سعيد ياسين

آمال الكبار.. ويأس الصغار

الأحد، 25 يناير 2009 10:45 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المواطن أحمد السيد عبد السلام الشافعى عندما أعلن من مرسى مطروح مؤخراً، عن بيع نفسه لأى شخص داخل مصر أو خارجها، كان يتحدث بلسان الملايين الذين يعانون من نفس ما يعانى هو منه إن لم يكن أشد، فأعلن بيع نفسه ليتمكن من سداد الديون التى تراكمت عليه، مما يهدده بالسجن وتشريد أسرته المكونة من 5 أفراد، بعد أن أغلقت كل الأبواب فى وجهه، وأشار فى المزاد على نفسه إلى أنه يجيد قيادة السيارات وغير مريض بأى مرض مزمن أو معدٍ، وعن نفسى أشك فى المعلومة الأخيرة تماماً، ويكفيه أن غاية أمانيه باتت تتلخص فى أن يعثر على من يشتريه أو يشترى أى جزء من جسده لشعوره، بأنه لا قيمة له فى هذا البلد، ويبدو أنه فقد فى دوامة أزماته وكوارثه وديونه أن الحكومة ومسئوليها لا يشعرون بالمواطنين، خاصة الغلابة منهم والجوعى والمرضى والعاطلين واليتامى وأبناء السبيل وغيرهم.

الدكتور محمد محمود شوقى رئيس الجمعية الدولية لمكافحة الإجرام السيبرى "لجرائم الإنترنت" فى باريس صرح، بأن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2008 عن ظاهرة الاتجار فى الأطفال، اعتبر مصر بلد ترانزيت لدول أوروبا الشرقية وروسيا وإسرائيل بغرض الاتجار الجنسى، كما أنها بلد مصدّر لتجارة الأطفال، وبه أكثر من مليون طفل شارع يتم الاتجار بهم فى أعمال الدعارة.

أمام هاتين الواقعتين وكل هذه الكوارث الأخرى يخرج المسئولون فى برامج "التوك شو" الفضائية وفى تصريحاتهم وحواراتهم التى ينهالون بها ليل نهار، ومع سبق الإصرار والترصد على المواطنين، ليؤكدوا أن الشعب يعيش فى رغد وترف لم يسبق له مثيل، وأن الحكومة تفعل ما فى وسعها ولا تبخل بأى غالٍ أو رخيص من أجل إسعاد الشعب المصرى وإضحاكه وإزالة الغمة عنه، وأن الحكومة التكنولوجية الحالية هى الأفضل، والعيب دائما وأبداً ليس فيها، ولكنه فى الشعب الذى لا يقدر مجهوداتها، وأنه فى حالة إجراء أية تغييرات، فإنها لابد وأن تتم فى أعضاء المواطنين وليس رجال الحكومة.

آمال كبار المسئولين على مر العصور عريضة فى ممارسة لعبة التنويم المغناطيسى على الشعوب ليضمنوا البقاء أطول فترة ممكنة على الكراسى، يتملقون الحاكم ومن هم أكبر منهم، ويقسمون لهم بأغلظ الأيمان أن الصورة وردية وأن الشعب لا يفى بما تطالب به الحكومة.

المسئولون فى الحكومة لديهم قدرة هائلة على تجميل الصورة وشعارهم أمام الكاميرات اختلسوه من المبدع وحيد حامد "اضحك الصورة تطلع حلوة"، ومن دون حقد أو حسد يبدو أن الله أنعم عليهم بصحة جيدة تعينهم على التواصل مع الإعلام حتى فى أحلك الظروف وفى أقسى لحظات الإرهاق والتعب، إلى جانب ذاكرة حديدية يدخلون المواطنين بها فى أرقام وبيانات تلقى بهم إلى دائرة التوهان والحيرة والبلبلة ومن ثم محاولة الانتحار أو قتل أولادهم وذويهم، وهى طريقة جهنمية لتلقى الحكومة التهمة والمسئولية بعيداً عنها لتحط على أم رأس المواطنين، الذين ليس من حقهم مساءلة الحكومة عن أى تقصير يمكن أن يكون من بنات أفكار الأعداء فقط.

"آمال" كلمة تدعو للفخر ولها بريق وهالة عند نطقها، وهى جمع كلمة "أمل" وتليق بالكبار أما "يأس" فلا أعرف لها محلاً من الإعراب، وإن كانت تعد مرادفاً للانكسار والهزيمة والبكاء على فقر الحال وضياع الأحلام و"الآمال".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة