حامد نصار: القيادة الحقيقية للسنة فى العراق

السبت، 03 يناير 2009 02:12 م
حامد نصار: القيادة الحقيقية للسنة فى العراق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وددت فى مقالى هذا أن أتناول جزئية صغيرة من جزئيات التركيبة التى تقود العملية السياسية فى العراق، وهى القيادة السنية الحقيقية، وليست الظاهرة والمحرك الذى يقف وراء تحريك الشارع السنى فى الانتخابات وغيرها من الممارسات السياسية.

لقد وافق العراقيون السنة على الدخول فى العملية السياسية بعد أن تكونت لهم القناعات الكافية للمشاركة، حين أدركوا أن عدم المشاركة سيولد مخاطر أكبر من خطر الاحتلال ذاته وستضيع حقوق ويختل التوازن فى حال غيابهم عن السلطة.

وقد ظهرت أحزاب وتكتلات وتنظيمات مختلفة طرحت نفسها كقيادات سنية على مستوى العراق أو محافظة معينة أو توجه معين داخل الأوساط السنية، كالحزب الإسلامى العراقى، الذى فاجأ الساحة العراقية بشكل عام بظهوره السريع بـ 450 شعبة حزبية موزعة على أغلب محافظات العراق، والشعبة تمثل قضاء أو ناحية أو أكثر من قضاء أحياناً حسب الرقعة الجغرافية، ومن أول يوم لإعلانه انبرت قياداته للعمل السياسى وملأت جماهيره الشوارع بهتافاتها وأهازيجها الحماسية. وفى الحقيقة فإن هذا الظهور المفاجئ السريع والواسع لم يكن قطعاً وليد لحظته، بل عرفنا فيما بعد أنه وبعد تأسيسه فى العام 1960 وإيقافه عن العمل بعد أكثر من عام من تأسيسه لم يتوقف عن العمل، بل تقول قياداته، إنه دخل فى مرحلة العمل السرى أو ما يسمونها "مرحلة دار الأرقم"، وقد كنا نسمع عن اعتقال النظام السابق لشبكات من تنظيمات سرية للإخوان المسلمين فى العراق فى بداية تسعينيات القرن الماضى ونهايتها.

ومن التنظيمات الأخرى هيئة علماء المسلمين بقيادة حارث الضارى، ومجلس الحوار الوطنى بقيادة صالح المطلك وخلف العليان، ومؤتمر أهل العراق بقيادة عدنان الدليمى، فضلاً عن تنظيمات وأحزاب كثيرة فرعية نشأت فيما بعد كتجمع العشائر الوطنى المستقل الذى شكله عمر هيكل الجبورى وتنظيمات الصحوة والإسناد فى الأنبار وغيرها وهلم جراً.

ولو دققنا النظر فى كل ما ذكر من تسميات واستعراض الواقع لوجدنا أن القيادة السنية الحقيقية فى الشارع هى الحزب الإسلامى العراقى، وما بقية التنظيمات إلا تابعة أو شبه تابعة لهذا الحزب، ولا يمكنها الاستغناء عن تحركاته وأطروحاته بما يمتلكه من سعة انتشار وتجربة قديمة فى السياسة والعمل الجماهيرى، فهم أصحاب الثقل الحقيقى.

إن هيئة علماء المسلمين نظرت لها وشكلتها قيادات من الإخوان المسلمين فى العراق على رأسهم محمد أحمد الراشد ومحسن عبد الحميد، وهما اللذان رشحا حارث الضارى لرئاستها باعتباره يرجع إلى بيت وطنى عريق، وهو أحد أحفاد ضارى المحمود، الذى قتل القائد الإنجليزى "لجمن"، لكنه فشل بعد بضعة سنوات فى قيادة الهيئة، مما أدى إلى خلافات عميقة بين قيادة الإخوان وقيادة الهيئة التى رفضت التنازل عن القيادة وهربت إلى خارج العراق محتفظة بأموال الهيئة وشرعت بإصدار البيانات من خارج العراق، غير أنها فى النهاية فقدت شعبيتها وسلطتها الشرعية على الشارع السنى.

كما أن المنظر لجبهة التوافق العراقية، هو أحد قيادات الإخوان والحزب الإسلامى فى العراق، وهو المهندس الراحل إياد العزى، الذى اغتيل على يد تنظيم القاعدة فى منطقة اليوسفية جنوب بغداد. وكان هدفه ضم من لم يستوعبه الحزب فى تنظيمه حتى لا يبقى فرد واحد دون تنظيم أو انتماء، كما أنه لم يكن يرى صحة انفراد حزبه بقيادة السنة فى العراق، فضم إليه أقليات مشتتة، غير أن أولئك الذين ضمهم كخلف العليان وصالح المطلك ما أن رأوا النور وعرفوا الطريق حتى فروا متخذين موقف المعارض للحزب الإسلامى، الذى لم يشأ شن هجمة ضدهم لكونهم لا يشكلون خطراً على مسيرته، فهم لا يمتلكون جمهوراً واسعاً أو برامج رصينة يجذبون بها جمهور الحزب الإسلامى.

حين وجدت نفسى وسط أفواج المتظاهرين من الناس بدعوة من جبهة التوافق العراقية فى حى اليرموك وسط بغداد للتنديد بالعدوان على غزة، اكتشفت أن الجماهير جماهير الحزب الإسلامى والتنظيم كله داخل أروقة مقراته واللجان المنظمة، هم أعضاء فى الحزب، وفى يوم 1/1/ 2009 عشت لساعات مع تجمع لجبهة التوافق حضره آلاف من المواطنين من بغداد وسامراء وديالى ونينوى وصلاح الدين، فلم أشك للحظة أن العمل من ألفه إلى يائه، والجماهير من صغيرهم إلى كبيرهم، من مؤيدى الحزب الإسلامى.

بعد هذا نخرج بنتيجة مجزوم بها ولا تقبل الشك، هى أن التنظيم الذى يقود السنة فى العراق، هو الحزب الإسلامى العراقى، الذى شكلته جماعة الإخوان المسلمين المعلنة فى العراق، علما أن هذا الجماعة لم تعلن عن نفسها إلى اليوم، غير أنها موجودة قبل تأسيس الحزب الإسلامى ذاته ويبدو أنها تنظم حياة السنة عن طريق المساجد والكتب وإنشاء التنظيمات المختلفة كالحزب الإسلامى وغيره ومراكز للبحوث ومعاهد للتدريب والتطوير، وربما أن عدم الإعلان والعمل خلف الكواليس هو أحد استراتيجيات هذه الجماعة التى ترتبط بتنظيم عالمى للإخوان المسلمين يمتد فى 84 دولة من دول العالم كما يصرحون بذلك.

•كاتب وإعلامى عراقى





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة