أطلق الشيخ عبد المجيد صبح فتوى عصماء نارية تقضى ببطلان اتفاقية كامب ديفيد لكونها تنتقص من حقوق المسلمين، وأن إسرائيل قد خرقتها عدة مرات، ليؤكد أن هناك "عدم تكافؤ" فسره بموقف مصر "الضعيف الذى يملى عليها"، وهكذا انتقلنا من القانون الدولى وتشريعاته، ومن السياسة وحساباتها إلى الفتاوى التى أصبحت تدخل فى سكة الكلام المعفى من الضرائب والجمارك معا.
الحدود الدينية والسياسية
د.جمال عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية، يؤكد أن مثل هذه الفتاوى الرنانة تقحم الدين فى السياسة، مما له تأثير بالغ على أمن المجتمع المصرى، فعندما تعقد مصر اتفاقية تخص سلامة أرضها وتوقف الحروب عن شعبها، فلا يجوز بأى حال من الأحوال أن يفتى أحد بدون خبرة سياسية أو دينية من على المنبر أمام مئات من المصلين بمثل هذه الفتوى، وكأنها قرار سهل يصدر بدوافع عاطفية.
عبد الجواد أضاف أن اتفاقية كامب ديفيد أمر لا يتعلق بشئون العبادة والدين، بل هو أمر دنيوى، ويرى ضرورة أن يشدد الأزهر والأوقاف على الخطباء بأن خطبة الجمعة ليست مكاناً ليدلى كل خطيب برأيه فى قضايا خلافية لا يفقه فيها شيئاً، وأن توضح الوزارة للخطباء ما هى حدودهم الدينية والسياسية حتى ليحدث تداخل بينهما.
ويؤكد د.جمال أن فتوى العالم تعبر عن رأيه، وليس عن المسلمين جميعاً، وهذا بالطبع ضد مصلحة المجتمع المصرى، وليس لها علاقة باكتمال الإسلام عند المسلمين، وإنما هى مجرد زوبعة كلامية تؤدى إلى تشويه العلاقة بين الدين والدولة وتؤثر على ثقة الناس فى حكومتهم.
تهريج
من ناحية ثانية جاء وصف الشيخ على عبد الباقى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر لهذه الفتوى حاداً وحاسماً، "ده كلام تهريج من أناس لا يفهمون قصدهم إثارة الناس وكسب تأييدهم على حساب الدين بمغالطات سياسية ودعاوى تافهة".
مؤكداً أنه، إذا كان هناك رأى سياسى لرجل الدين فيكون بالعقل وبما يتفق مع الشريعة، وإذا أراد أن يطالب بتغيير شىء من الأمور السياسية، فعليه أن يوجد البديل المعقول أولا، وإذا كان هذا الرجل يريد إلغاء كامب ديفيد، فهذا معناه العودة للحرب، وهى شعارات جوفاء غير مسئولة، أما إذا كان هذا رأيه فيجب أن يحتفظ به لنفسه، عبد الباقى رفض أن يلصق اسم الأزهر بهذه الفتاوى، مضيفاً أن الأزهر قادر على أن يعطى رأيه دون وسطاء أو أشخاص يتحدثون باسمه، ومش كل واحد لبس عمة وقعد على الترعة وقال كلمتين يبقى علم أزهرى.
الدكتور نبيل عبد الفتاح محرر التقرير الدينى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، قال إن من حق كل شخص أن يعبر عن رأيه فى المعاهدات والقرارات والاتفاقيات الدولية، ولكن إدخال الفتاوى فى هذا المجال يحدث خلافاً مع الآخرين فى كثير من الأحيان، وهذه الفتوى تعتبر رأياً سياسياً يقبل الاتفاق والاختلاف من الآخرين، ولكن ليس من السهولة إلغاء كامب ديفيد من جانب واحد، لأن هذا يخلق مجموعة من المشكلات التى قد تؤدى إلى نشوب حرب، فنحن أمام موضوع سياسى تحكمه معايير دولية، ومن الخطأ الظن بأن تحسمه الفتاوى الدينية.
عبد الفتاح أضاف إلى أن هناك العديد من الفتاوى التى أيدت كامب ديفيد، مثل فتوى جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر السابق، وفتوى الدكتور عبد المنعم النمر، كما أن هناك من عارضها، ولكن كل هذه الآراء صنفت بأنها آراء سياسية تعتمد على نصوص دينية وضعية.
ومصر منذ عام 52 بها تداخل بين الدين والسياسة والصراع المتزايد بينهما، مما خلق حرباً من الفتاوى المتناقضة بين مشايخ المسلمين.
خبراء: فتوى إلغاء "كامب ديفيد".. تهريج من لا يفهم لمن لا يعرف
السبت، 31 يناير 2009 04:04 م
الفتاوى أصبحت مهمة كل من هب ودب