◄الآلة العسكرية الصهيونية تقتل أطفال غزة والمناهج الإسرائيلية تغتال عقول عرب 48 والقدس
◄عسكرة الأجيال والتخلص من الآخر وتعميق القيم الصهيونية أهم أسس التعليم الصهيونى
◄المناهج نالت من النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» وزوجاته وعايرت المسلمين بخلافات السنة والشيعة
فى الوقت الذى تقوم الآلة العسكرية الصهيونية بارتكاب أبشع المجازر فى حق أطفال غزة، نجد أن المناهج الإسرائيلية تقوم بدور لا يقل عن هذه الجريمة خطورة مع عرب 48 وأبناء مدينة القدس، حيث تقوم هذه المناهج باغتيال العقل الفلسطينى داخل الخط الأخضر، فالمنهج الدراسى فى أى بلد يقوم على أسس ومنطلقات عقائدية وفكرية واجتماعية يؤمن بها ذلك البلد، وتلك الأسس والمنطلقات هى ما يؤمن به المجتمع ويعتقده، لذا فلا بد أن يكون المنهج صادقاً فى تمثيلها وتحقيقها، وهذا بالفعل ما حدث بالمناهج فى الكيان الصهيونى، حيث إن التعليم الإسرائيلى لا يتجه إلى تربية الناشئة أو تثقيفهم أو تعليمهم بل يغذى الأجيال اليهودية القادمة بالعنف، وكراهية الآخر المتمثل فى الفلسطينى والعربى المحيط بالكيان الصهيونى المحتل، ويقدم شرائح من الخريجين اليهود وقد تمكنت العنصرية المتعصبة من عقولهم وقلوبهم، فالتربية العسكرية (عسكرة التعليم) والأيديولوجية الصهيونية، وعملية السلام، وتاريخ تأسيس دولة اليهود فى فلسطين لا يمكن أن تكون من الهوامش، ولذا يربط التعليم القتل للآخر بالنصوص الدينية والأمثلة التاريخية وفتاوى الحاخامات حتى تحول القتل إلى عبادة، ثم طبق ذلك كله على أرض الواقع فتمخض منه جيل عسكرى لا يؤمن إلا باليهود وخصوصـيتهم (شعب الله المختار) و(أرض الميعاد) و(بناء الهيكل) و(إنقاذ العالم) هذا ما تحتويه المناهج الإسرائيلية، التى تدافع عنها الولايات المتحدة الأمريكية بكل ما أوتيت من قوة وذلك بالرغم من تأسيس هذه المناهج على الأصولية الدينية التوراتية التى تدعو بكل وضوح للتخلص من الآخر، وذلك فى الوقت الذى تفرض فيه أمريكا على دولنا الإسلامية والعربية تغييرا فى المناهج يستهدف محو الهوية الإسلامية والعربية ومن خلال السطور التالية سنتعرض لما تحتويه المناهج الإسرائيلية من مفاهيم إجرامية تتعارض مع أدنى درجات الإنسانية.
ونبدأ من التعليم الدينى، حيث إنه من أكثر أنواع التعليم انتشارا فى إسرائيل وإنه يملك معالم أكثر تطرفاً، فهو يتجاوز التعليم الرسمى بما يلى:
1- انتظار المخلص وما لديه من صفات قتالية عالية.
2- الإرهاب المقدس تحت مظلة التوراة والتلمود.
3- رفض عمليـة السلام والانسحـاب من الأراضى المحتـلة عام 1967م انطلاقاً من نصوص وفتاوى دينية.
4- السعى فى بناء الهيكل الثالث، وللأصـوليين اليهـود مدارس دينية مهتمة بالهيكل ومنها مدرسة (كوليل جليتسيا) و(ألون شفوت)
5- المدارس الدينية المستقلة أسسها ويشـرف عليها ويديرها الحاخامات على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم المعاصرة فى فلسطين.
وكانت بداية التعليم الدينى قديمة، ولكل جماعة من الجماعات اليهودية الدينية مدارسها الممثلة لها، ومن هذة المدارس (اغودات إسرائيل) (غوش ايمونيم) (ناتورى كاراتا) وهذة المدارس تقوم على تعميق فكرة الصهيونية والدعوة لها وقد تحقق للجبهة الدينية المتحدة التى تقف خلف هذه المدارس أربع أمنيات ثمن ائتلافها مع الحكومة، منها:
استمرار الدعم المالى للمدارس الدينية دون إخضاعها لمراقبة الدولة العلمانية وإشرافها تعيين شخص يهودى متدين فى منصب وكيل وزارة التربية والتعليم أهداف التعليم اليهودى.
وإذا انتقلنا لأهداف التعليم اليهودى نجد أن قانون التعليم بالكيان الصهيونى يؤكد تدعيم أفكار التطرف والعنصرية ضد المسلمين والعرب خاصة الفلسطينيين، ففى مادتة الأولى ينص على (خلاص الشعب اليهودى يجب ألا يكون مجرد إيمان بالماضى بل يجب أن يؤثر على الحياة اليومية الراهنة). وجاء فى مادتة الثالثة: يجب أن يخضع الحاضر لتقييم متواصل فى ضوء أحلام الشعب اليهـودى وذكرياته، ويجب أن ينعكس الماضى اليهودى على النظام التعليمى الذى نحن بصدده، لأن التأهيل التاريخى والذاكرة والاهتمام بالعمل والإيمان بتجدد المجتمع اليهودى المتكامل.
مقومات لابد منها لبناء فلسفة التعليم اليهودى
ومع مضى السنوات أخذ التعليم الدينى المستقل ينمو ويستولى على مساحات اجتماعية وثقافية وسياسية، ويمسك بزمام الشارع اليهودى فى كثير من المستوطنات والأحياء الدينية الكبيرة فى المدن، مما دفع الأحزاب السياسية إلى التلطف فى معاملته وتقديم الدعم، واستطاع حزب شاس المتطرف أن يقتطع من الميزانية العامة (100) مليون شيكل للإنفاق على التعليم الدينى لديه مقابل موافقة الحزب على موازنة الدولة عام 2009م، وبلغ عدد مدارس الحضانة التابعة له (486) و(682) روضة أطفال و(146) مدرسة ابتدائية و120 مدرسة ثانوية ووصل عدد المنتسبين إليها (111) ألف طالب عام 2000م، وحينما وقع آرييه درعى العقل المدبر لحزب شاس بين أنياب المحكمة العليا بتهمة الاختلاس من المال العام دافع عنه الحاخام بارشالوم بقوة وقال ربما لم يكن درعى أفضل إنسان على الأرض، ولكن لم يأخذ هذه الأموال ويضعها فى جيبه الخاص، فقد منحها للمدارس الدينية التى لولاه لما كان يوجد فى إسرائيل الآن (83) ألف طالب توراة فى هذه المدارس. كما أن هناك 5500 طالب جديد ينضمون سنوياً للمعاهد الدينية وإلى معاهد التوبة اليهودية المتطرفة، أما أعداد النساء فقد زادت عام 1994م بمقدار الضعف وإلى أربعة اضعاف فى عام 2004 ومع هذا فقد كان لدى اليهود فى فلسطين عام 1948 (50) معهداً دينياً وزادت حتى بلغت (600) معهد ديـنى عام 1988و1250معهدا عام 2003و يزيد عدد التلاميـذ فيها كل عام ما بين (1300-1500) تلميذ، ويرى الحاخام إسحاق هرتزوغ أن المدارس الدينية المستقلة تحتاج إلى عناية خاصة لأنها البقية الباقية من مؤسسات التوراة بعد مذبحة النازيين لليهود، إن روح الشعب اليهودى ذاتها متوقفة على بقاء هولاء الطلاب فإذا انشغلوا ولو بتعبئة بسيطة فإن الاضطراب سيقع بينهم.
المناهج تدعو إلى التطرف
وإذا انتقلنا إلى المناهج نجد أنها تقطر تطرفا وحقدا على المسلمين والعرب، وبالرغم من ذلك فإنها تفرض على المسلمين من عرب 48 والقدس ومن أمثلة ذلك كتاب (من جيل إلى جيل) وهو من مناهج التاريخ لطلبة المدارس الدينية الحكومية ويقع فى نحو أربعمائة وثمانين صفحة، وهو صادر عن قسم المناهج الدراسية فى مديرية التربية التابعة لوزارة المعارف والثقافة الإسرائيلية - بالقدس وقد ألفته لجنة التاريخ فى المدارس الحكومية والدينية، والتى يرأسها عقيبا دورون ومن نماذج محتوى الكتاب.
أولاً: صورة العرب والمسلمين:
- يذكر الكتاب أن القرآن الكريم شريعة العرب وحدهم، فيقول: «تقول المصادر الإسلامية إن جبريل ظهر لمحمد (صلى الله عليه وسلم) فجأة وأمره أن يعطى شريعة جديدة للعرب».
- يتضمن الكتاب معلومات خاطئة عن فريضة الحج، منها: «وبذبح الأضحية تنتهى بالفعل مراسم الحج، ويبدأ العيد الكبير», بصفحة (205)
- ذكر الكتاب معلومات خاطئة عن حكمة عيد الفطر، وزكاة الفطر، فقال: «يحتفل المسلمون فى نهاية شهر الصوم بعيد الفطر لمدة ثلاثة أيام، وفى العيد يكثرون من الصلاة والزكاة ليكفروا عن الخطايا والذنوب التى ارتكبت خلال هذا الشهر». (صفحة 202)
- وفى الكتاب معلومات خاطئة عن الحجر الأسود، نحو: «كل قبيلة عبدت الإله الذى اختارته، وكانت لهذا الإله قوانين وعادات خاصة به، ولكنهم جميعاً آمنوا بقدسية الحجر الأسود، الذى كان محفوظاً فى مبنى الكعبة فى مكة، وحسب المصادر العربية فإن الذى بنى الكعبة هو سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل، وكان الحجر الأسود هدية الله التى نزلت من السماء، وعندما سقط الحجر من السماء كان أبيض، وبمرور السنين أسود من ملامسة أيدى الخاطئين». (صفحة 194) كما يذكر الكتاب أن الذين بنوا الجامع الكبير فى قرطبة هم المسيحيون الذين أسرتهم جيوش الخليفة عبد الرحمن الداخل.( صفحة 265)
- ما ذكره عن تصارع المسلمين على خلافة سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم»، فقال: «لما توفى محمد نشب خلاف شديد، من يجلس على كرسى محمد؟ زعم سادة مكة أنهم أحق بالخلافة بفضل تجربتهم الطويلة فى زعامة الناس. فى حين زعم آخرون أنهم أحق بها لكونهم أول من ساندوا محمداً وأيدوه، وأنهم رافقوه عندما فر من مكة إلى المدينة».(صفحة 218)
ما ذكر حول الخلاف بين الشيعة وأهل السنة، يقول الكتاب: «منذ ذلك الحين وحتى الآن توجد خلافات عديدة بين السنيين والشيعة، لأن محمداً عين علياً خليفة له كما أمره الله بذلك. ولذلك فإن ذرية على هم الأحق بخلافة المسلمين، وخليفة النبى هو أيضاً الزعيم السياسى للأمة، ومن ثم يطلق عليه لقب (الإمام). ورفض أصحاب هذا الرأى لقب الخليفة. فهم يعتقدون أن الإمام يحمل إشعاعاً إلاهياً. ولذلك فالإمام لا يضل ولا يخطئ فهو يعمل بإرشاد الله». (صفحة 218 و219 و224)
تحدث الكتاب عن عدم كفاءة العرب لحكم البلاد التى فتحوها، فقال: «كان العرب معتادين على الحياة بالطريقة القبلية، وكانوا قليلى الخبرة فى إدارة وحكم البلاد، والإشراف على سكانها، فكيف إذن يسنون القوانين التى تلائم أبناء ثقافات مختلفة. وكيف يحكمون شعوباً عديدة وبلاداً عديدة». (انظر ص 212) وقال فى موضع آخر: «حلت الكارثة على اليهود فى غرناطة بعد مقتل يوسف الناجيد. فتعلم يهود الأندلس أن مكانتهم فى بلاطات الملوك لا تضمن لهم الحماية والأمن. وسرعان ما تبين لهم أن الملوك المسلمين غير قادرين على حماية حتى أنفسهم وملكهم». (صفحة 274)
وقد شوه الكتاب صورة الأنبياء والرسل، فقد ذكر أن سيدنا إبراهيم عليه السلام كان أول من آمن بالإله الواحد. (صفحة 205) وأن سيدنا محمداً «صلى الله عليه وسلم» هو الذى طور زيارة الكعبة وأضاف إليها من تلقاء نفسه بعض الطقوس، وجعلها الركن الخامس من أركان الإسلام. يقول الكتاب: «أدرك محمد أنه من الصعب إلغاء عادة قديمة هى الذهاب للكعبة، وتلك العادة كانت منتشرة بين العرب، ولذا فقد غير محمد هذه العادة الوثنية القديمة، وصب فيها مضامين جديدة، منها: الطهارة، والطواف، والوقوف بعرفة، ثم عيد الأضحى». (صفحة 205)
كما زعم أنه «صلى الله عليه وسلم» تأثر فى أثناء رحلاته التجارية إلى بلاد الشام بمعتقدات التوحيد والإيمان لدى كل من اليهود والمسيحيين، فقال: «خرج محمد مع قوافل التجارة إلى بلاد أخرى، وكان من بينها سوريا وأرض إسرائيل، وخلال هذه الرحلات التقى بأبناء شعوب أخرى، وديانات أخرى، وقد تأثر محمد بطريقة حياتهم، وبعاداتهم، وبخاصة فى الإيمان بالله الواحد، وهذا الإيمان كان شائعاً لدى اليهود والمسيحيين». (صفحة 198) ثم عاد وكرر نفس المعنى فى صفحتى 208 و230. والأدهى من ذلك أنه كلما أراد مؤلفو الكتاب الاستشهاد بآيات من القرآن الكريم فإنهم كانوا ينسبونها إلى «رسول الله صلى الله عليه وسلم». فكأن هذه الآيات هى من كلام «الرسول» وليست وحيا من الله عز وجل، من ذلك: قوله تعالى فى الآية الخامسة من سورة التوبة: «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد» (صفحة 210)
كما شوه الكتاب صورة الخلفاء الراشدين، فقد ذكر عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه «بعد أن توقفت الحروب، واستقرت الأوضاع، تولى الحكم عدد من الخلفاء الحاقدين الذين أثاروا موقف اليهود، هؤلاء الخلفاء اتخذوا قرارات أثرت تأثيراً سيئاً على اليهود، وهذه القرارات تسمى قرارات عمر. وقد نصت على أنه يحظر على اليهود والمسيحيين حمل السلاح، وامتطاء جياد، وإجراء طقوس دينية علانية، وإنشاء دور جديدة للعبادة، ويتحتم على أهل الذمة ارتداء ثياب خاصة تميزهم عن المسلمين، ويحظر عليهم أيضاً تولى المناصب التى تجعلهم متحكمين فى أمور المسلمين، تلك القوانين فرضت قيوداً خطيرة على اليهود». (صفحة 232)
كما يزعم الكتاب أن لليهود دوراً فى فتح بلاد الأندلس، فيقول: «رحب اليهود بقدوم الجيش الإسلامى الذى وضع حداً لسيطرة المسيحيين الحاقدين، لقد اعتمد قادة الجيش الإسلامى على إخلاص اليهود، واستعانوا بهم فى فتح الأندلس، فلم يكن المسلمون يعرفون ظروف هذه البلاد، ولا عادات سكانها، ولا لغاتهم، ولأن اليهود يعرفون الأرض والسكان، فقد عينهم المسلمون جنود حراسة فى المدن المفتوحة، وأعطوهم أراضى من التى صودرت فى الحرب، واستعانوا بهم كمديرين للمناطق التى انتقلت إلى سيطرة الفاتحين المسلمين بعد الحرب... وعمل بعض اليهود كمستشارين سياسيين واقتصاديين لبعض الحكام المسلمين». (أنظر ص 264) وذلك من أجل تدعيم التطبيع مع الكيان الصهيونى.
ومضى فتحدث عن إسهامات اليهود فى الدولة العربية الإسلامية فى الأندلس، فذكر أن من اليهود من تولى قيادة بعض الجيوش الإسلامية، وذكر بصفة خاصة صمويل الناجيد (993 1056م) الذى كان وزيراً وقائداً لجيش حبوس ملك غرناطة، لمدة تزيد على ثلاثين عاماً. وأنه أدار شئون المملكة وخرج على رأس جيشها فى الحروب، وحقق انتصارات مهمة. (انظر ص 267).
رابعاً: ومن السلبيات المقيتة والممجوجة الـــتى وقع فيها الكتاب أنه زاخر بالعديد من الرسومات الـــتى تتناول جسم سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم» (ما عدا الوجه)، وتتناول أيضاً بعض الخلفاء الراشدين والصحابة رضى الله عنهم أجمعين من ذلك: ص 199 رسم لظهور جبريل عليه السلام لنبينا محمد «صلى الله عليه وسلم». وفى ص 206 رسم لهجرته صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة. وفى نفس الصفحة رسم لأهل مكة وهم يقذفونه بالحجارة.
وفى ص 207 رسم لزواجه صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين خديجة رضى الله عنها. وفى ص 221 نجد رسمين: الأول لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وحوله الخلفاء الراشدون الأربعة: أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعلى. والرسم الثانى لسيدنا على وفى يده السيف يحارب أعداءه.
وإذا انتقلنا لكتاب تاريخ علاقة اليهود بالشعوب الأخرى والذى يدرس للصف الرابع بالمرحلة الابتدائية، نجد أنه يتبنى مجموعة من القيم الدينية اليهودية ومنها خصوصية العلاقة بالرب وعقيدة الاختيار الإلهى لبنى إسرائيل. يظهر الإله فى اليهودية إلهاً قومياً خاصاً مقصوراً على الشعب اليهودى وحده، بينما نجد أن للشعوب الأخرى آلهتها حتى تصبح وحدانية الإله من وحدانية الشعب. ولهذا، ظلت اليهودية دين الشعب اليهودى وحده، فقد اختير من بين جميع الشعوب ليكون المستودع الخاص لعطف الإله يهوا. كما أن تاريخ البشر يدور بإرادة الإله حول حياة ومصير اليهود. وتُستخدَم للإشارة إلى الشعب اليهودى. وتزداد أهمية اليهود كشعب مقدَّس، ويزداد التصاق الإله بهم وتحيُّزه لهم ضد أعدائهم. فاليهود قد خُلقوا من مادة مقدَّسة مختلفة عن تلك المادة التى خُلقت منها بقية البشر. فاليهود، بآثامهم، يؤخرون عملية الخلاص التى تؤدى إلى خلاص العالم. وهم، بأفعالهم الخيرة، يعجلون بها. ولذا، فالأغيار والإله يعتمدون على أفعال اليهود الذين يشغلون مكانة مركزية فى العملية التاريخية والكونية.
لكل هذا يُشار إلى الشعب اليهودى بأنه «عم قادوش»، أى «الشعب المقدَّس» و«عم عولام» أى «الشعب الأزلى»، و«عم نيتسح»، أى «الشعب الأبدى». وقد جاء فى سفر التثنية (14/2) «لأنك شعب مقدَّس للرب إلهك. وقد اختارك الرب لكى تكون له شعباً خاصاً فوق جميع الشعوب الذين على كلمة (ابن الله) فى بعض الأحيان وجه الأرض». والفكرة نفسها تتواتر فى سفر اللاويين (20/24، 26).
وقد تبنى الكتاب مجموعة من القيم منها وحدة الجماعات اليهودية: تكرر فى الكتاب عبارات تؤكد وحدة الجماعات اليهودية فى مختلف أنحاء العالم القديم, وهو مفهوم معاصر تحاول الصهيونية ترسيخه دون أى اعتبار للمكان والزمان واللغة وتطلق عليه «وحدة الشعب اليهودى», فنجد تعبيرات مثل: «أمتنا» (ص7), و«آباؤنا» (ص10), و«أرضنا» (ص14), و«أبناء إسرائيل» (ص23), و«أسباط إسرائيل» (ص45), و«أبناء يعقوب» (ص94), و«أصحاب الدين الواحد» (ص52).
الارتباط الدائم بأرض إسرائيل: شعر المسبيون فى بابل بالغربة عن وطنهم الأصلى «أرض إسرائيل», على الرغم مما «أتيح لهم من حياة كريمة وحرية العبادة فسمح لهم ببناء معابد خاصة بهم. تفرض عليهم السلطات البابلية مكانا محددا يقيمون فيه, فأقام بعضهم فى بابل وأقام البعض الآخر فى المدن المطلة على نهرى دجلة والفرات.
كما عملوا فى التجارة وحققوا ثروات طائلة, وحافظوا على استخدام العبرية فى حياتهم الداخلية رغم تعلمهم الآرامية للتحدث بها فى حياتهم العامة. ومع ذلك لم ينقطع حنينهم وشوقهم إلى أرض إسرائيل, أرض الآباء» (ص18). من هنا يطلق عليها المؤلفان فى موضع آخر «أرض شوقهم» (ص23), كما يطلقان عليها «أرضنا» (ص12), و«بنو إسرائيل وأرضهم» (254). ولا يكتفى المؤلفان بالرجوع إلى التاريخ وإنما يوردان مقولات لرجال الدين اليهودى فى المشنا تؤكد ارتباط اليهود بأرض إسرائيل وهم خارجها «من يقيم فى أرض إسرائيل ويقرأ فيها صلاة الشماع فى الفجر والمغرب ويتحدث باللغة المقدسة (العبرية) سيحيا الحياة الأخروية (توسفتا: براخوت:5)» (ص235).
ويستطرد المؤلفان فى الحديث عن الموضوع نفسه فى معرض حديثهما عن أحوال اليهود المنفيين فى بابل كمنفى اختيارى «على الرغم من أنهم أحبوا البلاد التى أتاحت لهم أن يعيشوا فيها لأجيال عدة, فلم يغيروا أرض وطنهم ببلد أجنبى، لأن ذكرى أرض إسرائيل لم تنمح من قلوبهم. فقد كانت فى نظرهم موطنهم الحقيقى وأملوا أن يعودوا إليها بحلول الموعد. فقد حافظوا على أيام الصوم التى تحددت بمناسبات خراب الهيكل الأول والثانى» (ص266). ولكى يؤكد المؤلفان على هذا البعد الصهيونى يشيران إلى أن «كثيرا من الآباء الذين لم يتمكنوا من السفر إلى أرض إسرائيل فى حياتهم أوصوا أبناءهم أن ينقلوا رفاتهم إلى أرض إسرائيل. فلقد آمن أبناء بابل أنه لا راحة أبدية لليهودى إلا فى أرض إسرائيل» (ص269).
- شراء الأرض من الفلسطينيين: يتردد هذا الزعم الصهيونى فى العصر الحديث بأنهم اشتروا أرض فلسطين من محتليها الفلسطينيين. والكتاب يورد فى ثناياه أن الحاخامات شجعوا سكان البلاد اليهود على شراء أرض من الأغيار.
- صهينة التاريخ القديم: يمكن أن نلحظ فى هذا الكتاب ظاهرة مهمة وهى صهينة التاريخ الإنسانى, بحيث يقوم المؤرخ الصهيونى بإعادة ترتيب التاريخ القديم وينتقى منه ويترك منه ما لا يريد ليوجه أحداث التاريخ نحو وجهة معينة تتفق ونواياه ومقاصده التى تعيد البلاد إلى الحوزة اليهودية.
لمعلوماتك...
◄100 مليون شيكل يتم إنفاقها على التعليم الدينى فى إسرائيل عام 2009م
◄1973 العام الذى تقدمت فيه جولدامائير باستقالتها
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة