يعتمد استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس على قدرة المجتمع الدولى على منع تدفق الأسلحة إلى الإرهابيين. ولكن هذه المرة، الإرهابيون هم الإسرائيليون الذين يحصلون على الطائرات والدبابات والصواريخ من "مكان ما"، وإلى أن تنقطع هذه الإمدادات، فمن الوارد أن تقوم إسرائيل بضربتها القادمة وقتما تشاء.
وما يدعو للحزن، بل والصدمة، هو تجاهل هؤلاء الإرهابيين وأنصارهم إلى قيمة الحياة، فعلى سبيل المثال، قال توماس فريدمان، صحفى فى نيويورك تايمز، إن غرض إسرائيل من شن الهجمات على قطاع غزة، هو "إلحاق خسائر فادحة فى الأرواح والتسبب فى إحداث أكبر قدر ممكن من الألم على سكان قطاع غزة".
وإن قمنا باستبدال كلمة "غزة" بـ "الغرب"، لوجدنا تصريحاً مماثلاً للتصريحات التى يكتبها تنظيم القاعدة. وربما هذه هى المشكلة "أن الإسرائيليين يكتبون سياساتهم عن طريق تحميل التصريحات من مواقع الجهاد الإلكترونية، ولكنهم فقط يغيرون أسماء الأماكن. وإذا كان يعتقد الإسرائيليون أن صورايخ حماس مميتة بالقدر الذى يصفونه، فلماذا إذن لا تتبادل إسرائيل معهم طائرات الإف-16 ومروحيات الاباتشى مقابل بضعة من صواريخ حماس الفتاكة؟!"
المزايا العسكرية لهذه الصفقة ستكون هائلة، وذلك لأن مشكلة إسرائيل تكمن فى استخدام حماس للأنفاق فى تهريب الأسلحة. ولكن إن قامت إسرائيل بإعطاء حماس عددا من الطائرات والدبابات والمروحيات، ربما تقتنع الأخيرة بإغلاق هذه الأنفاق.
ومن ناحية أخرى، فمهما يقال عن إسرائيل، فيجب ألا ننسى أنها تنقل أسلحتها "بصورة شرعية" – ماعدا هذه المرة التى قامت فيها إسرائيل ببناء ترسانة نووية سراً مخالفة بذلك مجموعة من الاتفاقات الدولية. ولكنهم أنشأوها فوق الأرض وليس تحتها فى أنفاق وهنا يكمن بيت القصيد!
وعند النظر إلى التقارير التى تتعلق بغزة، يجد المرء سبباً آخر لاحتمال خرق وقف إطلاق النار وشيك. قد تدعى إسرائيل أن الصور التى يلتقطها قمرها الصناعى تكشف عن حيازة الفلسطينيين لأسلحة قاتلة، تتمثل فى الكم الهائل من الركام والحطام. ولكن هذه المرة، لحسن الحظ، سيكون من السهل اكتشافها لوجود النساء المنتحبات بالقرب من حطام منازلهم التى قصفتها القوات الإسرائيلية.
يقول الإسرائيليون إنهم يخشون أن تقوم حماس بخرق وقف إطلاق النار مرة أخرى، بإطلاق صواريخها "المميتة"، ولكن ألم تشن إسرائيل الحرب لجعل هذا الأمر مستحيلاً؟ أم أن سفك دماء 1,300 فلسطينى، معظمهم من المدنيين، بينهم أكثر من 400 طفل جعلها تعدل عن قرارها؟ وعلى ما يبدو أنهم عهدوا إلى البحث الطبى الذى يقول إن أفضل علاج للأشخاص الذين يعانون من القلق ونوبات الغضب وسوء السلوك يكمن فى فرض حصار وحشى ومنع الإمدادات الطبية والغذاء وقتل عدد منهم.
وهناك طريقة أخرى لتبديد المخاوف الإسرائيلية المتعلقة بخرق حماس لوقف إطلاق النار، وهى قراءة تقرير الموساد الإسرائيلى ومركز معلومات الإرهاب الذى جاء فيه أن "حماس لم تشارك فى إطلاق الصواريخ، بل منعت المنظمات الأخرى من شن الهجمات"، ولكن نظراً لانشغالهم فى شن عدوان على غزة، لم يجدوا وقتاً كافياً لقراءته.
ومع ذلك، كان هذا العدوان الإسرائيلى الأول الذى نتج عنه بعض الإيجابيات، فلأول مرة كثرت أعذار الحكومة الإسرائيلية لارتكابها مذبحة بشرية على أرض قطاع غزة المنكوب. وكذلك احتشد الجميع حول العالم فى مظاهرات عارمة للتنديد بالمجازر الإسرائيلية وللتضامن مع فلسطين بشكل لم تشهده الأزمة الفلسطينية من قبل. وفى مرة هى الأولى من نوعها، قامت الأمم المتحدة باتهام إسرائيل بارتكابها جرائم حرب. وأظهر استطلاع رأى فى الولايات المتحدة الأمريكية أن 60% من الشعب الأمريكى عارض القصف الإسرائيلى، واعترف دبلوماسى إسرائيلى أن "الضرر الذى ألحقته القوات الإسرائيلية بالمدنيين فى غزة قد تسبب فى إحداث ضرراً بالغاً للحكومة الإسرائيلية".
وجاء اختيار إسرائيل لتوقيت الحرب ممتازاً كما لو أن الرئيس الأمريكى، المنتهية ولايته، جورج بوش أعلن قبل ثلاثة أسابيع من ترك العرش الأمريكى: "هل يوجد من يريد أن يقوم بشن انفجار أخير قبل فوات الأوان؟ هيا الآن، أليس لديكم منازل تقومون بهدمها؟!".
أى مبررات ساقتها إسرائيل لقتل 1300 فلسطينى دون ذنب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة