الأنبا بيشوى يستكمل مناظرته الفكرية مع د.زغلول النجار حول تحريف التوراة

السبت، 31 يناير 2009 10:51 ص
الأنبا بيشوى يستكمل مناظرته الفكرية مع د.زغلول النجار حول تحريف التوراة الأنبا بيشوى يعقب على ما طرحه د.النجار بشأن تحريف التوراة
كتب جمال جرجس المزاحم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشر اليوم السابع الفصلين الأول والثانى من ثلاثة فصول أعدها الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس ومطران كفر الشيخ ودمياط، لتكون نواة لكتاب جديد يرد فيه على هجوم د.زغلول النجار على الكتاب المقدس، وتحديداً الرد على المقالات التى كان ينشرها د.النجار بجريدة الأهرام، وننشر تالياً الفصل الثالث والأخير من مشروع كتاب الأنبا بيشوى، بعنوان "تحريف التوراة".

تحريف التوراة
يبدأ الأنبا بيشوى الفصل الثالث بقوله، ورد فى مقال د.زغلول النجار المنشور فى جريدة الأهرام (القومية) بتاريخ 25 ديسمبر 2006 على صفحة 24 ما نصه "وعند بعثة المسيح قام اليهود بحرق ما بقى بأيديهم من التوراة لإخفاء البشارة، وصاغوا كتباً جديدة فى القرن السابع الميلادى بأوامر من محفل الشورى اليهودى. وقد استمر التحريف فيها لأكثر من ثمانمائة سنة، ولم تُطبع إلا فى أواخر القرن الخامس عشر الميلادى تحت مسمّى "العهد القديم" وهو مسمّى من وضع البشر، لأن الله ـ تعالى ـ لم يُنزل كتاباً بهذا الاسم. وحتى هذا المؤلَّف ظل يتعرض للتحريف بعد التحريف والتعديل تلو التعديل، وللإضافة والحذف إلى يومنا الراهن. والعجيب أن يقع عالم كبير كالدكتور زغلول النجار فى مغالطة واضحة لا تغيب عن أى قارئ بقوله، إن التوراة (ويقصد أسفار العهد القديم) لم تُطبع إلاّ فى أواخر القرن الخامس عشر. إن السبب ليس الرغبة فى التحريف، كما أراد الدكتور زغلول النجار أن يدّعى، ولكن لأنه لم تكن هناك مطابع قبل تاريخ طبع النسخ الأولى من أسفار العهد القديم، وعلى العموم فيوجد لدينا نص كامل لأسفار العهد القديم العبرى، هو نسخة من مخطوطة تم كتابتها فى معبد عزرا، وهو الذى ينتمى إليه (Cairo Geneza) فى مصر القديمة سنة 1008 ميلادية، ومودعة حالياً فى متحف مدينة "ليننجراد" التى اسمها الأصلى "سان بطرس بيرج" فى روسيا واسم هذا المخطوط Leningrad CodexFirkovich B 19.A، والنص الوارد فيه مطابق لما تم طبعه فى القرن الخامس عشر، ومطابق للترجمة العربية المشهورة باسم (فان دايك) الموجودة اليوم بين أيدينا. ورقمه فى المتحف، فكيف يستقيم هذا مع كلام الدكتور زغلول النجار الذى يقول، إن التحريف فى أسفار العهد القديم قد استمر من القرن السابع الميلادى إلى القرن الخامس عشر أى لمدة أكثر من ثمانمائة سنة تشمل فى داخلها سنة 1008م. ولم يكتفِ بذلك بل أضاف بجسارة أن هذا الكتاب ظل يتعرض للتحريف بعد التحريف والتعديل تلو التعديل وللإضافة والحذف إلى يومنا الراهن. فكيف يتم تحريف كتاب قد تمت طباعته وتوزيع الآلاف من النسخ منه فى أنحاء العالم؟!

وكما سبق أن أوضحنا، فإن مخطوطات قمران التى نسخت فى القرون السابقة لميلاد السيد المسيح، والتى اكتشفت حديثاً بجوار البحر الميت، قد أثبتت أن نصوص أسفار الكتاب المقدس العهد القديم هى نفسها الموجودة بين أيدينا حتى اليوم. ومن ضمن هذه الأسفار سفر إشعياء النبى الكامل الذى يعود نسخه إلى القرن الثانى قبل الميلاد، الذى يحمل كثيراً من النبوات عن حياة السيد المسيح وصلبه وموته وقيامته، ويحمل كثير من الإدانة للشعب اليهودى الذى بالرغم من ذلك لازال يحتفظ بهذا السفر بكامله كما هو بكل ما يحمله من نبوات، حتى عن ميلاد السيد المسيح من عذراء، وتسميته باسم عمانوئيل. وكذلك أن اسمه سوف يدعى "عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ" (اش 9: 6).

لقد سئمنا من هذه النغمة التى تدّعى تزوير أسفار العهد القديم بواسطة اليهود، بالرغم من أنها مملوءة بالنبوات عن السيد المسيح وقد شهد لها السيد المسيح نفسه فى الأناجيل. ونتعجب من تجاهل كل الإثباتات العملية والمكتشفات الحديثة التى هزت ضمير العالم كله وأبطلت دعاوى المشككين من الملحدين فى الغرب، والتى للأسف يرددها اليوم الدكتور زغلول النجار بكل ما يحمله كلامه من متناقضات منطقية وعلمية.

والعجيب أن الدكتور زغلول النجار يقول، إن اليهود قد صاغوا كتباً جديدة فى القرن السابع الميلادى بأوامر من محفل الشورى اليهودى. مع أنه من المعروف تاريخياً أن مجمع اليهود المشهور بمجمع "جامينا" أو "يامينا" قد اجتمع فى أورشليم سنة 90 ميلادية وحدد الأسفار العبرية للعهد القديم أو لكتابهم المقدس، وهى التى سار على منهجها "مارتن لوثر" ومن بعده "فان دايك" فى الترجمة العربية والمنتشرة فى الشرق الأوسط فى الوقت الحاضر، والتى تمت ترجمتها من اللغة العبرية مباشرة.

والنص العبرى للأسفار التى حددها مجمع "جامينا" سنة 90م يتفق مع النص اليونانى لنفس هذه الأسفار الموجود فى الترجمة السبعينية، وهو الذى حفظته الكنائس المسيحية، وموجود فى النسخة الفاتيكانية الموجودة بتحف الفاتيكان التى تم كتابتها فى سنة 328م بالإسكندرية، وكذلك النسخة السينائية إلى تعود إلى القرن الرابع الميلادى الموجودة فى المتحف البريطانى والنسخة الإسكندرية التى تعود إلى القرن الخامس الميلادى الموجودة أيضاً فى المتحف البريطانى بإنجلترا.
فكيف يقول الدكتور زغلول النجار، إن اليهود قد أحرقوا الأسفار الخاصة بالعهد القديم وصاغوا أسفاراً جديدة فى القرن السابع الميلادى. كيف يقول هذا الكلام ومُرسَلاً بغير دليل. وكأنه يحكى قصة من قصص ألف ليلة وليلة.

ويبقى الحديث عن تسمية أسفار "الكتاب المقدس" السابقة لمجىء السيد المسيح باسم "العهد القديم" وإدّعاء الدكتور زغلول النجار، بأن هذه التسمية هى من وضع البشر لأن الله، على حد قوله، لم ينزل كتاباً بهذا الاسم.

ونرد على كلام الدكتور زغلول النجار، بأن تعبير "العهد القديم" قد بناه المسيحيون، وليس اليهود، على كلام السيد المسيح نفسه، وأيضاً على ما ورد فى سفر إرميا النبى قبل مجىء السيد المسيح.

فقد ورد فى نبوة إرميا ما نصّه "هَا أَيَّامٌ تَأْتِى يَقُولُ الرَّبُّ وَأَقْطَعُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْداً جَدِيداً. لَيْسَ كَالْعَهْدِ الَّذِى قَطَعْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ يَوْمَ أَمْسَكْتُهُمْ بِيَدِهِمْ لأُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ حِينَ نَقَضُوا عَهْدِى فَرَفَضْتُهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ" (إر 31: 31).

فكلام الرب فى سفر إرميا عن "العهد الجديد" الذى سوف يتم فى المستقبل، لأن شعب إسرائيل قد نقضوا عهده الأول معهم، تعنى أن هناك عهداً قديماً وعهداً جديداً آخر يجدد الله فيه العهود مع المؤمنين به وبعمله فى خلاص البشرية.

كذلك معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى العبرانيين بعدما أورد نص نبوة إرميا، التى ذكرناها وفيها عبارة "عهداً جديداً"، قال معلقاً على ذلك النص "فَإِذْ قَالَ «جَدِيداً» عَتَّقَ الأَوَّلَ" (عب 8: 13). وهو بهذا قد أشار إلى العهد العتيق أى القديم.

والسيد المسيح نفسه فى ليلة صلبه وآلامه أسس سر الشكر فى العهد الجديد، وقال لتلاميذه "هَذِهِ الْكَأْسُ هِى الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِى الَّذى يُسْفَكُ عَنْكُمْ" (لو 22: 20).

وتحقق بذلك كلام إرميا النبى، أن الرب قد أنشأ عهداً جديداً مع شعبه بدم المسيح بدلاً من دم العجول والتيوس الذى لم يطهر الضمائر، ولا استطاع أن يخلّص البشر من الموت الأبدى، بل كان رمزاً للذبيحة الحقيقية التى ستكفّر عن خطايا العالم كله.

ونظراً لأن الأناجيل قد حملت بشارة الخلاص بدم المسيح، فقد حملت الأسفار المقدسة ومن ضمنها الأناجيل الأربعة اسم "العهد الجديد".
أما الأسفار التى سبقت مجىء السيد السميح، وخاصة التوراة التى ورد فيها دخول الله مع شعبه فى العهد الأول، فقد دعيت بأسفار العهد القديم، وهى تحكى أيضاً عن كل الرموز وتورد كل النبوات التى أنبأت بمجىء السيد المسيح. ذلك فالكتاب المقدس هو كيان متكامل بعهديه القديم والحديث. وأشار إلى ذلك معلمنا بولس الرسول "مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ" (أف 2: 20). فالرسل فى العهد الجديد والأنبياء فى العهد القديم قد تأسست على كتاباتهم وبشارتهم ونبواتهم الكنيسة المقدسة وحجر الزاوية فى الأساس، هو السيد المسيح الفادى والمخلّص. ليت الدكتور زغلول النجار، وهو العالم والباحث الكبير؛ يراجع نفسه فيما يكتبه ويهاجم به كتابنا المقدس.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة