تضم جمعيات ثابتة واجتماعات طارئة وغرف عمليات سريعة..

"تنظيمات أحمد عز" ترث وظائف الحزب الوطنى

الخميس، 15 يناير 2009 09:22 م
"تنظيمات أحمد عز" ترث وظائف الحزب الوطنى عز يسيطر على الحرس القديم والجديد داخل "الوطنى"
كتب محمود المملوك

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وجهان لتنظيمات الحزب الوطنى الواحدة، يقودها أمين التنظيم والرجل الأقوى داخل الحزب أحمد عز.. الأول واضح ومعلن وهو تقوية الحزب الوطنى، والثانى ما زال خفياً لا يعلمه أحد وهو إحكام مزيد من سيطرة عز على مقاليد القرار داخل الحزب.

"تنظيمات أحمد عز" تضم أجهزة ثابتة أهمها الجمعية الوطنية للسياسات الاقتصادية التى أنشئت بهدف إمداد أعضاء الحزب الوطنى ونوابه فى البرلمان بالمعلومات الهامة والأبحاث والتقارير الخاصة بالقضايا الملحة والتى تحتاج إلى دراسة دقيقة.

هذه الدراسات والأبحاث يقوم بها عدد من الشباب من خريجى مختلف الكليات، وعلى رأسها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية التى يشكل خريجوها حوالى90% من أعضاء الجمعية، كما أشار "أحمد. ع"، موضحاً أنه عندما تخرج من الكلية عام 2007 تقدم للجمعية، وتقدم بالسيرة الذاتية الخاصة به وأجرى اختبارا شخصيا سئل فيه عن وجهة نظره فى الحزب الوطنى، وكيفية تناول الحزب لمختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ وما رأيه فى جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة"؟ ولماذا تسيطر على الشارع المصرى؟.. موضحاً أن إجابته "الإيجابية والنموذجية" عن الحزب، كانت السبب فى نجاحه والتحاقه بالجمعية. أما "السيد على" فكانت له وجهة نظر أخرى عن الحزب الوطنى، وعبر عن رأيه المخالف لتوجهات الحزب، ولذلك فشل فى اجتياز هذه الاختبارات، "لأن الجمعية ترغب فى أفراد ليس لهم رأى أو توجه لتعيد هى تشكيلهم وتوجهم كما تشاء".

لكن أحمد يعود ويضيف أن الجمعية هى نفسها التى حصلت على نتيجة دفعته واتصلت بكل الحاصلين على تقدير جيد جداً فأكثر، وطلبت منهم أن يتقدموا بسيرتهم الشخصية إلى عنوان الجمعية 8 شارع السد العالى (فينى سابقا)- الدقى- الجيزة. وهو ما يثير تساؤلا هاما: هل تتعاون إدارة كلية الاقتصاد مع جمعية أحمد عز؟ وهل لها مصلحة فى أن تعمل دور الوسيط؟ وهل تتقاضى ثمناً لذلك؟ خاصة بعد أن عرفنا أن عددا من أساتذة ومعيدى الكلية يتولون تدريب هؤلاء الباحثين، بل والبعض الآخر يعمل مباشرة فى الجمعية مثل "محمد. ش". لكن إدارة كلية الاقتصاد – ممثلة فى قسم الخريجين - فمن جهتها نفت أن يكون لها أى مصلحة فى ذلك، موضحة أن تقوم بذلك من باب "مساعدة الطلاب وتوفير فرص عمل مناسبة لهم خلال ملتقى التوظيف السنوى الذى تقيمه الكلية بالتعاون مع عدد من المؤسسات ومنها الجمعية الوطنية"، لافتة النظر إلى أن د. على الدين هلال (أمين الإعلام فى الحزب الوطنى) هو أول من دشن هذا الاتجاه.

ولم تكتف الجمعية بالتنسيق مع كلية الاقتصاد فقط "لتوريد خريجين إليها" بل قامت بالإعلان عن ذلك فى العديد من المنتديات على الإنترنت، وحددت الشروط التى ينبغى توافرها فى المتقدمين للجمعية بـ: "أن يكونوا حديثى التخرج، حاصلين على تقدير عام جيد على الأقل، لديهم استعداد للسفر إلى جميع المحافظات، ملمين إلماما كاملا بمهارات الكومبيوتر Microsoft Office، أدوا الخدمة العسكرية أو أعفوا منها"، أما المستندات المطلوبة لدخول الجمعية فهى: السيرة الذاتية، شهادة التخرج، الموقف من التجنيد، شهادات تفيد الحصول على دورات الكومبيوتر (إن وجدت)، وصورة شخصية حديثة.

"محمود. ر" كان عضواً بالجمعية الوطنية وخريجا آخر لكلية الاقتصاد أيضاً ونفس دفعة أحمد، أوضح أن المرتب مغرياً فهو يبدأ من 1200 للباحث المبتدى وبعد 3 أشهر تدريب يصل إلى 1700، وبعد مرور فترة معينة من التدريب يتجاوز الـ2500 جنيه، وعن الدراسات والتقارير التى تقوم بها الجمعية يشير محمود إلى متابعة أداء الحزب الوطنى فى الشارع، وتقديم تصورات حول كيفية تحسينها ومقارنتها بالأحزاب الأخرى ورصد الأداء البرلمانى لأعضاء الحزب وهذا فى الأمور العادية، أما فى القضايا الطارئة كالتعديلات الدستورية التى أجراها الحزب فى 2007، كنا مطالبين باستطلاع رأى المواطنين فى هذه المواد وكيفية تعديلها. وآخر الدراسات والتقارير التى تبحثها الجمعية الآن هى قضية بيع صكوك الملكية، وفى هذه النقطة نقوم بتعريف المواطن ونواب مجلسى الشعب والشورى بتلك القضية وتفصيلاتها حتى يكونوا على دراية جيدة بها. تنظيمات أحمد عز لم تنته فمن الجمعية الوطنية لمسئولى الاتصال السياسى " Officials of political communication" وهى الوظيفة الجديدة التى استحدثها أمين التنظيم لمزيد من التواصل بين أمانات الحزب فى المحافظات وبقية الأعضاء من جهة، وبين الأمانة المركزية العامة والقيادات من جهة أخرى.

مسئولو الاتصال السياسى المنتشرين فى كل محافظات الجمهورية لديهم "سيرة ذاتية" كاملة لكل أعضاء مجلسى الشعب والشورى وقيادات الحزب فى المحافظة المسئول عنها.. وتزداد أهمية هؤلاء المسئولين عند اختيار قيادات الحزب بالمحافظة، واختيار مرشحى الحزب فى مجلسى الشعب والشورى وإجراء الانتخابات الداخلية للحزب (على مستوى الوحدات الحزبية والمركز والمحافظة) وذلك بناء على التقارير التى يقدموها. ورغم أهمية دور مسئولى الاتصال السياسى كما ذكرنا سابقاً، إلا أن الدور يتعاظم أكثر ويصل إلى ذروته عند حشدهم لنواب الحزب الوطنى، فهم يتلقون رسائل مباشرة من أحمد عز أمين التنظيم بضرورة تواجد نواب محافظتهم فى البرلمان فى حالات التصويت على مشروعات القوانين الهامة، لأن هذه هى مسئوليتهم المباشرة والأساسية.

وكما كان خريجو كلية الاقتصاد والعلوم السياسية هم أصحاب النصيب الأكبر فى الجمعية، كانوا أيضاً أصحاب النصيب الأكبر لأداء مهمة الاتصال السياسى كما قال "ى. ش" مسئول الاتصال السياسى فى أحد محافظات الوجه البحرى، رافضاً التعليق بأكثر من ذلك على اعتبار أن هذه "تفاصيل حساسة تتعلق بوظائف مهمة قد ثؤثر على". ملاحظة أخيرة ومهمة، وهى أن أغلب مسئولى الاتصال السياسى فى المحافظات، وخاصة فى المنوفية معينين على قوة مصنع حديد عز، ولم يكن "التعيين" هو الميزة الوحيدة التى حصل عليها مسئولو الاتصال السياسى، بل وصلت المميزات إلى الحصول على شقق وتعيينات أخرى، وذلك لأن هؤلاء المسئولين هم الذين يكتبون التقارير عن نواب البرلمان، وبالتالى فترضيتهم أصبحت ضرورية لاستمرار علاقة طيبة مع عز.

وكما أشرنا إلى أن هذه التنظيمات "ذات وجهين"، فأن د. عمرو هاشم رئيس برنامج الأحزاب السياسية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أكد نفس الشئ وفرق فى البداية بين الاستعانة بعدد من الخبراء من الخارج، وهو ما وصفه بـ"المشروع"، لأنه يفيد الجميع، أما أن يأخذ ذلك شكل الجمعيات والمؤسسات فذلك هو "الغريب" و"غير المنطقى"، لأن الجمعية بذلك ترث وظائف الحزب، فالمفترض أن الحزب الوطنى لديه كوادر ولديه أمانة سياسات وأمانة مهنيين وأمانة اقتصادية وغيرها من الأمانات التى تقوم بتقديم الاستشارات والأبحاث لقيادات الحزب. وإذا تركنا هذه المهام "لتنظيمات أحمد عز" يصبح بذلك الحزب مكانا للعضوية فقط. ويضيف هاشم إذا تم ذلك لابد أن يكون الاستعانة عن طريق أشخاص وليس جمعيات كما يحدث الآن.

لكن د. عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو الأمانة العامة للحزب الوطنى، كان له وجهة نظر أخرى عن "تنظيمات عز" معتبرها أشياء "جيدة جدا" لأن هذه التنظيمات تقوم بعملها وواجبها على أكمل وجه، ولا يرى سعيد "عيبا" فى أن يعتمد الحزب الوطنى على هذه الأبحاث ودراسات هذه الجمعيات، بل ويعتبر ذلك "دليل على نضج الحزب"، فالحزب عندما يقوم باستراتيجية معينة أو يتخذ سياسات معينة لابد أن يكون ذلك على أسس علمية ويعتمد على خطوات دقيقة. ويضيف سعيد أن مشكلة الأحزاب السياسية فى مصر عموماً فى عدم وجود خبرة كافية وغياب الكوادر المتفرغة، وهنا يبرز دور هذه الجمعيات.

د. هالة مصطفى عضو أمانة السياسات بالحزب الوطنى قالت أيضاً عن هذه المراكز البحثية التى تسمى بـ"THINK TANK" أنها شئ عادى وطبيعى يحدث فى كل العالم، وأشارت إلى التجربة الأمريكية فى ذلك حيث تنتشر بها تلك المراكز لخدمة أجهزة ومؤسسات الدولة (وزارة الخارجية – الكونجرس – الجيش).. قاطعتها: هل يجوز أن يستغل شخص واحد مثل أحمد عز هذه الجمعيات للسيطرة على الحزب كاملا؟ فأجابت "لا طبعاً" لأن ما يحدث فى الحزب الوطنى حالياً يعتبر "ظاهرة فريدة". أما التنظيمات الوقتية الطارئة فلم ينساها أحمد عز، وذلك لمواجهة المواقف والقضايا العاجلة التى تواجه الحزب، فينشئ عز "غرف عمليات" سريعة للسيطرة على الأمور تماماً، ويكون معدا لها سلفاً كالتى حدثت أثناء انتخابات مجلس الشعب 2005 ومجلس الشورى 2006 والتعديلات الدستورية 2007 وانتخابات المحليات 2008 وغيرها.

"أحمد على" كان أحد أعضاء هذه الغرف، يحكى ماذا يحدث فيها قائلاً "يتم اختيارنا من قبل رجال عز الذين يثق فيهم، وهم بدورهم يختارون أفضل العناصر المتعلمة لهذه المهمة من خريجى كليات الاقتصاد والإعلام والحاسب الآلى والهندسة وغيرها. نقوم بتجهيز خطة عمل، فمثلاً فى انتخابات المحليات أنشئنا غرفة اتصالات بالمحافظات، وحصلنا على خطوط تليفونات مفتوحة لمتابعة الموقف والوقوف على آخر تطورات التصويت ونسب حصول الحزب على المقاعد وكتابة تقارير سريعة بذلك، ورفعها لرؤسائنا المباشرين، وهم بدورهم يرفعونها إلى أحمد عز ونوابه".

"الاجتماعات المغلقة للتشاور والتنسيق" آخر وسائل عز للسيطرة على مقاليد الحزب الوطنى، وهذه المرة لن يكون الشباب هم الأداة وطرف اللعبة، بل نواب الحزب فى مجلسى الشعب وأمناء المحافظات، وتتم هذه الاجتماعات عندما يكون هناك أمر طارئ مثل التعديلات الدستورية ومناقشة التدابير المالية الجديدة، أو عند الحاجة لتمرير مشروع قانون سريعاً قد يثير الرأى العام، كما حدث فى قانون الطفل وقانون الهيئات القضائية الأربع أو عند مناقشة قضية داخلية خاصة بالحزب.

هذه الاجتماعات تتم فى فنادق "الفورسيزون"، و"الانتركونتينتال، و"رمسيس هيلتون"، و"جراند حياة". ويستخدم عز فى هذه الاجتماعات وسيلتى إقناع: "الجزرة" ممثلة فى الرشاوى السياسية بالحصول على أموال، كما حدث عندما حصل كل نائب على 20 ألف جنيه للموافقة على التعديلات الدستورية، حسبما ذكر مصدر برلمانى رفيع المستوى بالحزب الوطنى، وكان ذلك فى أحد الفنادق السابقة، أو الموافقة على مطالبهم الخاصة وتوفير تأشيرات مختلفة للنواب. والأخير استخدام "العصا" بتهديدهم بالحرمان من المميزات السابقة التى يوفرها الحزب لهم بل وتصل إلى حد الإطاحة من مناصبهم، وذلك بالنسبة لأمناء المحافظات أو عدم مساعدتهم ودعمهم بالنسبة لأعضاء مجلسى الشعب والشورى كما قال "ضياء. أ" أحد أمناء الحزب فى محافظات الوجه القبلى: "أحمد عز بيجمعنا ويعرض علينا هذه الأمور الهامة، ولا يوجد لدينا خيار غير الموافقة على مطالبه أو على الأقل التظاهر بذلك، وإلا سيكون الحرمان من منصبنا هو مصيرنا، لأن لا أحد يستطيع أن يخالف عز، ووصل الأمر لدرجة أن فتح جهاز المحمول الخاص بنا فى هذه الاجتماعات لمتابعة ما يحدث فى دوائرنا من الممنوعات، لكن أتذكر مرة أن أحد أعضاء مجلس الشعب عن دائرة المنيا، كان يتلقى تليفون من نوابه هناك على أثر حدوث أزمة كبيرة فى الدائرة، وطلب منه عز أن يغلق تليفونه، فرفض النائب بسبب أهمية المشكلة، وانتهى الأمر بخروج النائب من الاجتماع غاضباً".

لكن بعد كل هذه التنظيمات.. هل أصلح عز حال الحزب الوطنى؟ أو بمعنى آخر هل استفاد الحزب من تلك التشكيلات؟ أم أن أمين التنظيم أراد بكل ما سبق أن يستأثر بعملية صنع القرار فى الحزب وأن يفرض مزيدا من سيطرته عليه؟ خاصة بعد أن أصبح قطاع كبير من المصريين يؤمن – كما قال الباحث محمد عبد الباقى فى دراسة له نشرها مركز كارنيجى للأبحاث - بأن معظم الأزمات التى يمر بها الحزب الوطنى هى نتاج صراعات بين "أجنحة متعارضة" فى قلب الحزب والنظام السياسى الحاكم، كل منهم يريد أن يحرج الآخر أمام الرأى العام.


لمعلوماتك..
فبراير 2002 دخل أحمد عز الأمانة العامة للحزب الوطنى

يرتبط الصراع على النفوذ داخل أى حزب بخلافات السلطة وشدتها ومدى تعبير هذه الخلافات عن اتفاق أو اختلاف أصحابها حولها، وهل أصحابها يمثلون تكتلات ثابتة ويستطيعون حشد مؤيدين لهم أم لا.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة