د. محمد مورو

حماس المنتصر الأول

الخميس، 22 يناير 2009 11:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الغريزة الاستعمارية هى ظاهرة باتت معروفة بالنسبة لكل أنواع الاستعمار، وهى سمة شبه ثابتة لدى كل قوى الاستعمار على اختلاف أنواعها، ولعل أبرز خصائص هذه الغريزة هى أن الاستعمار دائما غبى ولا يتعلم من الدروس، فهو مستكبر مغرور ودائما يكرر أخطاءه، وبالإضافة إلى العناد والغرور، فهو أيضا عنيف قاس لا يقيم للحياة الإنسانية وزنا!! وهناك بالطبع خصائص أخرى تعكسها الغريزة الاستعمارية، وليس هنا محل رصدها ومناقشتها، ولعل الاستعمار الصهيونى يمثل أسوأ ما فى هذه الغريزة من حيث العنف والقتل والاستهانة بالحياة البشرية، وأيضا من حيث الغباء، ويهمنا فى هذا المقال أن نركز على الغباء الصهيونى، مع الأخذ فى الاعتبار أن الفكرة الصهيونية هى تكريس للغباء، ذلك أن قطاعا من اليهود «الصهاينة» قبلوا فكرة إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين، على اعتبار أن ذلك يحقق لهم مكانا آمنا من الاضطهاد الذى عانوه طويلا على يد الأوروبيين!! ولم يكن لأهل فلسطين ولا للعرب ولا المسلمين أى دور فى الاضطهاد ضد اليهود، بل لعل اليهود قد عاشوا فى العالم الإسلامى دائما بدون خوف ولا اضطهاد فى مصر والمغرب واليمن والعراق وإيران.. إلخ، بل لقد سمحت لهم الحضارة الإسلامية بالنبوغ والمشاركة الفعالة «ابن ميمون فى الأندلس نموذجا». وإذا تحدثنا عن غباء قطاع من اليهود، نجد أنه غبار تاريخى، وعلى عكس ما يروج له من الذكاء اليهودى، فإن هذا القطاع من اليهود قد عاندوا الله تعالى، ونفهم أن يؤمن المرء ويعصى الله لأنه ضعيف، أو أن يلحد بالله تعالى لأن تفكيره قاده إلى هذا، أما أن يؤمن ويعاند الله فهذا هو الغباء المطلق، لأنه يؤمن أن الله قوى وقادر ثم يعانده!!

نعود إلى الغباء الصهيونى فى العدوان على غزة، فإذا كان الهدف هو الإطاحة بحماس - وهو هدف شبه مستحيل - فإن ذلك لو تحقق يعنى تحويل غزة إلى مرتع للتطرف والإرهاب بكل أنواعه بما فيه القاعدة، وبديهى أن ذلك أخطر على المشروع الصهيونى من حماس، التى كان من الممكن أن تتفاهم يوما ما بشكل ما، ثم إن القضاء على حماس لا يعنى القضاء على القاعدة، صحيح أن حماس هى العنوان الرئيسى للمقاومة الفلسطينية الآن، ولكن غيابها لا يعنى غياب المقاومة، فالمقاومة ستستمر بحركات أخرى وقوى أخرى موجودة بالفعل أو ستظهر فيما بعد لأن المقاومة مرتبطة بإرادة وحقوق شعب لن يباد ولن يغيب مع غياب حماس.

وإذا كان الهدف إضعاف حماس، فإن العدوان على غزة قد قوى حماس بالفعل، وإذا ما خرجت حماس من هذه المعركة بعد تصفية نهائية لها، فسوف تصبح رمزا للكل العرب والمسلمين وسوف تزداد قوة، لأن السم العرب لا يقتل يزيد المرء قوة، ستخرج أقوى تجربة وستحصل على السلاح بطريقة أو أخرى، ويكفى مثلا أن صور خالد مشعل وإسماعيل هنية ترفع فى تركيا وباكستان وأندونيسيا والمغرب، سيصبح خالد مشعل أو الزهار رمزا عربيا وإسلاميا أكبر حتى من حسن نصرالله، لأن المسلمين السنة كانوا فى توق لشخصية مقاومة بديلة لحسن نصرالله الشيعى، وبديهى أن السنة هم الأكثرية الساحقة للمسلمين، وهكذا فإنه على مستوى الرمز ومستوى الواقع، فإن عدم الإطاحة بحماس يعنى تقويتها وليس ضعفها. وهكذا فإن العدوان على غزة إيا كانت نتائجه أو درجة خسائر أهل غزة هو عكس مصلحة إسرائيل على طول الخط، وهذه هى الغريزة الاستعمارية، التى تختار التصرف الخطأ عادة ولا تتعلم من أخطائها، والحمد لله على ذلك.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة