كثير من المقبلين على الزواج يعتقدون أن الفحص قبل الزواج ضد الدين، لأن معنى اللجوء إلى الفحص أننا لا نسلم بأمر الله وإرادته، ونتشكك فى وقت يجب أن نترك كل شىء لله وحده، وأننا لا نستطيع أن نغير شيئاً من إرادة الله لنا مهما سعينا أو عملنا. بينما ترى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أن الفحص الطبى لا يتدخل فى إرادة الله أو يغيرها أو يلغيها، وأنه يكشف الحقائق ويساعد على تفادى المخاطر، وينقذ الأفراد، وبالتالى الكنيسة من مشكلات عديدة فى زيجات قامت بدون شفافية وكشف المستور، فتنهار أحياناً، وأحياناً تنتهى إلى حكم قضائى ببطلان الزواج بسبب الغش والتدليس والخداع وإخفاء الحقائق التى لا تظهر إلا بعد الزواج والمعاشرة.
من هنا وحتى ينشأ الزواج ناجحاً، وتتقلص الطوابير الواقفة أمام المحاكم طلباً للبطلان أو الطلاق، وتنخفض نسب أنجاب الأطفال المعاقين، الذين وصل عددهم الملايين، فإن الكنيسة تطالب كل المخطوبين بالفحص الطبى قبل الزواج، قضية شائكة بين مؤيد ومعارض، فى هذا التحقيق يتابع اليوم السابع أهمية الفحص الطبى قبل الزواج وأهدافه وكيف تراه الكنيسة الأرثوذكسية؟.
تقارير مزورة
إيبارشية شبرا الخيمة من الإيبارشيات الرائدة فى تطبيق الفحص الطبى الإلزامى قبل الزواج، فلا يمكن أن يتمم كاهن فى كنيسة من كنائس الإيبارشية مراسم الإكليل ما لم يقدم العروسان شهادة الفحص الطبى.
الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة وتوابعها قال، إن نظام الفحص الطبى قبل الزواج مطبق منذ 22 عاماً والسبب فى ذلك أنه تقدم للمطرانية العديد من الشكاوى الطبية التى اكتشفها أحد الطرفين بعد الزواج، لذلك كان من الضرورى التفكير فى أهمية وجدوى الفحص الطبى قبل الزواج، والفحص كما يقول الأنبا مرقس يشمل رسم القلب، وتحليل دم كاملاً، وتحليل بول وبراز، وتحليلاً خاصاً بالحيوانات المنوية للرجال، وآخر خاص بالفتاة، وهو عبارة عن سونار بمنطقة البطن.
وأضاف الأنبا مرقس، أن مشكلات عديدة واجهت الكنيسة أثناء تطبيق نظام الفحص الطبى، تمثلت فى أن البعض يأتى بتحاليل أخرى ليست لهم وتقدم للإيبارشية، ولكن عند اكتشافنا لهذا الموضوع طلبنا أن توضع صورة الشخص مع التقرير الطبى المقدم منعاً لوقوع هذا التزوير مرة أخرى. وأضاف هناك تحاليل وفحوصات غائبة لا بد من ضمها لقائمة الفحوصات السابقة، وأهمها تحليل الكبد الوبائى، والإيدز وأنه من الضرورى أن يتم الفحص منذ بدء الخطوبة، وليس قبل الزواج مباشرة بحيث تكون العلاقة فى بدايتها ولم تتعمق بعد.
يوضح الأنبا مرقس سلطاته ليس من بينها منع الزواج عند وجود نتائج سلبية، ويضيف أنا أوجه نصيحتى للطرفين ويكون الرأى الأخير لهما، فى حالة القبول يقوم الطرف الموافق، سواء الرجل أو الفتاة بتوقيع إقرار بالموافقة رغم معرفته بالحالة المرضية للطرف الآخر، أما عن الحالات التى من سلطته أن يمنع بسببها الزواج يقول الأنبا مرقس، هى حالة الإصابة بالإيدز والمرض النفسى أو العقلى المزمن، والذى يورث للأطفال، لأننا بالطبع نريد أن نقدم للمجتمع نسلاً صحياً وجيلاً قادراً على العطاء.
صعوبات البداية
من جانبه قال الأنبا دانيال أسقف المعادى، إن تجربة الفحص الطبى بدأ تطبيقها منذ 16 عاماً، وأضاف الفحص الطبى قبل الزواج كثيراً ما أظهر أنواعاً من المرض أو العيوب الخلقية التى يمكن أن تسبب مشاكل كثيرة بعد الزواج.
وعن اعتقاد البعض بأن قدر الإنسان لابد أن يكون ولا داعى للفحص الطبى قبل الزواج، قال الأنبا دانيال لا يوجد فى المسيحية قضاء وقدر، نحن لدينا الإيمان والعقل، والعقل ليس ضد الدين، لكن الإيمان فوق العقل كذلك العلم والدين لا يمكن أن يتعارضا طالما أن الاثنين يستندان إلى أساس سليم و صحيح.
وعن بداية التجربة يقول واجهتنا صعوبات تتمثل فى حرج المقبلين على الزواج من إجراء الفحوصات اللازمة، كذلك رفض الأسر للفحص خوفاً من ظهور أى مشكلات تحول دون الزواج وتفضيلهم التعتيم على المشكلات بدلاً من البحث عن نقاط الخلل والعمل على تقويتها، وحلاً لهذا رأينا أن تكون نتائج الفحص فى سرية تامة، فإذا اكتشف الطبيب المختص وجود أى مشكلات صحية بعد إجراء الفحص، فيقوم الطبيب بإرسال التقارير الطبية إلى الإيبارشية والتى بدورها تخبر الطرف صاحب المشكلة الصحية بفحوى التقرير الطبى الخاص، فإذا أراد الانسحاب من الزواج انتهى الموضوع، أما إذا أراد أن يستمر فى الارتباط فنقوم بإبلاغ الطرف الثانى، على حدة، فإذا قرر الاستمرار فى الارتباط فيوقع على إقرار بذلك ولا يعطى له الحق فى الانفصال بعد الزواج.
كتاب ومؤتمرات
الأنبا لوكاس أسقف أبنوب والفتح بأسيوط، هو مقرر اللجنة الفرعية لخدمة الأسرة بالمجمع المقدس قال لليوم السابع نحن داخل اللجنة نقوم بعقد مؤتمرين كل عام تناقش موضوعات خاصة بالشباب ونهتم دائماً خلال مؤتمراتنا بمناقشة موضوع الفحص الطبى وأهميته، وقد نشرنا كتاباً منذ ستة أشهر بعنوان "منهج إعداد المقبلين على الزواج" ليكون دليلاً ومرشداً لكل الشباب، أما فى لجنة الأسرة بالمجمع المقدس نحن نناقش بالتفصيل كل ما يتعلق بالفحص الطبى ونحدد الفحوصات المطلوبة وأهميتها، وجميع أعضاء المجمع بالطبع يؤيدون الفحص والبابا شنودة الثالث قد أشار فى العديد من اجتماعاته إلى أن الفحص الطبى مهم، ولكنه يفضل أن يكون اختيارياً خاصة فى إيبارشيات الصعيد حتى نقوم بحملات توعية فى البداية ولا نفرض عليهم معتقدات غريبة وتقاليد لم يمارسوها من قبل.
وعن الفحوصات الإجبارية التى نطلبها يقول الأنبا لوكاس، إنها تشمل فحصاً طبياً عن طريق طبيب أمراض باطنية لا يستخدم فيها سوى السماعة والأمور الظاهرية، وفحصاً طبياً من خلال تحاليل خاصة بالدم وسونار للفتاة وتحليل السائل المنوى للرجال.
يضيف الأنبا لوكاس، أن الفحوصات المطلوبة تتعلق بالحالة الصحية بصفة عامة لكى لا يبنى الزواج على غش أو تضليل، مثل إصابة إنسانة بحالة صرع، أو بالسكر منذ الطفولة، فعدم الإفصاح عن هذه الأمراض ومثيلاتها قبل الزواج يدخل فى نطاق الغش ونحن بالفحص الطبى نغلق باب الغش منذ بدايته.
وعن معارضى الفحص الطبى قبل الزواج على أساس أن الأسرار المرضية ملك للمريض وحده، يقول الأنبا لوكاس هذا صحيح إذا ذهب المريض إلى الطبيب فى عيادته الخاصة فى أى يوم فى حياته، أما الذى يأتى للفحص الطبى قبل الزواج فإنه يوافق على أن للطرف الآخر الحق فى معرفة ظروفه المرضية وهذا يتم بموافقتهما.
وعن التوقيت الذى يطلب فيه الفحص يقول الأنبا لوكاس، إن الوضع العلمى أن يطلب بعد الخطوبة مباشرة وليس قبل الخطوبة ولا قبيل الزواج بأيام، لأننا وجدنا أنه بعد مرور سنة كاملة يكون الخطيبان قد ارتبطا نفسياً وعاطفياً، ويضيف من الصعب فك الارتباط إذا اكتشفا وجود مشاكل صحية عن طريق الفحص الطبى وأما عن تكاليف الفحص الطبى يقول الأنبا لوكاس، إنه غير مكلف، فالتحاليل فى المستشفيات الحكومية تجرى بأسعار بسيطة وفى المستشفيات التابعة للكنائس تجرى بسعر التكلفة، كما تتحمل الكنيسة تكلفتها بالكامل لغير القادرين.
معارضة الأغلبية
من داخل قرى الصعيد حدثنا الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادى، عن ضرورة الفحص الطبى رغم عدم تطبيقه داخل الإيبارشية، قائلاً نحن نناقش داخل المجمع المقدس ضرورة الفحص الطبى وأهميته لدى المقبلين على الزواج، ولكن لظروف الصعيد هنا وعدم تقبل اتجاهات جديدة وعادات لم تكن موجودة، فالفكرة ما زالت مرفوضة لدى الأغلبية، وأضاف أتمنى أن أنفذ الفحص الطبى، ولكن أريد عندما يتم تنفيذه أن يكون بطريقة شرعية وليس شكلاً نمطياً، والإيبارشية لا تستطيع فى الوقت الحالى أن تلزم أبنائها بضرورة إجراء الفحص الطبى قبل الزواج، لأنها ستصطدم مع أفكارهم وتقاليدهم.
وعن دور الإيبارشية يقول الأنبا كيرلس، فى هذه المرحلة دورنا قاصر على القيام بتوعية الشعب حتى يقتنعون بتغير أفكارهم ويقتنعون بأهمية الفحص الطبى ليجنبهم كثيراً من مشاكل التى تظهر بعد الزواج وحينئذ سيصبح إجبارياً والتوعية التى نقوم بها تستهدف توضيح الحقائق وخطورة عدم إجراء الفحص وإيضاح المزايا التى سوف تعود على الأسرة والمجتمع ونستعين بالمشكلات الواقعية وتجسيدها أمام الجميع لمنعها فى المستقبل.
بين أقباط الصعيد وأقباط بحرى
تفاقم أزمة زواج الأقباط بدون الفحص الطبى
السبت، 24 يناير 2009 04:57 م
البابا شــنودة يفضل إن يكون الفحص الطبى قبل الزواج اختيارياً
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة