المهم أن الخيال الشعبى الذى دشن أهالى دمياط، ماركة مسجلة فى البخل، وسلعة تصديرية فى الحرص، معتمدا على بعض «الشواهد» باعتبار أنه لا يوجد دخان بلا نار، هو نفسه الذى أسبغ صفة الكرم الحاتمى على أهالى الشرقية لسبب تاريخى يدور حول تلك الواقعة الأسطورية، التى عزم فيها الشراقوة جميع ركاب القطار دفعة واحدة فى أشهر «توريطة» عرفها التاريخ المعاصر، تاريخ الواقعة مختلف عليه، لكن من المرجح أنها كانت عام 1917، وتحديدا فى شهر رمضان الفضيل، حيث تعطل قطار خط الشرق بالقرب من قرية «أكياد»، التابعة لمركز فاقوس، وحان وقت أذان المغرب، وعلى متن القطار عدد هائل من التجار من مختلف الجنسيات خصوصا من الشوام والأتراك والإنجليز.
ماذا يفعل عمدة «أكياد»؟
هل يرفع الشعار الدمياطى الخالد: تتعشى ولاَّ تنام خفيف؟ أم يكتفى بتوزيع الماء، وربما بعض العصائر على أهالى القطار، خصوصا من المسلمين «ليجرحوا» صومهم، ومن غير المسلمين ليعرفوا أن الشراقوة أهل كرم!.. لا هذه ولا تلك..
أصدر الرجل حكما لا نقض فيه ولا استئناف، يقضى بإنزال جميع الركاب ودعوتهم لتناول الطعام، وأعلنت حالة الطوارئ فى بيوت القرية، ونسى الأهالى أنفسهم، وأقاموا الولائم ونحروا الذبائح، من كان يملك خروفا لم يبخل به، ومن عنده الماشية جاد بها، كل بيت حسب مقدرته استضاف ما شاء الله له أن يستضيف من الركاب الذين أذهلهم الموقف، وحين عادوا لبلادهم ظلوا يحكون تلك الواقعة المدهشة، إلى أن وافتهم المنية.. بالطبع الدمايطة -أمثالى- يجدون صعوبة فى استيعاب ما حدث، لكن الدهشة تزول حين نتذكر التكوين البدوى الصحراوى للكثير من الشراقوة الذين انحدروا من قبائل وعشائر عربية تقدس عادة إكرام الضيف وإغاثة الملهوف، حتى أن أشهر رواية فى جيل التسعينيات المصرى، حملت اسم «الخباء» أى «الخيمة»، وليس مصادفة أن صاحبتها -الصديقة ميرال الطحاوى- شرقاوية.
لمعلوماتك...
◄1917 عزم عمدة أكياد القطر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة