◄صفقة أحمد عز والإخوان لاقتسام نقابة المحامين
هل هى المكايدات التى أوصلت نقابة المحامين إلى هذا النفق القضائى المظلم؟ وأى نوع من المكايدات..؟.. المحامون يجيدون اللعب بالقانون، نعم وهذا مما لاشك فيه. لكن الدولة تتقن هى الأخرى لعبة السياسة، وحفر أنفاق، قضائية وسياسية تحت أقدام النقابات وأحزاب المعارضة، ونسفها عند اللزوم.
ومن ثم لم تكن هناك مفاجأة على الإطلاق فى حكم محكمة القضاء الإدارى يوم الخميس الماضى قبل 72 ساعة من إجراء الانتخابات التى كان مقررا لها أمس الأول الأحد بتأجيلها إلى أجل غير مسمى، حتى يتم تنقية الجداول الانتخابية. العليمون ببواطن الأمور, وبأحكام اللعبة هم فقط من راهنوا على أن الانتخابات لن تجرى، مع ذلك تمادوا فى لعب الأدوار المرسومة لهم، قبل صدور الحكم، وحتى بعد انتهائه. استمروا فى أداء هذا الدور لحسابهم الشخصى أو لحساب الحكومة أو للاثنين معا.
الدولة كانت مستعدة ومبكرا لأية احتمالات، وجريا على عادتها، قامت بحفر أنفاق قانونية وسياسية للمحامين والأحزاب معا للتهرب من استحقاق إجراء الانتخابات فى موعدها. فدفعت إلى البرلمان بقانون جديد للانتخابات يلغى الإشراف القضائى عليها، وتغاضت عن دعوات سابقة لتنقية جداول المحامين الانتخابية ليبقى ذلك سلاحا تستخدمه وقتما تشاء. والانتخابات الحالية للمحامين، تأتى وسط ظروف سياسية داخلية وإقليمية بالغة الحساسية، فكان لزاما تأجيلها إلى حين التفرغ للأزمات الأخرى الداخلية والإقليمية.
أولى الأزمات: عدم التسامح إزاء جماعة الإخوان أكثر من ذلك فى الحياة النقابية والسياسية المصرية، وإنهاء فصل الربيع الذى تمتعوا به على مسرح الحياة النقابية المصرية فى السنوات الأخيرة وبما أثاروه من زوابع سياسية، رغم أن الإخوان تعاملوا بواقعية سياسية فى تلك الانتخابات تحديدا، وارتضوا «كرها» تقاسم مقاعد مجلس النقابة مع أكثر من فصيل سياسى فى إطار صفقة مع الحكومة والحزب الوطنى يتردد بين المحامين أن المهندس أحمد عز أمين التنظيم فى الحزب الوطنى أشرف عليها، تقضى بحصول الإخوان على 6 مقاعد فقط فى الانتخابات المؤجلة، ومثلها للوطنى، ومثلها لليسار، ومثلها لقائمة سامح عاشور المرشح, الذى من المفترض أنه كان الأوفر حظا لمنصب النقيب فى حال أجريت الانتخابات.
صفقة الستات الأربع مع ذلك، كان محكوما عليها بالتأجيل على ما يبدو، إن لم يكن خوفا من حنث الإخوان قبل إجراء الانتخابات مباشرة، فبسبب اندلاع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وما شهده من حيوية سياسية للاخوان.
بفرض أن إسرائيل لم تشن عدوانها, هل كان يمكن إجراء الانتخابات؟
كلا، النية كانت مبيتة على الأرجح لإرجاء الانتخابات وفرض الحراسة على النقابة كلما وجد النظام إلى ذلك سبيلا. فتجربة الإخوان السياسية لم تعد تطاق، سواء فى النقابات أو تحت قبة البرلمان. مع ذلك كان العدوان الإسرائيلى الفرصة الذهبية للنظام لتأجيل الانتخابات.
وما يحدث حاليا فى المحامين مرشح للتكرار فى نقابات أخرى وفى الانتخابات البرلمانية، خاصة بعد إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات فى العام الماضى. لا ننسى أيضا أن هناك انتخابات رئاسية فى العام بعد المقبل، وليس محبذا على الإطلاق وجود أى معارضة شرعية لنظام الحكم عبر صناديق الاقتراع.
فى نقابة المحامين تحديدا، كان التربص أكثر مما يمكن إخفاؤه تحت أى ذريعة. فالجو العام الذى أحاط بعملية فتح الترشيح للانتخابات أمنى، ومتلاعب حتى بالتشريعات الحاكمة للعملية الانتخابية، فقد تم تضمين مادة جديدة هى المادة 131 فى نص القانون 197 المستحدث، تجعل من الجمعية العمومية جمعيتين، إحداهما للنقيب والمستوى العام (أى النقابة العامة)، والثانية للمحاكم الابتدائية, مما يصبح معه مستحيلا اكتمال الجمعية العمومية لـ 160 ألف محام على مستوى الجمهورية سددوا الاشتراكات ولهم حق التصويت من بين 400 ألف محام فى مصر.وحتى لو أجريت، من الصعوبة إعلان النتيجة لأن عدد أعضاء المجلس هكذا قد يصبح 55 عضوا, وبما يمكن من الطعن عليها بسهولة.
المسألة غاية فى التعقيد إذن، وتخضع لمكايدات شخصية كذلك بين المرشحين الرئيسيين لخوض الانتخابات، أى هؤلاء المرشحون لمقعد النقيب. هؤلاء الذين لم يطرحوا أى برامج انتخابية حقيقية، لا سياسية: تتعلق بالحريات والإصلاح والديمقراطية، ولا خدمية: كالعلاج والمعاشات..إلخ. والذين كان همهم الأكبر طوال فترة الحملة الانتخابية قبل إجراء الانتخابات الملغاة تبادل الاتهامات والدس لبعضهم البعض.. سامح عاشور وجبهته فى جانب. ورجائى عطية فى جانب ثان. وبينهما حمدى خليفة ومنتصر الزيات وطلعت السادات والإخوان.
من هؤلاء المرشحين خرج من طعن على إجراء الانتخابات، بدعوى أن الكشوف الانتخابية مليئة بالثغرات الفاضحة، وحين صدر الحكم بإرجائها إلى أجل غير مسمى قام بالتهليل له. وهو تهليل ظاهره تحقيق العدالة والمساواة والنزاهة الانتخابية. لكن باطنه المكايدة بكل تأكيد.. شخصية وسياسية, باختلاف التوجهات السياسية للمرشحين. ليس هذا فقط، بل بتقديم خدمة للنظام، كان فى أمس الحاجة إليها فى هذا التوقيت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة