رغم عدم إعلان تفاصيل كثيرة عن مشروع قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، فإن الجدل والهجوم يتصاعدان حوله بشكل مستمر خصوصا من الخبراء، وهو ما يزيد من حدة التخوفات حول اتجاه النظام الجديد ومدى صحة الامتيازات التى أعلنت عنها وزارة المالية وما يقابلها من عيوب ومطالب الرأى العام بمعرفة تفاصيله قبل إقراره، فلماذا لا تفصح الوزارة عن تفاصيل المشروع؟
من أهم ما يتخوف منه الخبراء هو ما أعلنت عنه وزارة المالية من أن القانون الجديد سيتبع نظام الحساب الخاص، حيث سيتم استثمار أموال التأمينات من خلال الشركات الكبرى فى صناديق استثمارية أو سندات، وهو ما ثبت فشله فى أمريكا وبريطانيا، خاصة بعد خسارة هذه الأموال نتيجة الأزمة العالمية، بالإضافة إلى أن الميزة التى تروج لها الوزارة من تخفيض قيمة الاشتراكات التأمينية إلى 18 %، فلن تعود فائدة هذا إلا على صاحب العمل الذى سيدفع اشتراكا أقل مما يدفعه العامل، وبالتالى الانتقاص من مزايا النظام القديم، كما تعتمد فلسفة النظام الجديد على نقل مسئولية الأخطار للأشخاص بالكامل، ويؤدى لضياع ما تبقى من أموال التأمينات من خلال دمجها فى الخزانة العامة. الدكتور محمد معيط مستشار وزير المالية لشئون التأمينات والمعاشات نفى لـ «اليوم السابع» إمكانية إعلان التفاصيل الكاملة للمشروع فى الوقت الراهن قبل موافقة مجلس الوزراء عليه، رغم انقلاب الرأى العام عليه، مؤكدا أنه سيعلن قبل عرضه على مجلس الشعب بوقت كاف لمناقشته.وأضاف معيط: «من يرد مهاجمة مشروع القانون الجديد فليفعل، ولكن لا أحد يستطيع أن يجبر الوزارة على إعلانه قبل وقته المناسب».
لكن هذا الكلام أثار المعنيين بالأمر، حيث وصفه الدكتور محمد عطية سالم وكيل أول وزارة التأمينات السابق بأنه لابد أن يدرس المشروع من قبل المختصين بشكل جيد قبل العرض على مجلس الوزراء الذى سيعطى موافقة على المشروع دون معرفة اتجاهات الرأى العام حوله، وبالتالى يمكن تمريره بسهولة من خلال الأغلبية بمجلس الشعب.
وأكد سالم أن وزارة المالية خدعت الرأى العام عندما أعلنت عن نشره فى جريدة الوقائع المصرية، وعندما بحثنا عن العدد المذكور لم نجد شيئا وهذا تضليل للرأى العام لإخفاء ما تريد الوزارة تمريره دون معارضة، مضيفا أن إطالة فترة إعداد المشروع يهدف لشغل الرأى العام عن قيام الوزارة بنقل أعباء الخزانة العامة إلى صناديق التأمين الاجتماعى وإظهارها فى صورة العجز وعدم الملاءة المالية رغم أنها تحقق فائضا، بهدف الدعاية للنظام الجديد.
أما الدكتور برهام عطاالله أستاذ القانون المدنى بحقوق الإسكندرية فأكد أنه ليس هناك ضرورة لعدم إعلان مشروع القانون قبل العرض على مجلس الوزراء، بل على العكس فإن القوانين التى تشغل الرأى العام لابد من إعلانها حال الانتهاء من صياغتها لإتاحة الفرصة الكاملة لمناقشتها، وهذا المشروع يهم الشعب بجميع فئاته، وبالتالى لابد من عرضه على المختصين وتستمر مناقشته عدة سنوات قبل الموافقة عليه، مشيرا إلى أن الوزارة تخاف من ثورة شعبية حال الإعلان عنه.
وأضاف عطاالله أن هناك اعتقادا بوجود المشروع الآن فى لجنة الفتوى بمجلس الدولة، ولكن حتى هذه المعلومة غير مؤكدة، متسائلا عن السبب وراء إخفاء تفاصيله، رغم أنه سيناقش خلال الدورة البرلمانية الحالية، إلا إذا كان الأمر يستدعى السرية كأنها حرب!
لمعلوماتك...
◄36.2 مليار جنيه هى حصيلة أموال التأمينات بصندوق القطاع العام والخاص