لك الله يا غزة، وحسبكم الله وكفى يا أهل الشهداء والجرحى والمنكوبين والمشردين والمحاصرين واليتامى والأرامل، بعدما تخلى عنكم الأخوة والرفاق والأصحاب والجيران وتركوكم فى العراء ، البحر من أمامكم مدجج بالسفن والبوارج والمدافع وقاذفات القنابل، والعدو من خلفكم جواً وبراً، وبعض من ضعاف النفوس وأصحاب المصالح الدنيوية الزائلة بينكم يرصدون تحركاتكم وأماكن اختبائكم، وكثيرون من أصحاب "الشو الإعلامي" والعاملين فيه حولكم فى العديد من الفضائيات العربية ينفثون سمومهم ويلقون بالتهمة عليكم، ويخلطون الأوراق بصورة هزلية مؤكدين أن السبب فى كل ما يحدث عدم انصياع أعضاء حركة "حماس" لإرادات الانهزاميين ومبادرات العملاء، والذين فتحوا الباب على مصراعيه للعشرات من المنظًرين والمحللين العسكريين والدبلوماسيين الذين يلتمسون الأعذار ويروجون للحجج الواهية متناسين مجازر العدو التى لا تعد ولا تحصى فى "بحر البقر" و"دير ياسين" و"جنين" و"قانا" وغيرها، وأكاد أجزم أن حججهم وأسانيدهم فى تبرير ما يحدث يعجز عنه أعتى عتاة الإجرام فى إسرائيل وعلى رأسهم شارون وبيجين وبيريز وباراك وأولمرت.
أكثر من عشرة أيام مرت كالسنين على أهل غزة.. ذاقوا خلالها كل أنواع العذاب والهوان والانتهاكات لكل الأعراف الإنسانية والآدمية، وأكدت أن الدول العربية موصومة بالتخاذل والجبن وانعدام الضمير، وحكامها وولاة أمورها يتفننون فى تراشق الاتهامات والشجب والتنديد دون إبداء أى فعل إيجابى، وهو ما أشار له حكماء العالم فى مظاهراتهم ولقاءاتهم مع كبار القادة العرب، وكان على رأسهم رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان الذى أشار فى حواره يوم الاثنين مع قناة "الجزيرة" إلى أنه لمس انشقاقا عربيا أكبر من أى وقت مضى، وأكد بكل جرأة أن إسرائيل هى التى خرقت اتفاقياتها وتعهداتها، وهو موقف شجاع بعيدا عما يتشدق به البعض من أن تركيا تسعى إلى البحث عن دور محورى فى الشرق الأوسط، إلى جانب طرد فنزويلا للسفير الإسرائيلى فى الوقت الذى تكتفى فيه بعض دولنا باستدعائه لا لشىء إلا لاستضافته لسؤاله عن مدى إمكانية تخفيف حدة الهجوم وأن يقتصر على الجو لا البر والبحر.
والخوف كل الخوف أن تستغل إسرائيل ما آلت إليه الأمور من خنوع عربى وإسلامى كبير لتنفيذ مخططاتها الوحشية لتهويد القدس وهدم المسجد الأقصى بتكثيف الحفر أسفله وفى محيطه، وهو ما تقوم به بالفعل منذ سنوات عند مدخل باب المغاربة بالمسجد الأقصى الذى يقع على هضبة ترابية، مما أدى إلى سقوط وانهيار جزء من هذا المدخل، ويهدف المخطط الصهيونى إلى إزالة هذه الهضبة ، وهو مخطط قديم جديد يعود إلى مؤسس الحركة الصهيونية "تيودور هرتزل" الذى كان يحلم بأن يدخل إلى الأقصى عبر جسر بهدف الاستيلاء على هذه الأرض التابعة للأوقاف الإسلامية وتغيير معالمها والعبث بالمسجد الأقصى المبارك، لأن هذه الهضبة هى ما تبقى من الوقف الإسلامى من ناحية باب المغاربة.
وعلى أهالى غزة المعروفين بملاحم الصمود والتحدى أن يحافظوا على معنوياتهم رغم البؤس والشقاء والوحدة والعزلة التى أصبحوا يعيشون فيها، وأن يعتمدوا على أنفسهم لأن المؤتمرات العربية والإسلامية ومجلس الأمن لن يعطوهم شيئا والفيتو الأمريكى جاهز لصالح إسرائيل، والرئيس الملعون جورج بوش الذى سيغادر البيت الأسود بعد أيام قليلة مشغول بوفاة الهرة الأولى السوداء "ويلي" التى نفقت عن عمر 18 سنة يوم الاثنين الماضى، والتى عانت فى السنوات الأخيرة من منافسة الكلبين "بارنى" و"بيرلي".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة