7 دقائق مع المقاومة وصورة نادرة للفصائل أهم مكاسب الرحلة..

صحفيان أردنيان يرويان مشاهداتهما فى غزة

الأربعاء، 28 يناير 2009 06:08 م
صحفيان أردنيان يرويان مشاهداتهما فى غزة اليوم السابع خلال لقائه المحارمة وشوكت
كتب وائل ممدوح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عمر المحارمة ومحمود شوكت، صحفيان أردنيان، منعهما العدوان الإسرائيلى على غزة من القيام بتغطية صحفية حية للحرب، كما تمنيا منذ بدء العدوان، لكنهما لم ييأسا واقتنصا أول فرصة لوقف إطلاق النار للعبور إلى غزة، التى لم تبرد نيران مبانيها المحترقة بعد، أو تنقشع عنها الأدخنة التى خلفتها.

"كنا أول صحفيين عرب يدخلون غزة بمجرد توقف إطلاق النار".. هكذا بدأ عمر المحارمة، محرر رئاسة الوزراء والديوان الملكى بجريدة الدستور الأردنية، كلامه لليوم السابع، قبل أن يضيف ضاحكا "صحيح أننا دخلنا مع توقف القصف على غزة، لكن بمجرد عبورنا للمعبر تجدد القصف من جديد، وهو ما دفع زميلى المصور محمود شوكت للقول بأن غزة ترحب بقدومنا"، ويلتقط المصور الصحفى محمود شوكت طرف الحديث قائلا "أول قذائف المدفعية التى لازمت خطواتنا الأولى على أرض غزة، أكدت لى أن مهمتنا لن تكون أبدا باليسيرة، لكننا كنا مصممين على المضى نحو تحقيقها، خاصة وأننا تمنينا تغطية العدوان على غزة منذ بدايته، لكن ظروف القصف، وصعوبة الدخول إلى القطاع حالا دون ذلك".

ضحكات المحارمة وشوكت التى أثارت تعجبنا، بعد خروجهما مباشرة من مذبحة هى الأبشع فى التاريخ الحديث، لكن استدراك المحارمة المفسر لموقفه كانت أكثر إثارة للتعجب، بتأكيده أن معنوياته ارتفعت بتشجيع أهالى غزة، بعد أن صدمه الدمار، والموت المحلق بجنبات القطاع، لكن الحالة المعنوية المرتفعة للغزاوية هى ما هون الأمر عليهما..

محمود شوكت مصور "الدستور" الأردنية أضاف "كان أهالى غزة يرحبون بنا بشكل غريب .. كانوا يستقبلوننا أمام بيوتهم التى دمرها القصف، وكل منهم فقد فردا أو أكثر من عائلته، لكنهم يصرون على ضيافتنا وإكرامنا، وكأنهم فى أفضل أحوالهم"، وأضاف زميله عمر المحارمة، أن معنويات أهالى غزة المرتفعة، رغم رائحة الموت التى هى السمة الرئيسية للمكان، أكدت له أن "الموت فى غزة له شكل يختلف عن أى مكان آخر".

المحارمة رغم ضحكاته أكد أنه بكى متأثراً بمواقف عاشها بغزة، أكثر مما بكى عند وفاة والده قبل 20 عاماً، وأضاف أن أصعب المواقف التى أثارت بكاءه عندما حكت له طفلة من عائلة السمونى الفلسطينية، كيف قصف جيش الاحتلال الإسرائيلى منزلهم وبه أكثر من 70 فرداً نصفهم من الأطفال، مؤكداً أن تخيله لمشهد تدافع أطفال العائلة يميناً ويساراً، بحثاً عن مأوى من قذائف الدبابات، جعله يفقد تماسكه وينهار باكيا كالأطفال، لتشاركه الطفلة صاحبة الرواية، وهى تتذكر انهيار منزل عائلتها تحت وطأة القصف على رؤوس الجميع ليقتل من قتل، ويصيب من يصيب.

ووصف المحارمة حجم الدمار، والمآسى الإنسانية التى عايشاها بغزة، مؤكداً أن كاميرات الفضائيات لم تنقل إلا النذر اليسير من الصورة، وقال "كان فى كام كاميرا يعنى .. 10 .. 20 .. أكيد مش هتقدر تغطى كل حاجة، ولا تصور كل اللى حصل للناس".

وأَضاف أنه قام مع زميله المصور بجولة فى المناطق المحيطة بغزة، رصدا فيها حجم الدمار بحى الزيتون، والتفاح، وتل الهوى، وغيرها من الأحياء التى دمرتها قوات الاحتلال بالكامل..

"الناس كانت بتحكى إن كان فى بيوت وبنايات هنا .. لكن مشفناش حاجة .. دمار وحطام .. وأطلال فى كل مكان" هكذا قال شوكت، مضيفاً أن حكايات أهالى غزة كانت تؤكد لهم أن الجيش الإسرائيلى عندما كان يدخل حيا كان يدمره عن آخره، بل كان يدمر كل حجر فى المكان خوفا من أن يكون وراءه مقاوم أو أحد مقاتلى الفصائل، وتدخل عمر المحارمة مبديا ملاحظة مؤسفة، وهى أن بعض الأماكن التى قصفها الجيش الإسرائيلى، لم يكن هناك داع لقصفها، وكان من الواضح لهما أن مسألة قصفها لم تكن إلا لمجرد التسلية، وتحدث المحارمة عن مساجد لم يصب منها غير هلال مآذنها برصاص جنود الاحتلال .. وأضاف "كان واضح أنهم بيتسلو بتشويه المساجد وهم مارقين من المكان" بحسب تعبيره..

كتابات عبرية تحمل شتائم وعبارات عنصرية، خطها جنود الاحتلال الإسرائيلى على جدران منازل غزة التى لم يهدموها، بعد اكتفائهم بقتل أصحابها دون تفرقة بين أطفال أو نساء أو شيوخ، رصدتها كاميرا محمود شوكت، وتولى بعض أبناء غزة ممن يقرأون العبرية ترجمتها له .. "اهربوا للحرب .. لا للسلام" .. "اقتلوا العرب".. "الموت للإرهابيين"، وهى العبارات التى صحبتها رسوم لشواهد قبور تحمل ترجمة حقيقية لمفهوم السلام عند من خطها، بحسب قول المحارمة.

الصحفيان الأردنيان أكدا أن أهالى غزة، رغم الحرب والدمار، متعادلين من ناحية حماس، لا يحملون مشاعر سلبية تجاهها، لكنهم فى نفس الوقت لا يتحمسون لها "محدش بيشتم فى حماس .. وفى نفس الوقت محدش بيشكر فيها". وهى نفس المشاعر التى يحملونها إلى الدول العربية، التى يختلف موقف الشارع فيها عن الموقف الرسمى لقادتها، رغم محاولاتهم العاجزة، بحسب وصف المحارمة، عن طريق القمم الطارئة واجتماعات وزراء الخارجية، التى يراها الغزاوية "كلام فاضى" لا طائل من ورائه.

وعلى عكس معظم دول العالم التى اهتمت بتنصيب أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، لم يبد أهالى غزة أدنى اهتمام بالحدث، لأنهم يدركون أن الفارق لن يكون كبيرا، وعندهم قناعة تامة بأن ساكن البيت الأبيض لا يملك تغيير السياسة الأمريكية الداعمة لمصالح إسرائيل على حساب الشعب الفلسطينى.


مراسل الدستور الأردنية قال إنه قام باستطلاع رأى عدد كبير من أطفال غزة، بسؤال محدد حول أحلامهم فى المستقبل "تحب تطلع إيه لما تكبر .. دكتور، ولا مهندس، ولا مجاهد"، وأكد أن إجابات الأطفال كانت "بالطبع مجاهد" بنسبة 90%، وهو ما يعنى، بحسب كلامه، أن أطفال غزة يصرون على استكمال مسيرة النضال التى بدأها آباؤهم وإخوانهم ضد عدوهم الصهيونى.

شهادة مبعوثى الدستور الأردنية لم تقتصر على صمود أهالى غزة، وأحلام أطفالها باستكمال مسيرة النضال، بل امتدت إلى فصائل المقاومة الفلسطينية، التى استطاعا الاتصال بأفرادها، ليقتنصا 7 دقائق فقط، هى الأغلى والأهم فى حياة عمر المحارمة، بحسب تأكيده، لأنه استطاع من خلالها رصد نقطة تمركز لفصيل "ألوية الناصر صلاح الدين"، أحد أجنحة المقاومة، واطلع على تكتيكات المقاومة المعتمدة على أسلحة خفيفة وبدائية، تؤمنها شبكة أنفاق متشعبة تحت الأرض، تدعمها عبوات ناسفة مزروعة بعيدا عن مسارات الأنفاق.
واستطاع المصور محمود شوكت التقاط صورة لأفراد الفصيل، لم يكن يتوقع أنه قادر على التقاطها، أو "مكنتش أحلم فيها" كما لخصها بلهجته الأردنية.

7 دقائق وصورة فوتوغرافية واحدة يؤكد عمر المحارمة أنهم فازوا بها بعد عمل محاولات ومفاوضات سبقتها، واستمرت لأكثر من 70 ساعة، عبر سلسلة من الوسطاء، كى يستطيعوا الوصول إلى المتحدث الرسمى باسم "ألوية الناصر صلاح الدين"، إحدى حركات المقاومة الإسلامية وثيقة الصلة بحركة حماس، لينتقلوا بعدها إلى سلسلة أخرى من المفاوضات مع "أبو على"، قائد المنطقة الشرقية لشرطة قطاع غزة، وعضو المجلس العسكرى لكتائب القسام، اختتمت بتلك الدقائق السبع، التى عرضتهما للخطر بسبب طائرات التجسس والمراقبة اللاسلكية، أو "الزنانة" كما اصطلح مقاتلو الفصائل على تسميتها، والتى تكشف مواقع المقاومة وترسل صورهم ومواقعهم إلى قيادة الجيش الإسرائيلى، ليقصف الطيران تلك المناطق بعنف.

المقاومة فى قطاع غزة منظمة جداً، على اختلاف فصائلها، بحسب المحارمة، الذى أضاف أن هناك تنسيقا قائما بين فصائل المقاومة، يوزعهم على مناطق القطاع المختلفة، وقال عمر المحارمة "أكد لنا (أبو على) عضو المجلس العسكرى لكتائب القسام، أن ما واجهته إسرائيل من المقاومة لا يمثل أكثر من 10% من قدراتها الحقيقية، مضيفاً أن (أبو على) فاجأه بأن منطقة "جبل الريس" التى شهدت معارك عنيفة مع جيش الاحتلال، لم يكن عدد المقاومين فيها يتعدى 10 مقاتلين، لكن تجهيزات مركز المقاومة، المعتمدة على تضاريس المنطقة الجبلية، واستبسال مقاتلى الكتائب أجبرا جنود الاحتلال على الانسحاب.

المحارمة وشوكت رغم أنهما لم يستطيعا مقابلة أى من قادة حماس كما كان تخطيطهما، لصعوبة الوضع الأمنى، ولسرية أماكن تواجد القادة السياسيين للحركة، أكدا أن زيارتهما لغزة ستترك أثرا لن يمحى بسهولة، وقال محمود شوكت "صار لى 11 سنة بشتغل بالصحافة، لكنى حاسس دلوقتى إنى ما اشتغلت قبل الحين".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة