«الأسوأ مازال أمامنا»
عبارة قالها اللواء دان هرائيل، نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، فى اجتماعه مع رؤساء المجالس والهيئات المحلية فى المنطقة الجنوبية بعد ساعات من الاجتياح البرى الإسرائيلى لقطاع غزة، الذى بدأ يوم السبت الماضى، والذى أضاف فى كلمته «إن هذه العملية تختلف عما سبقها، لقد حددنا هدفا مرتفعا وسنصل إليه»، مؤكدا أن «العملية مازالت فى بدايتها».
كلمات هرائيل التى تظهر قلقا، ليس على صعيد الاستنزاف الاقتصادى فحسب، وإنما تمتد أيضا إلى ما يمكن أن يتكبده الجيش الإسرائيلى من خسائر، برغم ما يملكه من أسلحة متطورة، مخاوف هرائيل تطرح سؤالا: ماذا فى أيدى حماس من إمكانيات تستطيع بواسطتها مواجهة العدوان الإسرائيلى على الأرض بعد أن امتلكت الجو والبحر فى الجولة الأولى للعدوان الغاشم؟
قبل إجابة الخبراء العسكريين عن السؤال، بدت مخاوف نائب رئيس الأركان الإسرائيلى تترجم نفسها على الأرض فبعد ساعات من الاجتياح البرى أعلنت وكالات الأنباء والفضائيات نقلا عن «سرايا القدس» أنها دمرت دبابة إسرائيلية فى جنوب مدينة غزة بعبوة ناسفة، وقالت كتائب الأقصى إن مضاداتها الأرضية أصابت مروحية، وأذاعت قناة الأقصى أن كتائب القسام تمكنت من اختراق أجهزة اللاسلكى الإسرائيلى، وأعلنت «القسام» أيضا أنها دمرت دبابة إسرائيلية بقذيفة من طراز بى 29، كما أعلنت أنها فجرت عبوتين بآليتين إسرائيليتين، وأعلنت حماس أنها أسرت جنديين وقتلت جندياً، وهو ما نفاه الجيش الإسرائيلى، لكنه أقر بجرح ثلاثين من جنوده فى الهجوم البرى، اثنان منهم فى حالة خطرة.
هذا القدر من المقاومة التى لا تقف على حماس وإنما تمتد إلى باقى الفصائل الفلسطينية الأخرى بما فيها «فتح»، يعزز ماذهب إليه خبراء عسكريون بأن لدى حماس آلاف الصواريخ قصيرة المدى، إضافة إلى عشرات صواريخ «جراد» الأبعد مدى، والتى يمكن أن تضرب مراكز سكنية إسرائيلية على مسافة تصل إلى 40 كيلومترا من الحدود مع قطاع غزة، كما تمتلك حماس عددا محدودا من الصواريخ التى تطلق من الكتف، ويمكن استخدامها ضد طائرات الهليكوبتر أو الطائرات التى تتحرك ببطء، لكن ليست لها قدرة دفاعية تذكر ضد الطائرات الإسرائيلية الحربية وهى الأكثر تطورا فى المنطقة.
أما القوة البشرية المدربة والتى يمكن لها المواجهة البرية ضد إسرائيل، فيرصدها الخبير العسكرى اللواء أركان حرب سابقا، حسام سويلم، فى القوة الأمنية الرئيسية لحماس التى زادت منذ سيطرتها على قطاع غزة فى يونيو 2007، ويعود ذلك جزئيا إلى توفر المال لدى الجماعة لدفع الرواتب، ويشكل أعضاء كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحماس إلى حد كبير نواة هذه القوة، لكنها تضم بعض الأعضاء من جماعات متحالفة معها مثل لجان المقاومة الشعبية، ويعتقد سويلم أن كتائب القسام تضم 25 ألف عضو، لكن من غير المعروف عدد من يتداخلون منهم مع وحدات أخرى.
سويلم أضاف أن حماس تمتلك أسلحة صغيرة وأسلحة متطورة و«آر بى جى» والقنابل المزروعة ضد الدبابات والانتحاريين والعبوات المتفجرة والأساليب غير المباشرة وكتائب القسام والكاتيوشا، لكنه يؤكد أن هذه الإمكانيات لا تستطيع الصمود فى وجه الترسانة المسلحة الإسرائيلية.
هل يمكن أن تحمل عملية الغزو البرى مفاجآت فى المواجهة غير متوقعة من قبل المقاومة الفلسطينية؟ الدكتور قدرى سعيد رئيس وحدة الدراسات العسكرية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام لا يستبعد ذلك قائلا:«هناك عناصر المفاجأة والتكتيكات غير المتوقعة، بجانب حروب العصابات، وعمليات الكر والفر ووضع المتفجرات على الطرق لتدمير القوات الإسرائيلية البرية، أو تقوم حماس بعمليات عسكرية خارج قطاع غزة عن طريق عناصرها و«عملائها» المتاخمين لإسرائيل بالخارج مثل حزب الله وإيران، فهؤلاء هم العناصر الأساسية فى تلك المعادلة الصعبة وغير المتوازنة، الدكتور قدرى سعيد يؤكد أن الاعتماد فى تقدير قوة حماس ينصب بالأساس على الأسلحة التى تمتلكها، مثل المدافع الكبيرة والمجهزة والبنادق الهجومية مع ارتداء بعضهم دروعا واقية وحمل أسلحة مضادة للدبابات جرى تهريبها إلى قطاع غزة عبر أنفاق من مصر أو جرى تصنيعها فى الداخل.. لكن هل ذلك كاف لانتصار حماس خاصة أن الأسلحة التى بحوزتها حسب رأى الخبراء لا تضم دفاعاً جوياً أو مدرعات للصد والرد على الطيران الإسرائيلى؟ الإجابة حملها سعيد قائلاً: ذلك يتوقف على حجم الذخيرة المتاحة لها، فلو استمر الحصار عليها فى ظل عدم وجود إمدادات لها فى المعركة هذه الأيام، وفى ظل توازن استراتيجى مختل لصالح إسرائيل لا أعتقد أن يكون هناك انتصار، فحماس لن تنتصر بإمكاناتها الشخصية المتواضعة إلا إذا ساعدها حلفاؤها. موقع ديبكا الإلكترونى الاستخباراتى الإسرائيلى, يقدم تفسيرا عن حروب العصابات التى تشنها حماس على إسرائيل يتمثل فى: نجاحها فى إيقاف أجهزة الإنذار المبكر عن كل مركبات الجيش الإسرائيلى ثم تدمير هذه المركبات بالقنابل والمتفجرات، وأضاف الموقع أن واضعى السياسات والمخططين لإسرائيل لم يرسموا سياسة واضحة لإيقاف هذه الحروب مع «حركة حماس الفلسطينية الأصولية التى أصبحت الأولى فى حروب العصابات ضد أهم جيوش المنطقة النظامية، والدليل أن إسرائيل استدعت فى هذه الحرب 6500 جندى من قوات الاحتياطى فى اليوم الأول للحرب و2500 جندى فى اليوم الخامس منه رغم أنها تشارك بـ20 ألف جندى».
يوفال ديسكن، رئيس الشاباك الإسرائيلى، ذكر أبرز تكتيكات الحرب «الحمساوية» وهى أن قادة حماس يختبئون فى المساجد والمستشفيات بزى أبيض كالممرضين والأطباء مستغلين عدم ضرب إسرائيل لهذه المناطق المدنية، وهو الأمر الذى نفته حماس.. وبغض النظر عن التأكيد والنفى فإن هذا الأسلوب يعد إحدى الاستراتيجيات الأساسية فى حرب الشوارع بين حماس وإسرائيل، وهو ما لفت إليه أيضاً اللواء وجيه عفيفى خبير الشئون العسكرية النظر قائلاً إن حماس بنت بعض المخابئ المحصنة على غرار المخابئ التى يستخدمها حزب الله فى جنوب لبنان وذلك بالرغم من الاتهامات الإسرائيلية والأمريكية لإيران بتمويل وتدريب وحدات الحركة.
إسرائيل من وجهة نظر عفيفى، قدمت لحماس فرصة على طبق من ذهب بهذا الاجتياح الذى جاء ردا على إطلاق صواريخ «قسام»، ويرجح عفيفى أن تقوم حماس بخطف رهائن من الجيش الإسرائيلى لتستخدمهم فى المقاومة ضد إسرائيل، وستواجه إسرائيل خطرا حقيقيا إذا استمرت فى انتهاجها هذه الاستراتيجية لأنها ستضر فى نهاية المطاف بمكانتها الدولية طويلة المدى.
الخبير العسكرى اللواء المتقاعد ممدوح عطية، يتوقع عدم توغل إسرائيل نحو الوسط والجنوب حتى لا تقع فى الفخاخ الفلسطينية، ولا يستبعد وقوع مفاجآت من المقاومة لوجود أسلحة مضادة بحوزتها، وعبوات ناسفة ومضادة للدبابات وقذائف بكميات كبيرة، أما اللواء جمال مظلوم مستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية فيتوقع مصاعب للجيش الإسرائيلى تتمثل فى تنسيق الأجنحة العسكرية فيما بينها ميدانيا، وتنقل القيادة من مكان إلى آخر بشكل سرى ومحسوب، وباستخدام أساليب حرب العصابات وزرع عبوات ناسفة فى طريق الدبابات الإسرائيلية.
لمعلوماتك...
◄1983 تولت السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة
◄45 مساحة قطاع غزه ثالث أكبر المدن الفلسطينيه
المفاجأة والتكتيكات وحرب العصابات والمتفجرات والصواريخ و«العمليات بالوكالة»..
7 خدع عسكرية يمكن أن تنتصر بها حماس
الخميس، 08 يناير 2009 11:02 م
تدريبات حماس.. هل تفاجئ جيش الاحتلال بما لا يتوقعه
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة