هل يتعطل مشروع مصر فى زراعة الأراضى السودانية بسبب الخلافات؟ وهل الحكومة السودانية ترفض بالفعل منح مصر أراضى؟ وما هو مدى احتياج مصر لمثل هذا المشروع ؟ .. أسئلة باتت مطروحة للنقاش بعد تأخر الحكومة المصرية فى تنفيذ ما أعلنت عنه، ففى الوقت الذى نفى فيه رئيس البرلمان السودانى أحمد إبراهيم الطاهر ما تردد عن رفض الحكومة السودانية منح مصر أراضى لإقامة مشروعات زراعية فى السودان، نفى أيضا الدكتور سعد نصار مستشار وزير الزراعة المصرى وجود أى توتر فى العلاقات المصرية السودانية، مؤكدا أن المشروع الزراعى هناك يسير كما هو متفق عليه ولا توجد أى خلافات نهائيا، إنما ما يعوق المشروع حتى الآن هو الإمكانيات المادية، لذا فإن وزارة الزراعة ستطرح المشروع على الشركات الزراعية الخاصة. وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى كانت قد أعلنت عن توقيع بروتوكول تعاون مع الحكومة السودانية لزراعة مساحة 2 مليون فدان.
البطء فى التنفيذ الذى قال عنه رئيس البرلمان السودانى هو ما دعا الدكتور إمام الجمسى أستاذ الاقتصاد الزراعى بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعى إلى الإعراب عن تخوفه من فشل المشروع للمرة الثانية، خاصة من القوى الاقتصادية الخارجية التى لا تريد أن تكون مصر من الدول التى تعتمد على نفسها فى سد العجز بالنسبة لهذا المحصول بالتحديد، وما حدث فى مشروع أحمد الليثى وزير الزراعة السابق الذى نفذه، ومحاولته أن يكون لها اكتفاء ذاتى من القمح خير شاهد على ذلك.
الجمسى اتفق مع وجهة نظر وزارة الزراعة فى الاتجاه للخارج فى الزراعة، خاصة وأن مصر تعانى من أزمة فى المياه ظهرت بوادرها خلال العامين الماضيين. مشروع زراعة الأراضى السودانية، وحسب وجهة نظر د. الجمسى، كان مشروعا وضعته مصر منذ السبعينيات من القرن الماضى، فقد كان السودان وقتها يريد بيع الأراضى الصالحة للزراعة لمصر، بجنيه واحد للفدان، وقتهاوتم تعطيل المشروع لأسباب غير معلومة، واعتقد ـ والكلام للجمسى ـ أن الزراعة بالأراضى السودانية شىء جيد لأسباب:
أولها أنها ستعطى شيئا من التكامل المصرى السودانى، اقتصاديا واجتماعيا، إضافة إلى تدعيم الأمن القومى بين البلدين، إلى جانب أنه رغم توفر الأراضى الصالحة للزراعة فى مصر التى تبلغ حوالى 3 ملايين فدان، إلا أن هناك ما يعوق عملية الزراعة بها لأن موارد المياه المصرية محدودة جدا، وأخيراً وهو الأهم أن زراعة المحاصيل الاستراتيجية كالقمح مثلا ستكون قليلة التكلفة جدا، خاصة وأن المحصول سيكون ربيعيا لا تتجاوز زراعته أكثر من شهرين فقط، وهو ما سيوفر المحصول بأقل مجهود وبأقل تكلفة.
"أصبحنا نذكر الصلاة فى وقت الغرق " هذا ما عبر به د . إبراهيم درويش أستاذ المحاصيل بجامعة المنوفية، إثر الإعلانات المتكررة من الحكومة بزراعة الأراضى فى خارج مصر، وأصبحت لدينا مشروعات "ضخمة" حسب تعبيرات الحكومة، فلولا أن مصر تعرضت لأزمة ما كانت فكرت فى الزراعة بالخارج وإن كنت ضدها من البداية لأننا من غير المعقول أن نقوم باستصلاح واستزراع أراضى ليست ملكا للبلد وأنا أرى ـ والكلام لدرويش ـ أن الإصلاح الزراعى يبدأ من الداخل للخارج وليس العكس!
د . درويش أكد فى إحدى الدراسات التى أجراها على وجود أكثر من 3 ملايين فدان يمكن استصلاحها وزراعتها فى مصر وهى تعتبر من أجود أنواع الاراضى ولكنها لا تحتاج إلا الإرادة.
درويش قسم الأراضى الصالحة للزراعة فى مصر إلى: أراضى فى شمال الدلتا وتبلغ مساحتها 750 ألف فدان، ونفس المساحة فى شرق الدلتا، أما منطقة قناة السويس ففيها 190 ألف فدان والساحل الشمالى يوجد به 20 ألف فدان جاهزة للزراعة تماما، بالإضافة إلى 650 ألف فدان فى غرب الدلتا و530 ألف فدان فى الأراضى المجاورة للوادى مضافا إليها 850 ألف فدان فى منطقة توشكى والوادى الجديد .. أى أن مصر لديها 3 ملايين و750 ألف فدان يمكن استصلاحها وزراعتها.
سألته عن السبب وراء لجوء مصر إلى مثل هذه المشروعات المطروحة خاصة فى دول أفريقيا قال: السبب المعلن هو أزمة المياه، حيث إن نصيب مصر منها لا يزيد على 55.5 مليار متر مكعب نستهلك منها 40 مليار متر فى الزراعة ، وحوالى 19 مليار متر فى أغراض أخرى، ولا يوجد لدينا فائض سوى 2 مليار متر مكعب لا تصلح إلا لزراعة مساحة صغيرة من الأراضى.
لمعلوماتك..
◄ 2016 مصر ستواجه أزمة فى استيراد القمح.
◄ 10 مليارات جنيه هى تكلفة المشروعات الزراعية التى قامت بها وزارة الزراعة فى السنوات العشر الماضية.
بعدما أثير حول وجود خلافات ..
هل يفشل مشروع مصر فى زراعة الأراضى السودانية؟
الخميس، 29 يناير 2009 01:57 م