د. وليم ويصا

العشوائيات الصحفية سهولة توجيه الاتهامات

الخميس، 08 يناير 2009 10:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اعتدنا خلال السنوات الأخيرة على قيام عدد من الصحف بفتح الملف القبطى بطريقة هى أشبه ما تكون بالحملات الصحفية على الكنيسة ورجال دين وشخصيات مسيحية وأقباط المهجر، وهى صحف لا يملك الإنسان سوى أن يسميها بعشوائيات صحفية لا تحترم أبسط قواعد المهنة سواء فى التغطية الإخبارية أو فى التحقيقات أو التقارير الصحفية، تتعمد الإثارة، ولىِّ الحقائق، وطرح القضايا بطريقة تخلو من الأمانة والصدق.

شعرت بالدهشة الكبيرة عندما قرأت العدد العاشر من «اليوم السابع» التى أفردت ملفا تحت عنوان «خطايا الكنسية فى ملف الفتنة»، ومنبع دهشتى يعود إلى أننى أعرف أن الأستاذ خالد صالح رئيس التحرير هو صحفى جاد، حدثنى عن مشروع «اليوم السابع» وهو فى المهد على أنه سوف يمثل إضافة لصحافة جادة.

والذى أدهشنى فى هذا الملف هو السهولة منقطعة النظير فى توجيه الاتهامات، وخاصة فى العناوين «خطايا الكنسية فى ملف الفتنة - إذا أعلن البابا اعتكافه فاعلم أن هناك فتنة تستيقظ - 5 رجال دين يثيرون الفتنة والكنسية تلتزم الصمت - مدارس الأحد بوابة الكنيسة لزرع بذور التعصب فى عقول الأطفال والشباب القبطى - السفارة الأمريكية صندوق شكاوى لأقباط مصر»، اتهامات خطيرة تلقى جزافا دون أية محاولات للتريث والتفكير فى خطورة هذه الاتهامات.

ومن أول خطايا الكنيسة، كما تزعم «اليوم السابع» فى ملفها، هو وجود حركات سرية داخلها تطالب بمحاكمات قيادات الكنيسة وأشهرها، كما تقول، الجماعة القبطية للإصلاح الكنسى. وإذا كان ذلك يعنى حركة العلمانيين للإصلاح، فهى ليست حركة سرية وعقدت مؤتمرات علنية. لماذا إذن إضفاء طابع السرية؟ وهل يكون ظهور حركة إصلاح فى حد ذاته خطيئة؟ أين المنطق فى هذا؟

ومن خطايا الكنيسة المزعومة، اختباء المتنصرين فى الأديرة، وإن صح هذا الزعم وهو غير صحيح، يجب أن نسأل أنفسنا لماذا؟ والإجابة على ذلك هو أن الحرية الدينية فى مصر، هى فى اتجاه واحد، إذ من غير مسموح لأحد بأن يتحول عن الإسلام إلى أى دين آخر مهما كانت خياراته وقناعاته، ومصيره هو الملاحقة والتعذيب والسجن وربما القتل. والسؤال هنا هو من هو المسئول؟ الذى يقدم المأوى زعما، أم من يستهدف الملاحقة والتعذيب ودفع الشخص للعدول عن قناعاته قسرا؟

أما العنوان والمقال «إذا أعلن البابا اعتكافه فاعلم أن هناك فتنة تستيقظ» فإنه ينعى على قداسة البابا صمته فى مواجهة بعض الأزمات. ويرى المقال أن الاعتكاف هو أفضل الألفاظ الدينية شياكة، وينم ذلك عن جهل جديد بطبيعة الرهبنة فى المسيحية وهى الاعتكاف للصلاة والتعبد بعيدا عما يموج به العالم من أزمات ولا يبحث عن الشياكة مثل كاتب المقال. وحتى إن اعتكف قداسته احتجاجا على موقف معين، أتريدون انتزاع حق الصمت منه؟

وتعالوا نتوقف عند العنوان التالى «خمسة رجال دين وأسقف يثيرون الفتنة والكنيسة تلتزم الصمت» وتوقف كاتب المقال عند محاضرة الأنبا توماس أسقف القوصية عن التاريخ وعن الهوية ومعنى كلمة قبطى، ولن أتوقف هنا عند مضمون المحاضرة ولكن عند مبدأ حرية الرأى والاعتقاد، وأتساءل أليس من حق أحد أن يقول رأيا مخالفا لقناعاتكم دون أن يكون هدفا لحملة ظالمة تلوى حقائق ما يقول؟ يا سادة هذا هو رأيه وهو حر فى رأيه أيا ما كان؟ ولكم الحق فى الرد وأن تعلنوا قناعاتكم دون محاكمات. ونتساءل هنا هل يحق لأحد أن يقول رأيا أو أن يلقى محاضرة، أو أن يتخذ موقفا دون أن يتعرض لحملة ضارية؟. إن المشكلة هنا تكمن فى أحادية التفكير وعدم السماح للآخر بأن تكون لديه قناعات مخالفة للأمور الراسخة. ولو أردنا أن نحصى عدد رجال الدين المسلمين الذين يثيرون ليس الفتنة ولكن التحريض، لن يكونوا خمسة فقط ولكنهم بالآلاف.

وعنوان آخر «مدارس الأحد بوابة الكنيسة لزرع بذور التعصب فى عقول الأطفال والشباب القبطى» هكذا فى بساطة شديدة، الكنيسة تزرع التعصب فى عقول الأطفال والشباب. وأقول فى بساطة شديدة إن الذى تعلمناه فى مدارس الأحد عندما كنا صغارا، والذى مازال أطفالنا يتعلمونه الآن لا ينم بصلة إلى كراهية الآخر أو تكفيره. ومدارس الأحد تعلم الأطفال العقيدة والفضائل المسيحية.

وأتوقف أخيرا عند تقريرين الأول خاص بفتاة مسيحية «مارى صادق: لو مقدرتش أتجوز وسام المسلم هادخل الدير»، وبغض النظر عن رؤيتها الخاطئة للرهبنة وهى أن الأديرة ليست ملاذا لقصص الحب التى لا تنتهى نهاية سعيدة ولكن دعوة من الخالق للتعبد والصلاة وخدمة العالم، أتساءل كم من الفتيات المسيحيات تزوجن بمسلمين بإرادتهن أو بغير إرادتهن؟، ولن أتوقف هنا عند حالات خطف الفتيات المسيحيات، إذ يكفينى فى هذا الصدد إقرار الدكتور مصطفى الفقى رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشعب فى حديث تليفزيونى بأن هناك حالات خطف فتيات مسيحيات.

أما الاتهام بالطائفية فإنه لا يوجه سوى للأقباط فقط عندما يطرحون مشاكلهم والهدف من توجيه هذا الاتهام هو تكميم أفواههم، ولم نر أحدا من قبل يوجه هذا الاتهام لغير الأقباط، على الرغم من انتشار الأدبيات الطائفية المتطرفة لدى فئات أخرى.

لمعلوماتك...
1856 صدر أول قانون لتنظيم بناء الكنائس فى مصر






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة