على الرغم من استطلاعات الرأى الإسرائيلية التى تعكس تأييد نسبة كبيرة من الإسرائيليين لعمليات القصف الجوى على غزة، نشرت صحيفة هاآرتس مقالا للمؤرخ الإسرائيلى توم سيجاف الذى ينتمى إلى ما يطلق عليه "المؤرخون الإسرائيليون الجدد"، تم ترجمته فى صحيفة ليبراسيون الفرنسية، ويتبنى وجهة نظر إسرائيلية معاكسة تذهب إلى أن الخيار العسكرى قد أثبت خطأه فى كل مرة لجأت فيها إسرائيل إليه، وأن حركة حماس ليست منظمة إرهابية وإنما هى حركة دينية وطنية، تملك إسرائيل سبلاً كثيرة للتفاوض معها، حتى لو أدعت غير ذلك، وفيما يلى نص الترجمة.
أذاعت القناة الأولى فى التليفزيون الإسرائيلى يوم السبت الماضى صباحا برنامجا مثيرا للانتباه. ففى حين كان يتحدث مراسلو القناة من مدينتى سديروت وأشكلون، كانت تظهر على الشاشة مشاهد من قطاع غزة. وهكذا كان هذا البرنامج التليفزيونى يبعث، لا إردايا، الرسالة الصحيحة: لا فرق بين طفل سديروت أو طفل غزة، ومن يؤذى أحدهما أو الآخر فهو مجرم.
فى البداية وقبل كل شىء، لا تستوجب الهجمات ضد غزة إدانة أخلاقية بقدر ما تتطلب بعض الإيضاحات التاريخية. إن مبررات الهجمات التى ساقتها إسرائيل، وكذلك الأهداف التى حددتها لها ما هى سوى إعادة تقديم للافتراضات الأساسية ذاتها، التى أثبتت خطأها الواحدة تلو الأخرى. ومع ذلك، لا تتوقف إسرائيل عن إخراجها من جعبتها حرب وراء حرب. إسرائيل تضرب الفلسطينيين لتلقينهم درسا، أى نفس اللازمة التى رافقت المنظومة الصهيونية منذ بداياتها والتى تقول: "نحن أهل التقدم والمعرفة والمنطق المتفوق والأخلاق، فى حين أن العرب هم شعوب بدائية وعنيفة، مجرد أطفال جاهلين يتحتم تربيتهم، وتلقينهم الحكمة بأسلوب العصا والجزرة بالطبع، كما يفعل الفلاح مع حماره".
من المفترض كذلك أن تقوم تفجيرات غزة بتصفية حركة حماس، توافقا مع افتراض آخر فى أساس الحركة الصهيونية، وهو إمكانية فرض إدارة معتدلة على الفلسطينيين، إدارة لا تعمل على تشجيع تطلعاتهم القومية.
فضلا عن ذلك، ظلت إسرائيل تعتقد طويلا أن معاناة المدنيين الفلسطينيين كانت ستؤدى لا محالة إلى انقلابهم ضد قادتهم الوطنيين. وفى كل مرة، كان يتجلى خطأ هذا الافتراض. كما أن إسرائيل كانت تستند فى كل حروبها على أحد المعطيات التى رافقتنا هى أيضا منذ البداية، ألا وهى أننا لا نقوم بشىء سوى بالدفاع عن أنفسنا.
فى هذا السياق نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت فى الصفحة الأولى يوم الأحد: "نصف مليون إسرائيلى تحت نيران العدو، كما لو لم يكن قطاع غزة قد خضع يوما لحصار ممتد، قد قضى على فرص جيل بأكمله فى أن يعيش حياة تستحق أن يحياها.
يجب الاعتراف بأنه من الاستحالة العيش تحت نيران القصف اليومى، حتى مع عدم وجود أى مكان اليوم فى العالم تنعدم فيه احتمالات الخطر تماما. بيد أن حماس ليست منظمة إرهابية تحتجز سكان غزة كرهائن، إنما هى حركة دينية وطنية، وغالبية الغزويين يؤمنون بالطريق الذى اختارته. ومن المؤكد أنه يمكن مهاجمتها، ومع اقتراب انتخابات الكنيست، قد يؤدى هذا الهجوم بشكل أو بآخر إلى نوع من وقف إطلاق النار. غير أنه فى هذا السياق، هناك حقيقة أخرى يجدر الإشارة إليها، وهى أنه منذ فجر الوجود الصهيونى على أرض إسرائيل، لم تحرز أية عملية عسكرية تقدما فى الحوار مع الفلسطينيين.
وتتمثل أخطر الأشياء فى تلك المقولة المتكررة حول عدم وجود أحد للتفاوض معه. لم يكن ذلك هو الحال على الإطلاق فى يوم من الأيام. فهناك سبل للحديث مع حماس، وإسرائيل تملك شيئا يمكنها منحه لهذه المنظمة. إنهاء الحصار على غزة والسماح بحرية الحركة بين غزة والجانب الغربى قد يمكنا قطاع غزة من استعادة الحياة.
فى الوقت ذاته، أصبح الأمر يستحق إزالة الغبار عن المشروعات القديمة التى تم صياغتها فى أعقاب حرب الأيام الستة، والتى تتعلق بإعادة توطين آلاف العائلات من غزة إلى الضفة الغربية، حيث إن تلك المشروعات لم تدخل يوما حيذ التنفيذ، لأن الضفة الغربية قد أعدت لاستقبال المستوطنين اليهود. وقد كان هذه الأمر أكثر الافتراضات ضررا على الإطلاق.
ليبراسيون: المؤرخون الإسرائيليون الجدد يعتبرون حماس حركة دينية وطنية والحرب خياراً فاشلاً
السبت، 03 يناير 2009 03:33 م
توقعات إسرائيلية بفشل العدوان على غزة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة