إصابات الملاعب أصبحت غولاً يهدد مستقبل نجوم الرياضة، بحسب تعبيرات الأطباء فى مجال الطب الرياضى. ولعل أخطر الإصابات التى حددها الطب الرياضى على النجوم تنحصر فى إصابتين هما الأشد فتكًا، "الرباط الصليبى" و"الكسر المضاعف".
وشهد الأسبوع الحالى إصابة لاعبين بالرباط الصليبى، الأول هو فيداد إبيسيفيتش هداف الدورى الألمانى، والثانى هو جو كول. أما الموسم الماضى 2007 – 2008 فقد شهد هو الآخر حادثين مؤسفين فى ملاعب كرة القدم، يتعلقان بإصابات رياضية من العيار الثقيل، الأول هو إصابة الدولب البرازيلى رونالدو مهاجم ميلان السابق وفلامنجو الحالى بقطع فى الرباط الصليبى، مما أبعده عن الملاعب لمدة سنة كاملة تقريبًا، والثانى هو إصابة لاعب الوسط الكرواتى إدواردو دا سيلفا نجم هجوم فريق آرسنال الإنجليزى بكسر مضاعف فى الساق.
أما فى مصر كان أول اكتشاف للرباط الصليبى، عندما أصيب نجم الأهلى ومصر سابقًا والمدير الفنى الحالى لبتروجيت مختار مختار فى لقاء لفريقه أمام المقاولون العرب، ولم يستطع مختار العودة للملاعب، وكذا الحال للنجم الأسمر إبراهيم يوسف الذى قضى على حلمه بالفوز بالكرة الذهبية لأحسن لاعب إفريقى عام 84، بل وحلمه فى الاحتراف الأوروبى فى فرنسا تحديداًَ.
ولعل النجم الكبير محمود الخطيب "بيبو" يعد نموذجاً لتهديد الكسر المضاعف للنجوم، حيث أصيب نجم مصر والأهلى السابق بكسر مضاعف فى عظمتى القصبة والشظية، فى لقاء بين مصر والسودان عام 1984 بعد لعبة عنيفة مع المدافع السودانى حمورى الكبير، لكن الأقدار كانت رحيمة وعاد بيبو للملاعب بعد 9 شهور.
والآن يهدد الرباط الصليبى نجم دفاع مصر والأهلى عماد النحاس، الذى أصيب وعولج ثم عاودته الإصابة، ويتم علاجه الآن. وداهم الصليبى أيضًا النجم الشاب إسلام عوض لاعب وسط إنبى والمرشح دولياً بقوة، لهذا رأينا أن نلقى الضوء على تلك الإصابتين اللتين لا يعلم عنهما أحد شيئاً.
هذه الإصابات فتحت ملفًا محزنًا فى عالم الساحرة المستديرة، يتعلق بالإصابات التى من أخطرها على الإطلاق وأشدها فتكًا باللاعبين الرباط الصليبى، الذى يمكن أن يوصف بأنه غول يهدد بالتهام مستقبل النجوم. الجميع فى الأوساط الكروية يعرف جيداً، لكن السواد الأعظم من الجماهير والمتابعين لا يمتلكون أى معلومات عن هذا الرباط الصليبى، فلا هم يعرفون أين موقعه من الركبة ولا وظيفته، ولا حتى لماذا يسمى صليبى؟، فما هو الرباط الصليبى؟، وأين موقعه من الركبة؟، وما وظيفته؟، ولماذا هو صليبى؟.
بداية يجب أن يعرف الجميع أن مفصل الركبة يُعد من المفاصل المعقدة تركيبياً وحركياً فى جسم الإنسان، لأنه المفصل الوحيد فى الجسم الذى يحمل ثقلاً كبيراً، إلى جانب وظيفته الأساسية فى تسهيل الحركة.
وتوجد بالركبة أربعة أربطة، اثنان منهما يعرفان بالرباط الصليبى، أحدهما أمامى والآخر خلفى، حيث يربط الأمامى بين عظمة القصبة من الأمام والفخد من الخلف، بينما يربط الخلفى بين عظمة القصبة من الخلف والفخذ من الأمام، وهما بالتالى يتعامدان على بعضهما على شكل حرف «×» التى تقترب من علامة الصليب، وذلك هو سبب التسمية بالرباط الصليبى.
والرباط الصليبى، يشبه الحبل يبلغ طوله حوالى ثلاثة سنتيمترات، ويقع داخل الركبة، حيث يربط بين عظمتى الفخذ والقصبة، ووظيفته هى منع الحركة العكسية لعظمة الفخذ على عظمة القصبة، فعندما تكون الرِّجل مفرودة تمامًا وفى وضع أفقى، لا يسمح الرباط الصليبى بحركة الساق إلى أعلى مع ثبات الفخذ.
وإصابة الرباط الصليبى الأمامى هى الأكثر شيوعًا وخطورة بين الرياضيين، أما كلمة «قطع» فى الرباط الصليبى، فليس معناها بالضرورة حدوث قطع فعلى بمعناه المتعارف عليه فى شكل انقسام الرباط إلى جزءين، وإنما معناه فقدانه لوظيفته الأساسية، فحدوث تهتك فى جزء من الرباط أو ارتخاؤه، هما أيضًا إصابتان مماثلتان فى الخطورة لإصابة القطع، لأن الرباط الصليبى يجب أن يكون مشدودًا كى يؤدى وظيفته.
وقطع الرباط الصليبى إصابة غالبًا ما تصيب الرياضيين فى لعبات كرة القدم والسلة وكرة اليد، وهى الألعاب التى تستدعى الالتحام والتغيير المفاجئ لاتجاه الحركة، وهما السببان الرئيسان للإصابة، إضافة إلى إمكانية وقوعها فى حادث سيارة مثلاً أو السقوط من ارتفاع عالٍ. ولا توجد طريقة معينة للوقاية من الرباط الصليبى، لكن تقوية العضلات المحيطة بالركبة مثل عضلات الفخذ والسمانة تساعد على تقليل فرص الإصابة به.
كيف يعرف اللاعب أن "رباطه" أصيب؟
وقت حدوث الإصابة يشعر المصاب بألم شديد جدًا، ويحدث تورم فى الركبة بأكملها، ويجب حينئذ التوقف تمامًا عن أى حركة ووضع كمادات ثلج على الركبة، لأن ذلك يمنع حدوث تجمعات دموية ويقلل من الألم، ويتم تشخيص الإصابة لاحقًا عن طريق الرنين المغناطيسى، وإذا تم التأكد من أن الإصابة فى الرباط الصليب، فإن الجراحة هى الطريقة الوحيدة للعلاج، ولكنها يجب ألا تتم قبل مرور شهر من الإصابة، لأن إجراؤها قبل ذلك يزيد من احتمالية حدوث التصاقات فى المفصل. كما أنه لابد من التأكد من أنه لا توجد إصابات أخرى مصاحبة، مثل إصابات الغضاريف الهلالية التى غالبًا تصاحب إصابة الرباط الصليبى، ويتم تحديد ذلك عن طريق المنظار.
وإذا قطع الرباط الصليبى، بالفعل فإنه لا يلتحم مرة أخرى، لأن نهايات أطرافه تكون متهتكة، ولا يصلح تقريبهما من بعضهما البعض، لأن كل طرف منهما يرتبط بعظمة، وإنما يكون الحل هو إعادة بناء رباط جديد من نسيج بشرى، يتم الحصول عليه إما من رباط يربط بين عظمة الرضفة «الصابونة» والقصبة، أو من رباطين آخرين داخل الركبة يجدلان معًا كضفيرة الشعر، ولكن بحجم صغير.
والطريقة الأكثر شيوعًا فى أوروبا وأمريكا، هى استخدام الأربطة من أفراد متوفين، إلا أن ذلك يخضع لمعايير قانونية ودينية، وقديمًا كانت تستخدم أربطة صناعية تعويضية، لكن آثارها الجانبية بدأت تظهر على المدى البعيد، كما كانت الجراحة مفتوحة وتحتاج لوقت طويل فى إعادة التأهيل. ويحتاج المصاب من ستة أشهر إلى سنة بعد الجراحة، حتى يمكنه ممارسة الرياضة مرة أخرى، ويتوقف ذلك على التزام اللاعب نفسه وبنيانه، ووجود إصابات مصاحبة من عدمه، أما المشى فإنه يكون بعد وقت قصير جدًا من إجراء الجراحة.
أما بالنسبة لإصابة الكسر المضاعف فى الساق، فإنها عبارة عن كسر فى عظمتين فى آن واحد معًا، لذلك يعرف بـ «المضاعف»، فالقدم البشرية تتكون من ثلاثة أقسام: الفخذ والساق والقدم، ومنطقة الفخذ تحتوى على عظمة واحدة هى عظمة الفخذ، أما منطقة الساق التى تليها فتوجد بها عظمتان متوازيتان، هما عظمتا القصبة «للأمام» والشظية «للخلف»، وهما العظمتان اللتان تربطان بين عظام القدم من أسفل وعظمة الفخذ من أعلى.
وتمثل عظمة القصبة مصدر إزعاج وقلق لجميع لاعبى كرة القدم، لأنها محاطة بالأعصاب، وبالتالى تكون أى إصابة أو كدمة بها مؤلمة جدًا وتؤدى إلى تورمها، لذلك فهم يرتدون واقيًا لها يعرف بالـ «شنجارد» أو «shin guard» نسبة إلى حرف العظمة المعروف باسم «shin»، وحدوث كسر فى عظمة القصبة صعب، لأنها من العظام القوية، أما عظمة الشظية، فإنها لا تتعرض للإصابة، لأنها توجد بالساق من الخلف.
لكن فى بعض حالات الالتحام القوى قد تحدث إصابة من أخطر ما يمكن، وهى حدوث كسر فى عظمتى القصبة والشظية فى وقت واحد، وهو كسر يفصل تمامًا بين القدم وباقى الجسم، حيث تصبح القدم من أسفل غير مرتبطة بباقى أجزاء الرِّجل بعظام، وإنما كل ما يربطها بها هو العضلات.
وبعيدًا عن الكم الهائل من الألم العضوى الذى يشعر به صاحب الإصابة، فإن شكل الإصابة وقت وقوعها يسبب ألمًا نفسيًا كبيرًا، حيث تبدو القدم متدلية وكأنها مقطوعة ومفصولة عن الجسم. وتحتاج هذه الإصابة إلى تدخل جراحى دقيق وعاجل، أما الشفاء منها تمامًا فيحتاج إلى فترة تتراوح ما بين ستة أشهر وعشرة أشهر.
عماد النحاس .. آخر ضحايا الرباط الصليبى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة