كشفت دراسة جديدة نشرت اليوم، الجمعة، عن أن النزاع فى الشرق الأوسط تسبب فى خسارة الدول المتأثرة به مبلغ 12 تريليون دولار خلال العقدين الماضيين. وتبنت العديد من الدول التى عملت وسيطة للسلام فى المنطقة، ومن بينها النرويج وسويسرا تلك الدراسة التى اعتبرت أول محاولة لتحديد الأثر المالى للنزاعات فى المنطقة.
وكشفت الدراسة التى أجرتها مجموعة "ستراتيجيك فورسايت جروب"، عن كلفة باهظة للنزاعات على كل الأطراف منذ عام 1991، بسبب الدمار الذى أحدثه النزاع الإسرائيلى الفلسطينى والنزاع فى لبنان والغزو الأمريكى للعراق. إلا أن الدراسة أكدت كذلك على الإمكانيات التى ينطوى عليها التوصل إلى سلام شامل بالنسبة لدول وشعوب المنطقة، وتوقعت أن مثل هذا السلام سيطلق عجلة النمو من دول حوض البحر المتوسط وحتى الخليج.
وقال صنديب واسليكار الذى ترأس الدراسة مع مجموعة خبراء من المناطق المعنية، إن دخل الفرد الإسرائيلى أو الفلسطينى هو نصف الدخل الذى كان يمكن أن يحصل عليه لو تم التوصل إلى السلام فى مؤتمر مدريد العام 1991, مضيفا أنه بالنسبة للعراقيين فقد انخفض دخل الفرد إلى الثلث فى الفترة نفسها.
وفى حال تحقيق السلام سيزداد دخل الأسرة الإسرائيلية فى المعدل حوالى 4429 دولارا فى العام فى عام 2010، حتى لو دفعت إسرائيل تعويضات للاجئين الفلسطينيين، ونقلت أكثر من 150 ألف مستوطن من الضفة الغربية إلى إسرائيل، على ما ذكرت الدراسة. أما الدخل فى الأراضى الفلسطينية، فإنه سيزيد بأكثر من الضعف، وأشارت الدراسة إلى أن الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى سيحققان مكاسب متساوية.
وفى معرض كشفه عن التقرير فى مكاتب الأمم المتحدة فى جنيف، قال واسليكار إن الخيار هو بشكل أساسى بين "الدمار" والتوصل إلى اتفاق سلام. وأضاف "إذا لم يحددوا خيارهم، فإن الكلفة ستواصل الارتفاع". وأكد أن دخل الدول المجاورة لإسرائيل والمناطق الفلسطينية يمكن أن يزداد أيضا، إذ أشار الى أن دخل الأسرة فى الأردن، الذى يضم مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، يمكن أن يرتفع بمقدار 1250 دولارا.
وأكدت الدراسة كذلك على الكلفة الهائلة للغزو الأميركى للعراق وما تلاه. وقدرت الدراسة أنه لولا النزاع والعقوبات لكان الدخل المحلى للعراق أكثر بـ38 مرة (2،2 ترليون دولار). ولقيت الدراسة دعما رسميا من النرويج وقطر وسويسرا وتركيا.
وأعرب توماس غريمينغر المسئول فى الخارجية السويسرية، عن أمله فى أن تشجع الدراسة الناس والقادة فى الشرق الأوسط على التفكير "فى مقدار ما خسروه.. ومقدار ما سيخسرونه" فى حال استمرت النزاعات. وأضاف أن "التقرير يشجع كذلك الأطراف الدولية الفاعلة على تكثيف جهودها من أجل إحلال السلام فى الشرق الأوسط".
من ناحيته وصف جون الديرديتش، أحد داعمى هذه الدراسة، النتائج بأنها "مؤثرة فعلا". وقال الديرديتش الذى نشط فى عملية السلام فى أيرلندا الشمالية، أن الدراسة تؤكد على نصف الحوافز التى تدفع من أجل السلام، حيث إن الأطراف المتنازعة يمكن أن تسعى للتوصل إلى تسوية بعد أن تدرك أنها لا تستطيع الفوز، وأن كلفة النزاع هائلة. إلا أن واسليكار شدد على أن "ثمة تكاليف لا يمكننا قياسها مثل الكلفة المتعلقة بالكرامة الإنسانية".
12 تريليون دولار تكليفات النزاعات بالشرق الأوسط
الجمعة، 23 يناير 2009 07:57 م