يبدو وزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد فى بعض تصريحاته، كأنه فى بلد آخر غير مصر، فبين الحين والآخر يطلق التصريحات حول ارتفاع الأسعار، وضرورة انخفاضها، وآخرها ما أعلنه منذ أيام قائلا: «إن الحكومة تتخذ كل الإجراءات الممكنة لكى يستفيد المواطنون من انخفاض أسعار السلع عالميا، وإنه لن تكون هناك حماية لمن يرفع الأسعار ولا يستجيب لانخفاضها»، وتكتسب هذه التصريحات غرابتها لأنها تماثل تصريحات سابقة لرشيد، ولم يحدث شىء يشعر من خلاله الناس بأن هناك عصا غليظة للحكومة ترفعها ضد المحتكرين والجشعين الذين يلعبون بقوت الشعب المصرى، دون أدنى مسئولية منهم، ودون إجراءات حاسمة من الحكومة ضدهم، وقد يرد الوزير بأن هناك انخفاضا بالفعل فى بعض أسعار السلع الغذائية، لكن المفارقة أن هذا يتم فى الوقت الذى تنفلت فيه أسعار أخرى لسلع هامة وحيوية مثل الأسمنت.
والمؤشر الذى يجب أن نأخذه من ذلك، أن عملية التحكم فى هذه المسألة لا تخضع لإجراءات حكومية حتى لو قالت الحكومة غير ذلك، بقدر ما تخضع لرغبات من المحتكرين لكل السلع، وفى الذاكرة ما أعلنه رشيد فى شهر رمضان الماضى، بأنه اتفق مع التجار على خفض الأسعار، قال ذلك كأنه يزف بشرى إلى الشعب المصرى، وفى الواقع لم تنخفض الأسعار، ولم يلب التجار رجاء رشيد، مما أعطى وقتها انطباعا بأن الحكومة أضعف من أن تفرض إجراءات حازمة لصالح الناس، والآن يواصل رشيد تصريحاته بتنويعات أخرى تأخذ شكل التهديد، فى الوقت الذى يعرف الناس أن الحكومة دخلت فى اختبارات أخرى من قبل حول ذلك، ولم تنجح فيها، وحين تناولت صحيفة الأهرام هذه القضية فى حوار لها مع رئيس الوزراء أحمد نظيف أجاب بأنه «لو تم التدخل فيها تقلب أيديولوجيا»، وبعيدا عن مثل هذه «القولبة» نقول إن الحكومة تأخذ من أساليب الاقتصاد الحر ظاهرها وليس مضمونها، فأعتى الدول الرأسمالية لايوجد فيها مثل هذا الانفلات، والسبب وجود حزمة من القوانين القوية مضمونا وتنفيذا، تضمن عدم اللعب فى الأسعار، وإخضاع العملية كلها لرغبات فئة مستغلة بعيدا عن أعين الدولة، وليس كما قال رشيد «إنه لن تكون هناك حماية لمن يرفع الأسعار»، نطالب رشيد ومعه الحكومة بالخروج من حيز تصريحاتها «الأخلاقية» إلى اتباع سياسة أكثر حزما يشعر معها البسطاء أن هناك مسئولين يعملون لصالحهم بالفعل، وليس لصاح قلة تكتنز المال بالتحكم فى الأسعار.
الموقف السياسى
مواعظ رشيد لن تؤدى إلى انخفاض الأسعار
الجمعة، 30 يناير 2009 01:30 ص