الجماعة الإسلامية أصبحت تحدث العالم فى ثوب جديد، وتتعامل مع المتغيرات بما يفتح باباً للنقاش حول جديتها فى مراجعة أفكارها ونبذ العنف قبل 11 عاماً، ومن خلال رسائل متعددة خاطبت بها قيادة الجماعة إدارة باراك أوباما الرئيس الأمريكى الجديد، كان آخرها رسالة تناشده الإفراج عن مفتيها وأهم قادتها عمر عبد الرحمن المسجون منذ 16 عاماً بالولايات المتحدة بتهمة التحريض على تفجير مركز التجارة العالمى عام 1993.
الرسالة تأتى فى توقيت اعتبره المراقبون مناسباً جداً، وفى أجواء تزيد من أمل الإفراج عن عبد الرحمن أو على الأقل إعادة فتح ملفه المغلق منذ ثمانية أعوام وطوال مدة تواجد جورج بوش الرئيس الأمريكى السابق بالبيت الأبيض، خاصة بعد رسائل أوباما السياسية إلى العالم الإسلامى والحركات الإسلامية، ومنها إغلاق سجن جوانتانامو وتعليق المحاكمات العسكرية وفتح الحوار مع العالم الإسلامى، كل هذا دفع الجماعة الإسلامية إلى مناشدة تنظيم القاعدة بوقف عملياتها ضد أمريكا رداً على قرارات أوباما ولو لفترة 120 يوماً، وتطورت الجماعة إلى طلب الإفراج عن شيخهم الضرير ولو لأسباب صحية.
رؤية جديدة
حسام تمام الخبير فى شئون الحركات الإسلامية وصف الخطابات ورسائل الجماعة المتكررة لإدارة أوباما، بأنها رؤية جديدة وتغيير فى خطاب الجماعة تجاه الخارج، خاصة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية ويتماشى مع رغبة الجماعة فى البعد عن أسلوب العنف بكل الطرق، ومنها أيضا مناشدة القاعدة التوقف عن العنف وعقد هدنة مع أوباما، وتعد أيضا رسالة للغرب بأن الجماعة التى كان اسمها وما زال "ماركة مسجلة" فى جماعات العنف التى انتشرت فى المنطقة، واتصلت بالإسلام أنها تحاول رسم صورة جديدة وتأكيد على أنها جادة فى التوقف عن العنف.
يضع عمرو الشوبكى المتخصص فى الشأن الإسلامى بمركز الأهرام للدراسات، هذه الرسائل فى باب الشو الإعلامى ومحاولة إثبات الحضور، ومبرره فى ذلك أن الجماعة لن تنتظر إجابة من أوباما على رسائلها ولا تهتم إدارته بمثل هذه المناشدات،حتى أنه لا توجد آلية من الجماعة، حسب قول الشوبكى، لتفرض هذا النوع من الحلول أو المناقشات فهى غير مؤثرة، ولن تنظر إدارة أوباما حالياً لمثل هذا الملف فى توقيت حرج يتكون من ملفات دولية وقضايا كبرى سياسية كالعراق وأفغانستان وأزمة فلسطين والأزمة الاقتصادية ويترك كل هذا لينظر لقضية عبد الرحمن.
لكن تمام يعتبر أن اللحظة مواتية للإفراج عن عبد الرحمن، وأن أوباما خطى خطوات وقد يتجه فى لحظة قريبة لمثل هذه الملف لتسوية قضايا أثارت حساسيات فى العالم الإسلامى، فتوقيت الخطاب جيد ويصب فى الاتجاه الإيجابى لصالح شيخ الجماعة، الذى تعده مفتيها ومفكرها والأب الروحى ووجوده بينهم خارج أسوار السجن مكسباً كبيراً للجماعة.
تحول خطاب الجماعة
ويتفق تمام والشوبكى فى كون أن رسائل الجماعة إلى أوباما أو القاعدة، ما هى إلا جزء من التحول الخطابى للجماعة ويكون هنا إثبات عملى من الجماعة للنظام المصرى، بأنها ثابتة على موقفها من نبذ العنف وترسل رسالة للغرب تدعوه فيها لفتح صفحة جديدة مع حركات إسلامية كانت تعدها أمريكا مثالاً للعنف، وأن الجماعة تؤكد للعالم الخارجى "العدو البعيد " فى مسمياتها واعتباراتها القديمة على إمكانية الحوار والتلاقى مع الغرب والخارج ولو كان أمريكا ولن تعود لمحاربة الخارج ولا الحكومات مرة أخرى.
لم يعد للجماعة، حسب تمام، أى تأثير عملى ما عدا هذه المناشدات وموقعها الرسمى على الإنترنت، الذى تريد من خلاله مخاطبة من تريد، إلا أن أهمية الخطاب تندرج فى أنه تأكيد على الخطاب الجديد للجماعة ورسم صورة مغايرة للعنف الماضى وتأكيد على التفاعل مع مستجدات الوضع الأمريكى الجديد والخطاب السياسى المرن الذى أبداه أوباما تجاه العالم الإسلامى، لكن الأهم للجماعة حسب تمام هو تأكيدها أنها باقية وما زال له تأثير فى المشهد السياسى ولو عبر خطاب.
بينما يعتبر الشوبكى أن الجماعة الإسلامية لديها آفاقاً جديدة ونية للتفاعل والتواجد ولديها فرصة جيدة، بينما يؤكد عصام دربالة عضو مجلس شورى الجماعة، أن رسالتهم أرسلوها إلى من يهمه الأمر، باعتبار أن الإفراج عن د.عمر عبد الرحمن فرصة لأى إدارة أمريكية جادة، خاصة أنه يدعم توجه الجماعة للعمل السلمى ووقف العنف، خاصة وأن عبد الرحمن كان له موقف صريح مؤيد للمبادرة وخروجه الآن يعنى تغييراً كبيراً فى اتجاه وقف العنف، ليس فى العالم العربى فقط بل فى تنظيم القاعدة أيضا، الذى لعبد الرحمن مكانة عندهم ويمكن أن يستمعوا له.
عيون أوباما
وحول ما إن كانت الإدارة الأمريكية بالفعل تنبهت لمثل هذه الرسائل من الجماعة، أكد دربالة، بأن إدارة أوباما لديها عيون راصدة لكل تحركات ومواقف الجماعات والحركات الإسلامية فى العالم، وبالتأكيد ستصلهم الرسالة وتكون الأيام القادمة التى حددتها الجماعة بـ120يوماً فرصة لاستكشاف وتقييم قرارات وتوجهات أوباما، واستشهد دربالة، بأن نيتهم ورؤيتهم القادمة هى التفاعل الإيجابى مع أى تقدم للغرب يأخذ فى الاعتبار مطالب ومصالح العالم الإسلامى والعربى، وعبرت الجماعة عن هذا فى عدة رسائل بداية من الترحيب بانتخاب أوباما وتوالت حتى وصلت إلى مناشدة القاعدة التخلى عن العمليات المسلحة ضد أمريكا لفترة 120 يوماً لحين تأكد نوايا أوباما تجاه القضايا الإسلامية.
تفاؤل فى الجماعة
وعبر دربالة عن تفاؤله وتفاؤل الجماعة فى الإفراج عن عبد الرحمن قريباً باعتبار أن جورج بوش الرئيس الأمريكى السابق سد كل النوافذ وأغلق كل الملفات، وآخرها ملف المفاوضات القطرية للإفراج عن الشيخ لتأثر بوش بإستراتيجية وسياسية الحرب ضد الإرهاب، واستبعد الحوار، لكن أوباما ليس أسيراً لهذه السياسة، بل أنه مدعم للحوار مع العالم الإسلامى، ونفى دربالة أن تكون قضية عبد الرحمن فقط هى معيار الحكم على توجهات أوباما، لكنه أعتبرها الأكثر أهمية بجانب قضايا الانسحاب من العراق وأفغانستان والعدالة بالقضية الفلسطينية ومناصرة الجاليات الإسلامية فى الغرب وعدم استخدام القوة أو التدخل فى شئون الدول العربية والإسلامية. وذكر أيضا أن أملهم أن التغيير الذى تحدث عنه أوباما يتحقق.
وكان عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة، قال فى رسالة بثها موقع الجماعة على الإنترنت "نطالب بالإفراج عن الشيخ الجليل والعالم الربانى د.عمر عبد الرحمن، الذى مكث 16 عاماً فى حبس انفرادى شديد القسوة وتعرض ومازال يتعرض لأنواع من المعاملة التى لا نرضاها لمسلم، ولو كان ضعيفاً خامل الذكر، فما بالكم لو تعرض لها عالم مشهور من علماء الأمة، إن مثل هذا القرار المأمول سيقابل بارتياح عظيم فى أوساط المسلمين الذين يوقرون هذا العالم الجليل ويعرفون قدره، وسوف يكون له أكبر الأثر فى تحسين صورة أمريكا عند مليار وثلث مليار مسلم فى مشارق الأرض ومغاربها، كما أنه سيسهم لاشك فى إنهاء التوتر القائم بين أمريكا وبين عالمنا الإسلامى.
تستغل أجواء الانفتاح التى بدأت بها الإدارة الأمريكية
نيولوك الجماعة الإسلامية.. رسائل لأوباما بحثاً عن الشرعية والحضور الإعلامى
السبت، 31 يناير 2009 08:30 م
الجماعة الإسلامية تحاول استغلال انفتاح إدارة أوباما
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة