"حريم رشا رجب" لوحات تدب فيها الحياة

الأربعاء، 28 يناير 2009 03:47 م
"حريم رشا رجب" لوحات تدب فيها الحياة رشا رجب فنانة من طراز خاص
كتبت يمنى مختار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ملامحها السمراء بتقاسيمها شديدة الشرقية المنحدرة من أصول نوبية جعلتها ترفض الصورة التى رسمها المستشرقون للمرأة الشرقية، فهى عادة تلك المرأة السوداء التى لا تعدو أن تكون مجرد خادمة للمرأة الغربية البيضاء.

رشا رجب فنانة تشكيلية كانت بدايتها مع التصوير الزيتى، وبالتحديد فن البورتريه لكن سرعان ما جذبها نوع جديد من الفن هو البيرفورمنس الذى يعتمد على تعبير الفنان عن أفكاره من خلال الأداء الحركى. استفزت لوحات المستشرقين مشاعر رشا رجب، حيث وضعت نفسها مكان تلك المرأة السمراء وشعرت بمشاعرها وكيف كانت مضطرة لتنظيف تلك السيدة البيضاء وتنظيف بيتها وربما تسليتها عن طريق الرقص والغناء فى أحيان أخرى.

وضعت رشا الصور أمامها واستطاعت أن تجسدها بأدائها الحركى لتجعل الجمهور يتخيل كما لو كانت تلك السيدة خرجت للتو من اللوحة لتحكى معاناتها الحقيقية من خلال الأداء الحركى أو "البيرفورمنس"، وذلك فى جو شرقى يجمع ما بين الموسيقى الشرقية والبخور وصوت خرير الماء، والذى يعود بنا عدة قرون إلى الوراء. الperformance فن غير منتشر فى مصر بصورة كبيرة، وحتى الفنانين الذين يقدمونه يعتمدون على الطريقة الأوروبية بعكس رشا التى تعتمد على موضوعات شديدة الشرقية، حيث كانت البداية مع بنات محمود سعيد تلك النسوة اللاتى رسمهن بذكرياتهن وتأملاتهن واضطهادهن.

ولاقت الفكرة نجاحا كبيرا مما شجعها على تقديم فكرة جديدة، وإن كانت هذه المرة تركز على الاستشراق وصورة المرأة الشرقية فى لوحات وكتابات المستشرقين. عكفت لفترة طويلة على القراءة لإدوارد سعيد، وكان لابد لها من أن تدلف إلى الحمامات الشعبية بدهاليزها لتخاطب النساء وتتعرف على حالهن ولغتهن. ثم تذهب فى جولة إلى الأسواق الشعبية من الخليفة حتى الغورية بحثا عن الملابس والأساور والأقراط والخلاخيل التى أخرجتها من اللوحات لترتدى شخصية المرأة السوداء وتستطيع تجسيد مشاعرها بدقة.

"المرأة السوداء التى تلعب دوما دور الخادمة للسيدة البيضاء"، تلك هى صورة المستشرقين عن الشرق الذين لم يدخلوا الحمامات الشعبية فقدموا صورا مغلوطة أرادت رشا تصحيحها، لتؤكد أن المستشرقين تجاهلوا العديد من الأشياء المبهجة وأرادوا أن ينقلوا تلك الصورة النمطية عن الشرق متمثلة فى الصحراء والجمل. بعد أن تقوم الخادمة السوداء بتنظيف سيدتها وتزينها ووضع العطر لها تبدأ فى طمس ملامحها، تنزع عنها عينيها وشفتيها وكأنها تقول لها "لن ترينى بهذه الطريقة، ولن تتحدثى معى بهذا الشكل بعد اليوم"، وفى نهاية العرض تأتى لها بسيدة بيضاء مثلها لتخدمها وتعطيها ملابسها.

تعمدت رشا أن تستعين بدمية لتعبر عن السيدة البيضاء التى تحركها الخادمة السوداء كما تريد، كما لو كانت غير حية مما خالف توقعات الكثيرين الذين ظنوا أنها ستستعين بامرأة عارية، إلا أنها رأت أن الدمية تعطيها الرمز الذى تريده. استقبال الجمهور لهذا العرض كان شديد التباين، ففى الوقت الذى اعتبر بعض الأجانب الذين شاهدوا العرض أنه صدمة للأوروبى وكأنها لطمة على وجهه ليفيق ويرى الصورة التى رسخها فى الأذهان حول الشرق. ربط البعض الآخر بين اللون الأسود الذى كان يمثل العبودية فيما مضى، وبين انتخاب باراك أوباما كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة