المبررات التى تروج لها إسرائيل لكى يرددها بعدها قادة الدول الكبرى عندما تمارس إسرائيل أفعالاً يعاقب عليها القانون الدولى، لا تتغير كثيراً، فبعد كل هجوم على الفلسطينيين تصرح إسرائيل بأنها "تدافع عن نفسها"، وعندما بدأت قصفها لغزة بالصواريخ يوم السبت الموافق 28 من شهر ديسمبر الماضى، قالت إنها تدافع عن نفسها ضد صواريخ حماس، وبالرغم من رفضها لأى نداءات لوقف إطلاق النار، فإسرائيل وفقاً لما قالته وزيرة خارجيتها تسيبى ليفنى ليست ضد وقف إطلاق النار، وليست ضد الهدنة، ولكن لابد ـ حسب ما قالته أثناء زيارتها لفرنسا - أن تتأكد من عدم استغلال حماس للهدنة لإعادة بناء دفاعاتها.
الصمت والتبرير
تصريحات المتحدث الرسمى للبيت الأبيض وتصريحات الرئيس الأمريكى المنتخب باراك أوباما لم تختلف كثيراً. فأوباما الذى صرح أثناء زيارته لإسرائيل فى يوليو الماضى، بأنه "إذا أطلق أى شخص صاروخاً على بيتى وبه ابنتاى فلن أتوانى عن الانتقام منه ورد الهجوم، وأتوقع من إسرائيل أن تفعل المثل، فى إشارة إلى الهجوم على إسرائيل بصواريخ حماس، مبرراً رد الفعل المستقبلى لإسرائيل.
جوردون دى جويندرو المتحدث الرسمى للبيت الأبيض قال، فى البيان الذى ألقاه، إن إسرائيل ستدافع عن أهلها فى مواجهة الإرهابيين.
"الولايات المتحدة تؤيد إسرائيل 100%، وذلك يعنى أن باقى الدول الأوروبية ستتبع نهج الولايات المتحدة"، هكذا قال اللواء جمال مظلوم الخبير الاستراتيجى مؤكداً أن معظم الدول مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا تتبع نفس المسار إما بالصمت أو بتبرير أفعال إسرائيل، ويضيف اللواء مظلوم أن حتى روسيا المعروفة بتأييدها للقضايا العربية التزمت الصمت حيال الممارسات الإسرائيلية، فهى مصالح تربط الدول بعضها ببعض.
الشعوب لها رأى آخر
الشعوب الغربية لم تعد معظمها ترى إسرائيل فى موقف الضحية بعد الآن، فالمظاهرات الغاضبة التى خرجت فى أنحاء الدول الأوروبية لتعبر عن رفضها للعدوان الإسرائيلى غير المبرر على شعب غزة عبرت عن وجهة نظر لشعب اختلف مع قادته الذين برروا أفعال إسرائيل، فلم تعد تخدعهم التصريحات التى تطلقها حكومات تلك الدول، حتى إسرائيل نفسها وجدت فى شعبها من يملك الرؤية الواضحة بعيداً عن تأثير الإعلام لتخرج جماعات وتنظيمات يسارية إسرائيلية تنادى بوقف الهجوم على غزة.
الدكتورة نادية مصطفى أستاذة العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ترى أن ما يحدث الآن من المسئولين الإسرائيليين حتى وإن كان يقدم بمنطق الضحية، فهو لا يحمل مصداقية لدى الشعوب العربية أو الغربية التى أصبحت تخرج الآن فى مظاهرات تعبر عن غضبها تجاه ما تفعله إسرائيل.
سمة الشارع العربى
الشعوب العربية لم تجد غير المظاهرات المنددة بأفعال إسرائيل العسكرية ضد أهل غزة، حملت خلالها لافتات الدعوة لوقف إطلاق النار، وأخرى للدعوة للجلوس على مائدة المفاوضات بين الجانبين، وأخرى نادت بضرورة تحرك الجيوش العربية لنجدة غزة من العدوان الإسرائيلى، للتشابه مع ردود أفعال الحكومات العربية التى اكتفت بإصدار بيانات إدانة لتلك الهجمات, ودعوات لوقف إطلاق النار.
بعض هذه المظاهرات خرجت تحتج على إسرائيل وعلى حكومات بلادها، مثلما حدث فى المظاهرات التى خرجت فى الشوارع المصرية لتهتف ضد رد فعل الحكومة المصرية، وتتهمها بمشاركتها فى حصار غزة بعد تأثرها بالحملة العربية الإيرانية الموجهة ضد مصر.
د.نادية مصطفى تقول إن الصمت العربى المتمثل فى الشجب والإدانة والتباكى على المآسى الإنسانية أصبح لا يكفى ولابد من وجود تحرك فعلى لمواجهة إسرائيل.
وتضيف الدكتور نادية إن إسرائيل لم تعد بحاجة لبذل الكثير من الجهد فى الظهور بمظهر الضحية، لأنها حصلت على اعتراف قانونى أو ضمنى من أغلب الدول المحيطة بها.
وفشلنا نحن الضحايا فى إثبات حقوقنا ..
كيف برعت إسرائيل "الجانى" فى تسويق نفسها فى صورة الضحية؟
الإثنين، 05 يناير 2009 10:56 ص
الحكومات الغربية تروج لسياسات إسرائيل ضمنياً
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة