تل أبيب شنت غارات دبلوماسية قبل وأثناء الحرب.. وقطع من صواريخ القسام طافت العالم فى الحقائب الدبلوماسية

هكذا تكسب إسرائيل.. ويخسر العرب!

الخميس، 15 يناير 2009 11:56 م
هكذا تكسب إسرائيل.. ويخسر العرب!
كتب طارق عجلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الديمقراطية، الدبلوماسية، الإعلام.. أيها السبب فى التفوق الإسرائيلى على العرب؟
جميعها. زد على ذلك التقدم العسكرى، والتكنولوجى والاقتصادى، والزراعى. لكن دعونا نكون صادمين لأنفسنا قبل أن يصدم فينا الآخرون، ونعترف بإخفاقنا، على مستويات عدة، جعلتنا نهزم دبلوماسيا وسياسيا مع اندلاع عملية الرصاص المتدفق فى قطاع غزة.

ليس من قبيل جلد الذات القول إن الارتباك الدبلوماسى العربى والمصرى تحديدا وصل إلى ذروته، بالأحرى إلى «القاع» فى تلك الأزمة مقابل نجاح الدبلوماسية الإسرائيلية.دبلوماسية إسرائيل تعى جيدا مواطن القوة الإسرائيلية، عسكرية واقتصادية وديمقراطية وسياسية وتترجمها إلى قوة دبلوماسية وسياسة خارجية ناجحة.

فى الأزمة الراهنة، بدأ التحرك الدبلوماسى الإسرائيلى مبكرا، ومبكرا جدا بتمهيد الأرض لكل الاحتمالات بما فى ذلك الحرب التى شنت على القطاع، ونفذ خطة ناجحة ومحكمة باشرها فى كل الاتجاهات، مع تكثيف عشرات الزيارات إلى الخارج لشرح الموقف الإسرائيلى وبناء التحالفات المطلوبة، وتجنيد الدعم الدولى لتصفية حماس، وعزل الدبلوماسية العربية.

تسيبى ليفنى رئيس الدبلوماسية الإسرائيلية، كانت على رأس كورس دبلوماسى إسرائيلى راح ينشد معزوفة واحدة اسمها «الأنفاق» على جانبى رفح المصرية والغزاوية قبل أكثر من عام تقريبا. وما من مناسبة أو زيارة خارجية للدبلوماسيين الإسرائيليين إلا وطرحوا مسألة الأنفاق وربطوا بينها وبين مزاعم حول تهريب السلاح إلى المقاومة فى حركة حماس والتى تلقيها بدورها على مناطق فى جنوب إسرائيل.

الحكومة الإسرائيلية، لم تستنكف مثلا، إرسال قطع من الصواريخ التى ألقتها حماس على سديروت وعسقلان فى الحقائب الدبلوماسية إلى جميع العواصم المعنية للتدليل على الخطر المزعوم الذى تمثله حماس ضد إسرائيل، على نحو ما ذكرت مصادر دبلوماسية فى القاهرة عند سؤالها عن حدود وقدرات الدبلوماسية المصرية والعربية فى مواجهة الدبلوماسية الإسرائيلية.

المصادر ذاتها، وصفت الدبلوماسية الإسرائيلية النشطة بأنها، كانت بمثابة غارات دبلوماسية شنت قبل وأثناء الحرب، ولن تنتهى مع وضع أوزارها، ولفت إلى أن غارة دبلوماسية أو أكثر شنت على القاهرة فى عقر دارها بغفلة مصرية تامة، فى إشارة إلى زيارة ليفنى للقاهرة قبل ساعات من العدوان.

التحركات الإسرائيلية المبكرة أثمرت أول ما أثمرت وللمفارقة ضد مصر وليس حماس. فقد وصل الأمر بليفنى إلى إرسال شرائط للكونجرس الأمريكى تتهم مجندين من القوات المصرية بمساعدة عناصر حماس على تهريب أسلحة لغزة، وعلى الأثر نجحت تل أبيب فى معاقبة مصر باستقطاع مبلغ 100 مليون دولار من المعونات العسكرية الأمريكية لمصر فى العام الماضى وسط دهشة وعجز الدبلوماسية المصرية والوزير أحمد أبوالغيط، الذى لم يفعل شيئا سوى الرد بتصريح خائب وعنترى ضد نظيرته تسيبى ليفنى محذرا من أن «للدبلوماسية المصرية مخالب» تستطيع أن تستخدمها ضد إسرائيل. لأن المخالب المزعومة منزوعة منذ فترة كبيرة.

فى العموم، لم تلوح مصر بسلاح الدبلوماسية ولم تستخدمه، إلا فى مرات نادرة، وعوضا عنه لجأت إلى دبلوماسية التبرير ورد الفعل، وهى دبلوماسية موجهة إلى الداخل تحاول إقناعه، وليست إلى الخارج الذى هو مجالها الطبيعى، منغلقة وتكاد تتجاهل الآخر إلا فى أوقات الشدة.

ولإسرائيل جماعات ضغط موالية معروفة فى الولايات المتحدة، بينما دولة مثل مصر تكتفى باستئجار شركة علاقات عامة تتولى الاتصالات غير الدورية بأعضاء الكونجرس لشرح الموقف المصرى بين الحين والآخر.

فى الأزمة الحالية تحديدا تبدى التخبط الدبلوماسى العربى، وتناقضه وتضاربه، مقابل الدبلوماسية الإسرائيلية المتماسكة ومحددة الهدف. الدبلوماسية العربية كانت مجرد ردود أفعال للمبادأة الدبلوماسية لإسرائيل، ومقابل المطالب الإسرائيلية المعروفة بوقف إطلاق صواريخ حماس ونشر قوات دولية فى القطاع وعلى معبر رفح بالذات تعددت المبادرات العربية وتناقضت وافتقدت التنسيق، يضاف إلى ذلك الفشل فى عقد اجتماع سريع لوزراء الخارجية العرب، لم يتم إلا فى اليوم الخامس على اندلاع الحرب ومتأخرا عن الاجتماع الذى دعا إليه الاتحاد الأوروبى للسبب ذاته وعقد بعد أربعة أيام.

أما الدبلوماسية المصرية، فقد كانت مشتتة وتعتمد على الآخرين بالأساس: هرولة نحو تركيا أولا، ثم إطلاق مبادرة ثانية فى نفس الوقت مع باريس راعت المطالبة الأمريكية والإسرائيلية فى كل الأحوال، ثم تنسيق عربى لإطلاق مبادرة ثالثة فى مجلس الأمن.. كل هذا فى وقت واحد تقريبا، وكأن هناك حرب مبادرات اندلعت، وتأكل بعضها بعضا فى مواجهة الشروط الإسرائيلية لوقف الحرب.

أبوالغيط، لم يكن مقنعا لأحد وهو يرد على سؤال أحرجه، وجهه إليه أحد الصحفيين فى مجلس الأمن يوم الخميس الماضى محاولا تفسير هذا التضارب الأعمى بقوله إنها مبادرات متوازية. على الجانب الآخر، كان الأداء الإسرائيلى متوافقا مع بعضه. المراقبون يرجعون الأداء الدبلوماسى الإسرائيلى إلى بداية عام 2003 الذى شهد الغزو الأمريكى للعراق، وفى سياق أن إسرائيل شريك استراتيجى للولايات المتحدة، وجسر للتقارب مع القوة العظمى الوحيدة فى العالم.

نجحت إسرائيل فى إقامة علاقات دبلوماسية مع أغلبية الدول الأفريقية وهى بارعة فى الولوج إلى الدول من مداخل: تنموية وأيديولوجية وثقافية وعسكرية وسياسية واقتصادية.. بل وإنسانية.

جمعت ليفنى ما يقرب من 100 سفير أجنبى فى مقر الخارجية الإسرائيلية قبل الحرب بثلاثة أيام لهذه الغاية، ووجهت سفراءها فى الخارج للاتصال بالحكومات الأجنبية لكسب الدعم الدولى لعملياتها فى غزة.

الإعلام الإسرائيلى، تمتع باستقلالية يندر وجودها إلا فى الدول الديمقراطية الكبرى، فى مقابل وسائل إعلام وصحف عربية تقدم صحافة تعبوية طول الوقت، ولا يحتاج المرء إلى عناء كبير ليلاحظ كيفية إدارة الصراع السياسى بين القوى الإسرائيلية المختلفة بوسائل ديمقراطية، تنتج تداولا سلميا للسلطة من خلال انتخابات لا يشكك أحد فى نزاهتها، وتحقق سيادة القانون على جميع القوى والأشخاص. من أكبر رأس فى الدولة وحتى أصغر مواطن، وهناك فى إسرائيل من عرب 48 تحديدا من يردد مقولة: جحيم العنصرية الإسرائيلية مع ديمقراطيتها أرحم من ديكتاتورية الأنظمة العربية.

ديمقراطيتهم واستقلال قضائهم، السلاح الأبرز المشهر فى وجوهنا، على طول التاريخ، وغيابهما أو الانتقاص منهما عربيا، السبب الرئيسى لهزيمتنا.

لمعلوماتك...
46 دولة أفريقية لها علاقات مع إسرائيل من 53 دولة
73 سفارة و13 قنصلية لإسرائيل فى العالم





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة