وقف انتخابات المحامين للمرة الثانية لم يكن هو الخطر الوحيد أو الأزمة الوحيدة التى يواجهها المحامون فقد ترتب على الحكم تبادل تقديم البلاغات للنائب العام بين فريقى الطاعنين، اللذين يقودهما مختار نوح وسامح عاشور النقيب السابق. وتقدم مؤخراً على القشة ببلاغ للنائب العام، من فريق سامح عاشور، يطالب فيه بتقديم من يوجد لديه بطاقات انتخابية مختومة بختم المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات للقضاء، لأنهم استولوا أو حصلوا على بطاقات رسمية رغم وقف الانتخابات بدون أذن المستشار المسئول.
وبلاغ القشة جاء رداً على بلاغ تقدم به أحمد ربيع غزالى، من جبهة مختار نوح، للنائب العالم يطالب فيه بتقديم المتسبب فى نشر بطاقات انتخابية وأوراق رسمية مختومة بختم رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات، ويتهم فيه الغزالى الذى تضامن معه جميع فريق نوح ومن حصلوا على الحكم بوقف الانتخابات، اتهموا ضمنياً سامح عاشور النقيب السابق، ومن قالوا إنهم المتحكمون فى النقابة من الموظفين التابعين لعاشور.
الحرب أصبحت أكثر شراسة بين عاشور ونوح، كل منهما أقسم بأنه سيقصى الآخر من طريقة، خاصة بعد أن اعتبر عاشور أن الحكم بوقف الانتخابات جاء ضده مباشرة، وهو المقصود به فى المقام الأول باعتبار أنه كان الأكثر فرصاً فى تحقيق الفوز فى حال إجراء الانتخابات فى توقيتها وهو 18 يناير، والتأجيل معناه بداية حرب جديدة وتغيير فى خريطة الخصوم، خاصة مع الأخذ فى الاعتبار أن خصوم عاشور يزيدون يوماً بعد الآخر.
تنقية الجداول
المطالبة بتنقية الجداول قد تكون مفيدة للنقابة والمحامين بوجه عام لتحصن الانتخابات من الطعن عليها أو الحكم ببطلانها، إلا أن الوضع أصبح الآن هو تعطيل مصالح المحامين، وتناسى هموم المحامين الغلابة الذين يبحثون عن خدمات النقابة لتعينهم على أعباء الحياة، الحكم بوقف الانتخابات سيتطلب التدقيق فى كل ملف على حدة، كما يقول ممدوح تمام عضو المجلس السابق والمرشح فى الانتخابات المقبلة ،لأن من سيسقط فى الانتخابات سيطعن على النتيجة بحجة عدم التنقية، ونتيجة لأن الأمر نسبى ومتغير، فلن تنتهى قصة التنقية فى أقل من عام، إلا أن المستشار رفعت السيد عضو المجلس الانتقالى اعتبر أن المحامين، كأسرة قانونية، يجب أن تكون انتخاباتهم بمنأى عن البطلان والخطأ، وأنهم تحركوا جدياً فى تنقية الجداول، وشكلوا ست لجان للقيام بهذه المهمة، وأنهم يفحصون هذه الملفات من واقع الملفات وإيصالات تسديد الاشتراكات.
وقف الانتخابات فتح الباب لتبادل الاتهامات بين الجميع وإعادة ترتيب أوراقهم، خاصة المرشحين على منصب النقيب وفى مقدمتهم سامح عاشور المتهم الأول فى نظر الكثيرين فى عدم التنقية، لكن عاشور هدد المجلس المؤقت الذى يدير النقابة بالدعوة إلى جمعيات عمومية طارئة ووقفات وتظاهرات للإسراع بإجراء الانتخابات، وهو ما رد عليه المستشار رفعت السيد، أن عاشور ليس له صفة ولن يضغط عليهم، لأنهم بالفعل يتحركون لتنقية الجداول والإسراع فى الخروج من النقابة وتسليمها لمجلسها الشرعى المنتخب.
المستفيد الأول
تحركات مختار نوح الأخيرة كشفت عن أنه المستفيد الأول من الوقف، خاصة بعد إعلانه فى أكثر من مناسبة أن الانتخابات كان يعد لتزويرها، وحاول أن يثبت للجميع أنه الوحيد على ترويض عاشور والوقوف فى طريقه، بل يعتبر نوح أن الحكم هو رد على النظام الذى يعرقل ترشيح مختار نقيباً، فيكون نوح ضرب عصفورين بحجر واحد، بل يعتبره البعض يعد لنفسه ويفسح الملعب ليتحرك هو بكل سهولة خلال عام أو عامين يرتب فيها أوراقه وفرض نفسه كمنافس قوى لعاشور، إلا أن عاشور وجه له رسالة غير مباشرة عندما طالب بمعاقبة الطاعنين واعتبرهم السبب فى دخول النقابة فى النفق المظلم وهدفهم تعطيل الانتخابات فقط.
فى المقابل يعد المتضرر الأول هو عاشور، الذى كان يسيطر على الأوضاع، وهو ما دلل عليه سعيد الفار، مسئول ملف المحامين بالحزب الوطنى، الذى قال إنهم كمحامين وحزب كانوا الأقرب إلى أن يفوز مرشحهم سامح عاشور، لكن وقف الانتخابات قلب الترتيبات وهدم الكثير من الخطط، وأنهم قدموا مذكرة للحزب تفتح الباب لإمكانية تعديل خطة الحزب فى الانتخابات والدخول بمرشح لمنصب النقيب بعد أن أثبت المرشحون والأسماء المطروحة عدم الثقة فى منحهم صوت ورعاية محامين الحزب الوطنى.
الكل يتاجر بالأزمة
الكل يتاجر بالأزمة، سواء بعلم أو بدون علم، والجميع أخذوا يحسبون مصلحتهم أولاً وتاهت، كما يقول محمود النادى عضو "حركة محامون بلا نقابة"، مضيفاً هموم المحامين فى الأقاليم والمحامين الذين يبحثون عن العلاج والتأمينات والبحث عن لقمة العيش يومياًَ بعيداً عن الصراعات، وأكد النادى أن المحامين يفتقدون أى اهتمام بالتدريب أو التأهيل بجانب الصورة التى تم تصديرها للشباب والخريجين الجدد الذين يذهبون لاستخراج كارنيهاتهم أو من يقسمون اليمين أمام القاضى ومجلس مؤقت، وليس نقيب المحامين بما يعتبر أزمة نفسية لهم ويضعهم فى حيرة، لأن نقابتهم يديرها قاضى، وليس محامياً، بجانب أن هذا الصراع بين المحامين على كعكة النقابة، وعلى الكرسى نسى الجميع مصير 400 ألف محامٍ ومصالحهم ومصالح أسرهم التى ضاعت بسبب السياسة والصراع والمصالح.
رجائى عطية المحامى والمرشح على منصب النقيب، أكد أن من المتهم الأول فى هذا الضرر هو من أعطى الضوء الأخضر للعبث فى الجداول وقال "لولا العبث والتزوير ما أوقفت الانتخابات ولا أحد يقبل أن تجرى انتخابات مزورة تزيف إرادة المحامين إلا من له سطوة على المسئولين عن الجداول ويوجه هذه الأصوات لخدمة مرشح بعينه.
الجهات المسئولة عن الانتخابات همها إجراء الانتخابات فى أسرع وقت، حسبما ذكر المستشار رفعت السيد، والذى أكد أنهم ضيوف ويتحمل كل المسئولية تطوعاً بدون أى مكافأة أو ميزة منذ استلام النقابة، كما أن سعيد الفار اعتبر أن هدف الحكومة الآن هو الاستقرار فى النقابة الأول فى مصر، ودلل على ذلك بأن اللجنة القضائية دعت للانتخابات بعد وقفها فى المرة الأولى بعد أقل من أسبوعين، فلا مانع أن تدعو الآن فور الانتهاء من تنقية الكشوف، بل اعتبر أن مصلحتهم فى سرعة إجراء الانتخابات تأتى من تكثيف الحزب الوطنى جهوده فى دعم مرشحيه والعمل على نجاح قائمته التى أثبتت أنها قوية.
محامون ضد الفساد
محمود رضوان عضو حركة "محامون ضد الفساد" قال إن مشكلات المحامين متراكمة وازداد شعور جموع المحامين بعدم الأمان بعد إحالتهم للمعاش وضعف دخولهم المادية، مضيفاً بعد هذه السنوات يأتى هذا المؤتمر ليؤكد بأن الجمعية العمومية فى خطر كبير، مشيراً إلى أنه من أول يوم لمجلس السابق تعالت الأصوات بإدانة المجلس والنقيب لفشلهم فى توفير السكن والطعام للمحامين، ومع كل هذا تفرغ المرشحون للمعارك والصراعات الشخصية وتناسوا المتاعب ومشكلات المحامين، حتى أن المرشحين أنفقوا ملايين الجنيهات على الدعاية فى صورة واضحة للفساد والبذخ رغم أنه لم يقدم أى منهم خدمة نقابية أو مهنية أو خدمات اجتماعية للمحامين.
أكد رضوان، أن جموع المحامين تختلف حساباتهم عن حسابات قلة من النخبة التى تدير وتتحكم فى مصير النقابة، كما وعلى رؤيته بأن الكثير من المحامين يؤيد بقاء المجلس المؤقت، الذى وفر 20 مليون جنيه لميزانية النقابة وسدد جميع الديون التى كانت للمستشفيات والمؤسسات المختلفة.
الغريب أن المحامين الإخوان لم يظهروا على الساحة، ولم يكن لهم أى دور إيجابى أو سلبى رغم وجود مؤشرات تشير إلى استفادتهم من الأزمة وتوفر عليهم كثيراً من التشتت، الذى أصاب بيانات أعضائهم ونقل عدد منهم إلى محافظات ليس مقيمين فيها، لكن هذا الدور الإخوانى كشف عن احتمالات التنسيق المشترك مع عاشور والتعاون معه فى سرعة إجراء الانتخابات، ولكن بشروط جديدة تعطيهم الغلبة فى المجلس وتترك منصب النقيب لعاشور، وكشف البعض أن مكتب الإرشاد له ترتيبات فى هذا ينفذها محمد طوسون مسئول ملف الإخوان فى المحامين.
الوطنى يبحث عن بديل والإخوان اكتفوا بالمشاهدة ولا عزاء للمحامين
حرب عاشور ونوح تصل إلى النائب العام ونقابة المحامين تدخل النفق المظلم
الإثنين، 26 يناير 2009 03:04 م
المحامون الخاسر الأول من حروب الانتخابات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة