعض على محلات الذهب كان لها صفة جنائية وليست طائفية، وهذا ما أكدته الأحداث فيما بعد، ويدل هذا على عدم تقبل الناس للعنف ضد الطوائف الدينية المختلفة، وفيما يتعلق بملف الفتنة الطائفية وطريقة تناوله فى الصحف الحكومية والخاصة، قال 45 % إن الفتنة مادة إثارة لدى الكثير من وسائل الإعلام، وقال 25 % إن الصحف لا تتوخى الدقة فى نشر أحداث الفتنة الطائفية، وفى هذا مؤشر قوى وجرس إنذار لبعض الصحف التى تشعل الفتنة الطائفية وإشارة إلى أن القراء بدأوا يفقدون الثقة فيها.

ضيق الحال وفقر الغالبية العظمى من الشعب المصرى هو ما عكسته الاستطلاعات بالأرقام التى لا تحتمل مزايدة من أحد، فقال 58 % من المشاركين فى الاستطلاعات إنهم سوف يقضون عطلة العيد فى البيت أمام التليفزيون بسبب الظروف المالية، بينما قال 17 % إنهم لم يشعروا بالعيد أصلا، ما يدل على أن 75 % من المصريين الذين يمتلكون أجهزة كمبيوتر ووصلات إنترنت يشعرون بالضيق والفقر، وبسبب ظروفهم المالية لن يستمتعوا بالعيد، فما بالنا بالآخرين الذين لا يملكون كمبيوتر ولا تليفزيوناً ولا ثلاجة، ولا أى أجهزة إلكترونية أخرى، وما بالنا بالناس الذين يعيشون فى عشش وأكواخ، أو الذين يجدون فى الشارع ملاذهم ومأواهم.

التشاؤم العام، وفقدان الثقة فى مؤسسات الدولة، وتوقع المزيد من الصراعات، هو ما حملته الاستطلاعات، بشكل عام، فعلق 71 % من القراء على قرارات القضاء بحظر النشر فى القضايا بأن هذا تحجيما لوسائل الإعلام، ومحاولة لتقليص دورها، وإن كان هذا التشكك فى مؤسسة عريقة مشهود لها بالنزاهة كمؤسسة القضاء هو ما يعتقده الأغلبية، فما بالنا بالاستطلاعات التى قيَّمت أداء الحكومة والوزارات مثل أداء ووزارة الصحة التى قال 57 % من القراء إنها غير قادرة على مواجهة أنفلونزا الطيور لأن المرض استوطن فى القرى والمدن، وهذا ليس فقط دليل عجز على مواجهة المرض القادم، بل دليل عجز على مواجهة الموجود بالفعل، وفيما يخص وزارة التربية والتعليم قال 66.76 % إن الحكومة تسعى لخصخصة كل مؤسسات الدولة ومن ضمنها وزارة التربية والتعليم، ورأى 84 % أن ظاهرة العنف فى المدارس لن تنتهى مادامت السياسات الفاشلة للتعليم مستمرة، كما قال 64.71 % من القراء إنهم غير راضين عن أداء وزارة التربية والتعليم والأفضل أن يتم تغيير الحكومة بالكامل، وحينما استطلعنا رأى الناس فى مدى تقبلهم لفكرة تقبل حكومة جديدة، قال 63.17 % إنه لن يكون هناك فرق فكل الحكومات المصرية متشابه، وقال 86 % إن الحكومة غير قادرة على ضبط الأسعار، وعن إعادة تقسيم محافظات مصر قال 77 % إنه لا داعى لها، وفيما يتعلق بوزارة الداخلية فقد نالت السخط الأكبر فقال 71 % من القراء أن وراء عمليات التعذيب فى الأقسام تعليمات عليا للضباط والمأمورين، وقال 66 % من المشاركين فى الاستطلاع إن التعذيب سياسة منظمة تنتهجها الداخلية لانتزاع الاعتراف، بينما قال 91.94 % إن حالة حقوق الإنسان فى كل الدول العربية سيئة للغاية، ولم تسلم المؤسسات الدينية من تشكك الناس فى مصداقيتها، فقال 54 % من القراء إن اختلاف احتفال المسلمين بالأعياد فى يومين مختلفين يعود لأسباب تعود لخلافات سياسية بين البلدان الإسلامية، وعلق 56.92 % على مصافحة الأزهر لبيريز قائلين إن مكانة الأزهر أكبر من مواقف د. طنطاوى.

الحيرة والتخبط وفقدان الثقة فى العالم هى ما عبرت عن الاستطلاعات الخاصة بالدول العربية والمجتمع الدولى إثر الأزمات المتتالية، فـ 40 % من القراء قالوا إن إرسال قوات عربية إلى غزة لن يجدى، بينما قال 34 % إنها قادرة على وقف الصراع، وقال 89 % من القراء إن مفاوضات السلام مع إسرائيل لن تنجح، وحمّل 55 % من القراء العرب مسئولية ما يحدث فى غزة بينما أتت إسرائيل وأمريكا فى المرتبة الثانية بنسبة أصوات 18 %، وحماس فى المرتبة الثالثة بنسبة 15 %، وقال 58 % من القراء إنهم لا يوافقون على تدخل مصر للتوصل إلى تهدئة بين حماس وإسرائيل، بينما قال 62% إن سوريا لن تتحرك تجاه إسرائيل ولا حتى لاستعادة أراضى الجولان المحتلة، بالإضافة إلى أن ما يقرب من 75 % من القراء أعلنوا عدم ثقتهم فى إيران للتدخل فى الصراع القائم فى غزة، وقال 80 % إن مصر لن تنجح فى المصالحة بين فتح وحماس، وقال 49 % إن المجتمع الدولى سيكتفى بمناشدة إسرائيل وقف العنف، بينما رأى 37 % أن المجتمع الدولى سيحمّل الفلسطينيين المسئولية، بينما أعرب 78 % من القراء عن تشككهم فى تدويل مياه البحر الأحمر بعد تكرار حوادث القرصنة وقالوا إنها قضية أمن قومى، وشكك 61 % من القراء فى مصداقية قناة الجزيزة بعد استضافتها وزيرة الخارجية الإسرائيلية.

الشك والحيرة والتشاؤم والتخبط وانسحاب الأمل فى التغيير، هى السمة المميزة للعام الماضى، وهذا ما يستدعى قول الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور منذ أكثر من 35 عاما:
حينما صرخ قائلا:
معذرةً يا صحبتى، لم تثمر الأشجارُ هذا العامْ
فجئتكم بأردأ الطعامْ
و لست باخلاً, وإنما فقيرةٌ خزائنى...
معذرةً يا صحبتى, قلبى حزينْ
من أينَ آتى بالكلامِ الفرِِح
ولعل العام الحالى يحمل تغييرا نرضاه أو أملا نمشى وراءه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة