استجابت السماء إلى دعوتها التى لم تكن تفارق لسانها ليل نهار، هددت كثيراً بإشعال النار فى نفسها، وبالفعل كانت تسكب على نفسها الجاز عقب كل شجار بينها وبين زوجها. فى أول أيام عيد الأضحى، طلب عم يسرى من زوجته أن تعد له طعام الغداء، لحظات قليلة وسمع صرخاتها وشاهد النار تلتهم ملابسها، حاول إنقاذها إلا أنها اندفعت نحو الشارع صارخة فغطى جسدها ببطانية لإخماد النيران.
ساعات قليلة وعلم بوفاتها متأثرة بالحروق التى أصابتها وتحول العيد إلى عزاء يوزع فيه القهوة بدلاً من اللحوم. حزن عم يسرى «47 سنة» على وفاتها حزناً شديداً حتى أصابه مرض السكر الذى أخذ ينهش فى جسده تدريجياً ولم يعد قادراً على رعاية ابنتيه، ولم يجد من أقاربه من يهتم بهما «اتلطمت بالعيال ومابقتش عارف اشتغل». فقرر الزواج حيث كان شرطه الوحيد بمن سيتزوجها أن ترعى ابنتيه وبالفعل تزوج وأنجب ولداً وبنتا آخرين.
جرح بسيط بجوار أحد أصابع القدمين، تحول مع الوقت إلى تضخم فى الإصبع، فنصحه الأطباء بضرورة استئصال هذا الإصبع، لكن بعد أسبوع استمر تضخم قدمه فذهب إلى طبيب آخر قال له: «الدكتور اللى عملك العملية شال الصباع وساب السوس فى العقلة» ليدخل فى سلسلة من الأخطاء الطبية التى سببت له قرحة، واضطرته إلى استئصال ثلاثة أصابع من قدمه إضافة إلى عظام القدم.
باع التاكسى الذى كان يعمل عليه فى محاولة لتوفير نفقات هذه العمليات، واكتفى بمبلغ 145 جنيهاً هو إجمالى ما يحصل عليه من معاش, إلا أن تكاليف العمليات فاقت مقدرته المادية، واضطر إلى استبدال معاشه للحصول على سلفة من البنك، لم تتجاوز الثلاثة آلاف جنيه أنفقها على العلاج، ولم يتبق من المعاش سوى 9 جنيهات يحصل عليها كل عدة أشهر، بالإضافة إلى 70 جنيهاً يقدمها له المسجد شهرياً.
لجأ للعلاج على نفقة الدولة، وقال له الطبيب إنه يحتاج إلى قرار بـ 13 ألف جنيه لإجراء عمليتين فى قدميه، إلا أنه فوجئ بوزارة الصحة تصدر قرارا بـ600 جنيه فقط، مع كتابة اسمه بصورة خاطئة حيث تحول اسم جده من عبد المطلب إلى عبد اللطيف! يتكلف علاج عم يسرى حوالى 300 جنيه شهريا بالإضافة إلى أنه يعول أسرة مكونة من زوجة و4 أطفال فى مراحل التعليم المختلفة وكل ما يحلم به «كشك» يعينه على كسب العيش.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة