هدوء ظاهرى يبدو من أول وهلة للناظر لمناطق الأنفاق فى رفح المصرية، فالزائر لا يشعر بشىء إلا إذا تمكن من الدخول قرب الأنفاق مباشرة، خاصة فى منطقة البراهمة، وهى منطقة سكنية كبيرة مكتظة بالآلاف من السكان وآلاف المنازل، والتى يلتصق بها عشرات أو مئات الأنفاق التى يصعب ضبطها.
ورغم تكدس الطرق الرئيسية بقوات الأمن وعربات الجنود التى تغلق الشوارع فى كل مكان، فأنت تستشعر أن رفح مدينة أشباح، عسكرية من الخارج ويحيطها الغموض من الداخل . 3 ساعات هى المدة التى قضيتها فى حى البراهمة وكانت كفيلة برصد الواقع داخل الحى، الذى تحولت رائحته إلى رائحة الوقود المهرب (الجاز والبنزين).
فقد رمقت عيناى مخزنا كبيرا عبارة عن وكر مغلق لتهريب الوقود يقف على بابه شاب، وجه لنا بعض السباب لاننا اقتحمنا السرية المفروضة على المخزن والذى لا نعلم إن كان معروفا للأمن أم لا، لكننى اندهشت من هذه السيارة الكبيرة المحملة بالوقود قرب الحدود والتى كانت تفرغ الوقود ليتم نقله للجانب الأخر أو ضخه عبر مضخات قوية بكل هدوء واستقرار، ولكن بدد هذا الاندهاش أحد العاملين، والذى خاطبنى قائلا "العمل فى الأنفاق مشروع مربح وأفضل من البطالة"، طالبا منى أن أترك الصحافة للعمل معهم وأخبرنى بأنه يكسب الآلاف شهريا .
وأضاف الرجل هناك 1664 نفقا ، دمرت إسرائيل منها حوالى 400 فقط فى حى السلام والبراهمة والقشوط والبرازيل من خلال القصف الجوى، متابعا "الأنفاق حياتنا، وإذا ضبطت الحكومة نفقا فإن غيره يعمل وهكذا، والأنفاق كلها لا تعمل فى وقت واحد حتى لا يتم ضبطها جميعا، فهناك أنفاق احتياطية لأى أنفاق يتم تدميرها" .. وهنا انتهى كلام الرجل.
الأنفاق..أرقام وإحصائيات
أعلنت أجهزة الأمن المصرية بشمال سيناء أن مصر ضبطت أكثر من 280 نفقا حدوديا بين الرفحين، من أول يناير 2008 حتى 25 يناير 2009، وأنها صادرت كميات كبيرة من البضائع والوقود زادت قيمتها عن 30 مليون جنيه مصرى.
وقالت المصادر إن الجهود المصرية وحدها كفيلة بضبط الأنفاق الحدودية دون الحاجة إلى مساعدة من دول أخرى، رغم إرسال الولايات المتحدة الأمريكية 15 ضابطا ومهندسا أمريكيا لمناطق الحدود المصرية الفلسطينية منذ عدة أشهر، مكثت قرابة 20 يوما قامت بتدريب عناصر من الأمن المصرى على استخدام تقنيات حديثة لرصد الأنفاق، وهى الأجهزة التى تكلفت أكثر من 28 مليون دولار، تم خصمها من المعونة الأمريكية لمصر بمجرد الانتهاء من عمليات التدريب.
وأشارت تقارير إلى أن القوات المصرية والأمريكية المشتركة ضبطت 45 نفقا خلال شهر واحد فقط بخلاف انهيار عدد من الأنفاق الأخرى، راح ضحيتها أكثر من 15 فلسطينيا ومصريا من المهربين، وادعت وقتها حركة حماس أن الجانب المصرى يستخدم مواد سامة "غازات" فى الأنفاق لقتل الفلسطينيين، وهو ما نفاه الجانب المصرى بشدة بعد ارتفاع ضحايا الأنفاق إلى أكثر من 55 فردا.
الأنفاق دفعت الكثير من الوفود الأجنبية للحدود بهدف التعرف على الجهد المصرى فى ضبط الحدود، مثل زيارة السفيرة الأمريكية فى القاهرة ووزير الخارجية الألمانى والسفير الألمانى... وغيرهم .مما يذكر أن أكثر من 18 زيارة للحدود قامت بها وفود أجنبية مختلفة فى الفترة من أول يناير 2008 حتى اليوم 30 يناير 2009.
وتسعى مصر خلال زيارات الوفود للتأكيد على الجهد الكبير لضبط الأنفاق، والمطالبة بزيادة قواتها على محور فلادلفيا إلى 2500 جندى على الأقل بدلا من 750 جنديا فقط حاليا، إلا أن الأمر يرجع إلى رفض إسرائيل، وإن كانت تفكر حاليا فى الموافقة وتعديل أحد بنود اتفاقية السلام "كامب ديفيد" الخاصة بتواجد 750 جنديا فقط على محور فلادلفيا.
بسبب الأنفاق.. مصر قبلة للوفود العسكرية الأجنبية
الجمعة، 30 يناير 2009 06:58 م
الأنفاق مشروع ضد بطالة المصريين وصداع يؤرق إسرائيل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة