تصاعد الدور الفرنسى فى الشرق الأوسط لا تخطئه عين ..تحديدا منذ اعتلاء الرئيس الفرنسى نيكولاى ساركوزى عرش الإليزيه، وإشارته إلى الدور الإمبراطورى الغابر الذى يحاول إحياءه، حتى قبل أن يضع قدميه فى القصر العريق، فى عودة إلى ممارسة سياسة القناصل والبوارج الأوروبية لتحريك الأحداث فى الدول الخاضعة لهم استعماريا .
شىء من هذا القبيل ظهر فى السياسات الفرنسية على أرض الواقع الشرق أوسطى طوال هذا الشهر الذى شهد القسم الأكبر من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، فهل كان هناك أنشط من الدور الفرنسى فى لعب الدور الرئيسى لإنهاء العدوان؟ وهل كان هناك اهتمام غربى بمصر أكثر من الاهتمام الفرنسى ؟
لكن أى نوع من الاهتمام ؟
إنه النوع الإمبراطورى النابوليونى، وهو ما لا يخفيه ساركوزى الطموح، الذى يدير دفة سياسة فرنسية جديدة لا تأبه للآخرين ولا ترى سوى المصالح الفرنسية، التى تطلب تدخلا مباشرا لتوجيه الأحداث بعد أن ظلت باريس لعقود إحدى دول الممانعة الدولية، إن جاز التعبير، وتبتعد بمسافة تحفظ لها استقلاليتها عن الدور الأمريكى فى الشرق الأوسط وأفريقيا.
باريس فى عهد ساركوزى لم تعد كما كانت قبله بكل تأكيد، وليس من المبالغة الحديث عن مشاركة فرنسية نشطة تصل إلى حد التورط فى محاولات تغيير المعادلة السياسية برمتها فى الشرق الأوسط لحساب تل أبيب .
من هذا المنطلق، منطلق التدخل المباشر، وقد نفهم جزئيات كثيرة تضيف إلى الصورة العامة : لعب فرنسا دور غير محايد ومنحاز إلى إسرائيل تماما لإنهاء العدوان على غزة، بما فى ذلك محاولة إحراج مصر والرئيس مبارك عندما نسب ساركوزى إليه مقولة إن مصر لا تريد لحماس الانتصار فى الحرب، ليس هذا فقط بل إرسال بارجة فرنسية إلى عرض البحر بدعوى مكافحة تهريب السلاح إلى غزة رغم اعتراضات وتحفظات القاهرة الواحدة تلو الأخرى دون مجيب.
وأخيرا، وليس آخرا مناقشة مسائل داخلية بحتة، علنا، وعلى أرض مصر، وداخل مركز يتبع وزارة الخارجية الفرنسية هو "سيداج " فى مقره داخل المركز الثقافى الفرنسى بالمنيرة، وهو ما لم تجرؤ عليه دولة عظمى فى حجم الولايات المتحدة الأمريكية تعى سفارتها ومراكزها البحثية حساسية مثل هذه المسائل من جانب مصر .
لقد كانت القاهرة تفتخر دوما بعلاقاتها المميزة مع باريس طوال عقود طويلة، خاصة إبان فترتى ميتران وشيراك فهل انتبهت إلى الدور الفرنسى الجديد؟ وهل تعيد حساباتها على ضوء المتغيرات الحادثة تحت حكم "الإمبراطور ساركوزى"؟
محاولات باريس لإحياء الدور الإمبراطورى على حساب التوريث بمصر
الأربعاء، 28 يناير 2009 10:16 م