«ماخطرتش على بالك يوم تفطر عندى؟!», «الفول اللوز», «لو عايز الفول كلمنى ع المحمول» ! على إحدى عربات الفول بشارع العمرانية فى الجيزة , يقف «أحمد شعبان» يومياً، كما كان يقف أبوه، ولمدة 20 عاماً فى المكان نفسه، أصبح الأب «عم شعبان» عاجزاً مما اضطر أحمد للاكتفاء بالحصول على الشهادة الإعدادية، والوقوف بعربة الفول ،«عائل الأسرة» المكونة من 7 أفراد هم أحمد وأخواته. يستطيع المار بجوار عربة فول أحمد، أن يراه وهو يتلفت حوله فى كل الاتجاهات، خوفاً من مجىء عربة البلدية، أو واقفاً فى ثقة يتوهمها يقلب الفول ويصب للزبائن، أو بيدين ترتعشان يقطع الرغيف والطماطم وكل ما يمكن تقطيعه، أو تراه وهو يجرى بالعربة والحمار بمجرد أن يلمح البلدية لـ«يتدارى» فى أى شارع جانبى، أو حتى تراه فى مرات نادرة يبتسم لأن زبوناً قال له نكتة متعمداً إضحاكه وإخراجه من حالة البؤس المرسومة على وجهه.
يسكن أحمد فى «الكونيّسة» إحدى عشوائيات حى الهرم وأكثرها فقراً, وعن قصته مع الفول يقول: أنا بـ«أعلّق» على الفول الساعة 10 الصبح وعلى الساعة 2 يكون استوى، بآخذ العربية بالحمار وآجى أقف هنا جنب الرصيف بس بكون خايف طول الوقت. وهنا انقطع كلام أحمد، لأن عربة البلدية هجمت بالفعل, الآن سمعت بأذنى شتائم فجة، ورأيت جثثا واقفة مستعرضة الشارع، وفى ثوان ارتعش ولم أجده أمامى، انزوى أحمد بعد أن جر العربة والحمار بصعوبة بالغة، خوفا من انقلاب العربة، إلى شارع جانبى ومشيت معه لاستكمال القصة.. فبادرنى بوجه حزين: أقول إيه ما هو زى ما سيادتك شايفه، باشوف الخوف كل نص ساعة وفترة الأمان الوحيدة بالنسبة لى بتكون ما بين 12 إلى 2 بالليل بس, ودى الفترة اللى البلدية مبتعديش فيها. أنا مكسبى لا يتعدى 5 جنيهات فى اليوم، يا دوب بألم بها حق الخضار إللى باستعمله فى تحويج الفول ده غير البيض والزيت.
نفسى أعيش اليوم بيومه، برزقه حتى ولو قليل، أنا راضى بقسمة ربنا، لكن إللى مش قادر أقبله، إن كل يوم يمر علىَ، أحس إن «حتة» من كرامتى ماتت، الخوف صعب يا أبله، خاصة للشباب، لأنه بيكسر النفس ويحطمها، مش بيقولوا إن أصعب حاجة هى قهر الرجال.. أنا نفسى أعيش راجل ومش مقهور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة