لا أدرى ما الذى يدعو بعضهم إلى استباق الأمور دائما، والتصريح بما ليس له نصيب من الصحة أو له نصيب، ولكن ليس بالشكل الصحيح، وأنا لا أراوغ هنا بل أقصد تصريحات الدكتور موفق الربيعى حول مدينة أشرف وأشعر بمزيد من التوتر والغضب لإمكانية صدورها عن مسئول عراقى يتسلم منصباً أمنياً رفيعاً قبل أن يدرس الحقائق ويتيقن من الوقائع، فبعد تصريحاته الفارغة، وليقاضنى على هذا القول، لأنها ثبتت فعلا أنها فارغة على لسان الناطق باسم الحكومة العراقية الدكتور على الدباغ، حيث نفى باسم الحكومة العراقية وجود خطط لتسليم عناصر مجاهدى خلق الموجودين فى معسكر أشرف إلى السلطات الإيرانية.
وأوضح الدباغ فى حديث خاص لـ"راديو سوا" أن وضع المقيمين فى معسكر أشرف وضع إنسانى، وأنهم سيتمتعون بذات المعاملة التى يتمتعون بها فى الوقت الراهن.
بيد أن الدباغ لم يوضح فيما إذا كانت هناك خطط لتسفير عناصر المنظمة إلى دولة ثالثة، لكنه قال إن الحكومة ستعمل وفق الدستور العراقى، وضمن القوانين الدولية المعمول بها فى حالات كهذه. ولا يمكن لا على وفق الدستور العراقى ولا على وفق القوانين الدولية، وبخاصة معاهدة جنيف الرابعة البند السابع إجبار لاجئ على مغادرة البلد الذى يعيش فيه لاجئا، وفى أحكام اللجوء بحكم الأمر الواقع (DEFACTO)، مما لا يفهمها ولم يطلع عليها السيد الربيعى اشتراطات لا تسمح حتى لسيادة البلد الذى لجأت إليه جماعة أن تقف فى معارضة المجتمع الدولى وقوانينه، وأن تسفر قسراً هؤلاء إلى دولتهم أو إلى أية دولة لا يرغبون بها، وذلك ما عناه ويعرفه الدباغ ويجهله للأسف مسئول فى مستوى الربيعى الذى اقترح عليه إما أن يعاود الدراسة فى أمور السياسة والقانون الدولى مادام قد ترك الطب أو يقتعد البيت بدلاً من أن يقرر فى أمور تخص سمعة العراق والتزاماته الدولية.
وهذا غيض من فيض، مما سببته تصريحات السيد الربيعى عالمياً، وعلى ضوئها وحرصاً على سمعة العراق نطالب كمثقفين عراقيين تهمنا سمعة العراق الدولية أن يحاسب الربيعى على عجلته، وتصريحاته دون تخويل أو أن يطرد حتى من موقعه إذا ثبت أنه لا يليق به فقد تكررت منه، مثل هذه التصريحات المؤذية عراقياً.
فباسم 8500 من الحقوقيين والمحامين فى كل أرجاء أوروبا وأمريكا بعثت اللجنة الدولية للحقوقيين دفاعًا عن «أشرف» برسائل إلى كل من الرئيس الأمريكى ووزيرة الخارجية الأمريكية ووزير الدفاع الأمريكى، وقيادة القوات متعددة الجنسيات فى العراق احتجت فيها بشدة على تصريحات موفق الربيعى مستشار الأمن القومى فى الحكومة العراقية عشية زيارة رئيس الوزراء العراقى إلى طهران، ووصفتها بأنها تعكس الضغوط الهيسترية التى يمارسها النظام الإيرانى على الحكومة العراقية إثر توقيع الاتفاقية الأمنية مع أمريكا. وأكدت اللجنة الدولية للحقوقيين دفاعًا عن أشرف أن السيد الربيعى يقوم بتهديد سكان «أشرف» فى حالة ممارسة نشاطات ثقافية ودينية واجتماعية فى الوقت الذى التزم فيه الصمت المطلق تجاه جرائم النظام الإيرانى وعملائه بما فيها تفجير محطة ضخ المياه إلى «أشرف» وأنابيب إسالة الماء إليها، وكذلك قصفها الصاروخى، واختطاف بعض أفرادها وتفجير حافلة العمال العراقيين.
كما وفى رسائل بعثت بها إلى كل من الرئيس الأمريكى ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس والسفير الأمريكى فى بغداد رايان كراكر، وقائد القوات متعددة الجنسيات فى العراق الجنرال أوديرنو ورئيس الوزراء العراقى قالت اللجنة البرلمانية البريطانية من أجل الحرية فى إيران: إننا نشعر بقلق بالغ من تصريحات مستشار الأمن القومى العراقى السيد الربيعى التى هدد فيها سلامة وأمن أعضاء منظمة مجاهدى خلق الإيرانية المقيمين فى مدينة أشرف. وقد تحدث الربيعى عن تنفيذ خطة فى الحكومة العراقية تقضى بإغلاق مخيم أشرف وإعادة سكانه إلى بلدهم أو ترحيلهم إلى بلد ثالث، إننا مطلعون على مؤامرات النظام الإيرانى ضد منظمة مجاهدى خلق الإيرانية. إن هذه التصريحات ليس من شأنها إلا فسح المجال وتمهيد الطريق أمام عملاء نظام طهران لتنفيذ مزيد من العمليات الإرهابية ضد مخيم أشرف، مما سيؤدى إلى وقوع مأساة بشرية. كما وأن هذه التصريحات انتهاك لحقوق أعضاء منظمة مجاهدى خلق الإيرانية المقيمين فى أشرف، وهم محميون بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والقوانين الإنسانية الدولية والقانون الدولى.
وعلى الصعيد المتصل وباسم عدد من الشخصيات الفرنسية البارزة من أبرز الأحزاب فى فرنسا بعثت اللجنة الفرنسية من أجل إيران الديمقراطية برسائل إلى كل من الرئيس الأمريكى، ورئيس الوزراء العراقى أعربت فيها عن قلقها البالغ من تصريحات موفق الربيعى مستشار الأمن القومى العراقى ضد سكان أشرف كونها تتعارض بوضوح مع الحريات وحقوق الإنسان والاتفاقيات والمعاهدات الدولية وأدانت بقوة هذا الموقف ضد سكان أشرف، قائلة: إن الاتحاد الدولى لحقوق الإنسان والمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة والجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبى والبرلمان الأوروبى، وكذلك منظمة العفو الدولية وكلها أكدت بإلحاح فى أية فرصة على الحقوق الثابتة لسكان أشرف. ويأتى هذا فى وقت تمهد فيه تصريحات مستشار الأمن القومى العراقى الطريق أمام النظام الإيرانى لخلق مأساة بشرية.
هذا وأكدت اللجان البرلمانية والسياسية لأصدقاء إيران الحرة فى النرويج والدانمرك والسويد فى رسائلها إلى رئيس الوزراء العراقى أن مستشار الأمن القومى فى الحكومة العراقية يقوم بتهديد سكان «أشرف» فى حالة ممارسة نشاطات ثقافية ودينية واجتماعية فى الوقت الذى التزم فيه الصمت المطبق تجاه جرائم وتدخلات النظام الإيرانى وهجماته الإرهابية ضد سكان «أشرف» وفى الوقت الذى أعرب فيه 5 ملايين و200 ألف من المواطنين العراقيين فى يونية عام 2006 و450 ألفًا من أهالى محافظة ديالى العراقية فى يونية عام 2007 وثلاثة ملايين من شيعة العراق فى يونية عام 2008 عن أقوى دعم وتأييد منهم لمنظمة مجاهدى خلق، وسبق ذلك أن قام 12 ألفًا من الحقوقيين والمحامين العراقيين بدعم وتأييد مجاهدى خلق بعد إجرائهم تحريات وتحقيقات لمدة طويلة.
كما وفى رسالة عاجلة منها إلى رئيس الوزراء العراقى قالت اللجنة الألمانية للتضامن من أجل إيران الحرة والتى تضم من بين أعضائها 50 نائبًا فى البرلمان الاتحادى الألمانى من جميع الكتل البرلمانية الألمانية: إننا أصبنا بصدمة شديدة نتيجة سماعنا تصريحات السيد موفق الربيعى مستشار الأمن القومى العراقى بخصوص مجاهدى مدينة أشرف، أما الأمر الذى يزيدنا قلقًا فهو أن هذه التصريحات تطلق على عتبة زيارتكم إلى إيران، ويبدو أن السيد رئيس الوزراء أدرك خطورة الأمر فأجل زيارته إلى طهران، إن هذه التصريحات تنطبق وتنسجم تمامًا مع مطلب النظام الإيرانى الذى أعلنه حتى الآن مرارًا وتكرارًا وأثار الاستهجان والاستنكار على الصعيد الدولى، إن هذه التصريحات انتهاك سافر للقوانين والاتفاقيات الدولية التى التزمت بها حكومتكم، إننا نشعر بقلق بالغ من أن تعطى هذه التصريحات النظام الإيرانى مزيدًا من الضوء الأخضر لينفذ عمليات إرهابية أخرى ضد معسكر أشرف. إن العالم لا يمكن له أن يشاهد «سربنيتسا» أخرى، إن القوات متعددة الجنسية والحكومة العراقية والحكومة الأمريكية عليها مسئولية مباشرة عن منع وقوع مأساة بشرية أو كارثة إنسانية ضد سكان مدينة أشرف. إن ترجمة ما نسب من الأقوال إلى السيد الربيعى لن تكون على أرض الواقع إلا جريمة حرب لا يجوز لأية دولة أن تسكت عنها. إن الجرائم البشعة التى ارتكبها النظام الديكتاتورى الحاكم فى طهران ضد معارضيه السياسيين والتى يعلمها كل العالم تبادر إلى الأذهان وقوع مأساة إنسانية مفجعة فى الأفق المنظور. ها هو العالم ينظر الربيعى كمجرم حرب، فأى عراقى يرضى أن يكون مسئول أمنه مجرم حرب؟؟؟؟