قال محمود محيى الدين وزير الاستثمار، إن المرحلة الأولى من الإصلاح المالى، نجحت فى تقوية البنية المؤسسية للقطاع، وتدعيم الدور الرقابى لمؤسسات الرقابة المالية. وأشار وزير الاستثمار فى لقائه مع طلاب وأعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس، إلى أن الأزمة المالية التى تضرب الاقتصاد العالمى لن تكون الأخيرة، مشيراً إلى أن الأزمات التى شهدتها الحقبتان الماضيتان اتسمت بقدر محدود من الابتكار.
وذكر محيى الدين أن الأزمات كما تأتى بتحديات، فإنها محملة بالعديد من الفرص التى تعود بالنفع على من يقتنصها، مؤكداً على أن هناك الكثير من الدروس غير المستفادة من الأزمات المالية، والتى ينبغى على واضعى السياسات الاقتصادية النظر إليها والتعامل معها بما يضمن كفاءة عمل الأسواق، من خلال تدعيم المنافسة وتطوير آليات الرقابة عليها.
وأكد على أن التطورات المؤسسية والتشريعية التى شهدها القطاع المالى المصرى خلال الفترة الماضية، استهدفت بالأساس رفع كفاءة الأسواق وتدعيم المنافسة، مع تفعيل آليات الرقابة الحصيفة، وهو ما تؤكده تعديلات قانون سوق المال، والتى استهدفت ضبط السوق وحذر استغلال المعلومات والإضرار بالمنافسة، وكذلك تعديلات قانون الرقابة على التأمين، والتى دعمت القدرات الرقابية لهيئة الرقابة على التأمين، وقدمت مبدأ الرقابة على أساس المخاطر، بالإضافة إلى التطورات التى شهدتها القواعد المنظمة لنشاط التمويل العقارى، مشيراً إلى القانون الذى تقدمت به الحكومة لتنظيم أسواق الخدمات المالية غير المصرفية، ودمج كياناتها الرقابية فى كيان موحد، يضمن سهولة التنسيق بين تلك القطاعات، وتحقيق الاستقرار فيها، ويكون مؤهلا لمواكبة التطورات التى تشهدها الأدوات المالية والأسواق، مؤكداً على أن الهيئة الجديدة ستضم أفضل العناصر المؤهلة للقيام بهذه المهمة، مشيراً إلى أهمية أن يكون مستوى كفاءة العاملين فى الجهات الرقابية على ذات المستوى للعاملين فى المؤسسات التى تخضع لرقابتها.
وذكر وزير الاستثمار أن الفترة القادمة ينبغى أن تشهد التزاما بالسياسات الإصلاحية دون تراخ أو توان، مؤكداً على أن تلك السياسات تستهدف تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادى تسهم فى تحسين حياة المواطنين، مشيراً إلى أن أهم الفرص التى تلوح فى ظل الأزمة المالية الحالية، هى انخفاض المستويات العالمية لأسعار السلع بما ينعكس على انخفاض معدلات التضخم، وهو ما سينعكس على القدرات الشرائية للمستهلكين، مشيراً إلى أن معدلات الأسعار فى مصر والتى تأثرت بالتضخم المستورد من الخارج، قد شهدت انحساراً خلال الأربعة أشهر الماضية، ويتوقع أن يستمر ذلك خلال الفترة القادمة، وصولاً بالأسعار إلى معدلاتها الطبيعية.
أما الفرصة الثانية، فتتمثل فى التدفقات الاستثمارية للدول التى تتمتع بفوائض رأسمالية، تبحث عن فرص واعدة للاستثمار، وهو ما توليه الحكومة اهتماماً كبيراً خلال الفترة الحالية، مشيراً إلى أن تقديرات تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر لهذا العام المالى، ستكون فى حدود متوسط الثلاث سنوات الماضية، أى فى حدود عشرة مليارات دولار. أما الفرصة الثالثة، فتتمثل فى التنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى بشأن أهمية المضى قدماً فى خطوات الإصلاح دون إبطاء، للبناء على ما تحقق خلال الفترة الماضية، والحفاظ على القوة الدافعة لنمو الاقتصاد.
وفى رده على التساؤلات التى أثارها الحضور من أعضاء هيئة التدريس والطلاب، أكد وزير الاستثمار على أن تفاوت الإحساس بمردود النمو الاقتصادى، مرده على التفاوت فى معدلات النمو بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، وكذلك بين مختلف الأقاليم، ومحافظات الجمهورية، مشيراً إلى أن سياسات الحكومة تستهدف العدالة فى توزيع ثمار النمو بين مختلف الأقاليم والقطاعات.
وعن دقة الإحصاءات والبيانات الاقتصادية، أشار وزير الاستثمار إلى أن الفترة الماضية قد شهدت تحسناً ملموساً فى مستوى دقة البيانات التى يقدمها البنك المركزى المصرى، ووزارتا المالية والتنمية الاقتصادية، حيث أشار إلى أهمية حفز المزيد من الجهود لإدماج القطاع غير الرسمى فى الإطار الرسمى المنظم للنشاط الاقتصادى، بما ينعكس على المزيد من الدقة فى رصد حركة النمو الاقتصادى، مشيراً إلى الجهد الذى يبذل لتحقيق المزيد من الارتقاء بدقة بيانات وإحصاءات التدفقات الرأسمالية والتجارة الخارجية، والتطور الملحوظ فى دقة بيانات ميزان المدفوعات المصرى، سواء فى الجانب الجارى أو الرأسمالى.
كما أجاب وزير الاستثمار على تساؤل بشأن المسئولية الاجتماعية للشركات، حيث أشار إلى أن الوزارة تهتم بهذا المجال كونه أحد المصادر الهامة للنهوض بالمجتمع، وأن المؤتمر الثانى للمسئولية الاجتماعية للشركات، والمقرر عقده خلال شهرين، سيشهد تدشين مؤسسة المصرى، والتى ستعمل على التنسيق فى هذا المجال، بهدف إتاحة الفرص للطاقات الإبداعية الكامنة فى المجتمع، والارتقاء بها فى مجالات البحوث والتعليم والفنون إلى غير ذلك.
وفى رده عن تساؤل بشأن إمكانية إعادة النظر فى أسعار الطاقة، أشار وزير الاستثمار إلى أن الحكومة قد قررت تثبيت أسعار الطاقة للقطاعات العاملة فى مجال التصنيع لحمايتها من التقلبات، كما أكد على أن الحكومة المصرية تدعم المحروقات والمنتجات البترولية والبوتاجاز للمستهلك المصرى، مشيراً إلى الفارق الكبير بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع المنخفض للمواطن والمدعوم من الموازنة العامة للدولة.
أما عن برنامج الملكية الشعبية، فقد ذكر محيى الدين أن البرنامج المقترح مصرى، ووضعته وصاغته عقول مصرية، ولا علاقة له بأى تجارب سابقة فى شرق أوروبا أو غيرها، مشيراً إلى أن المشروع يحرص على رفع كفاءة الشركات المملوكة للدولة بتوسيع قاعدة الملكية فيها، وجذب المزيد من الاستثمارات الخاصة لتلك الشركات، وتطوير آلية لمراقبة أداءها وتطويرها، إلى جانب ترسيخ حق المواطن فى اتخاذ القرار بشأن الاحتفاظ بالصك أو بيعه أو التبرع به، كما أشار إلى أن البرنامج يستهدف توزيع محفظة أسهم لكل مواطن مصرى، وليس قسائم أو كوبونات، وأن الأسهم أسمية لكل مواطن مصرى، بما لا يجعل هناك مجالاً للتلاعب، وأن هناك ضوابط صارمة تحفظ حقوق المواطنين، وذكر أن الموضوع مطروح حالياً للنقاش المجتمعى، للوصول إلى صيغة تشريعية تحقق الهدف المرجو من المشروع.
وفى ختام اللقاء أشار وزير الاستثمار إلى أن التجارب الرائدة فى النمو خلال العشرين سنة الماضية، ترتكن إلى عدة عناصر رئيسية أهمها، الانفتاح على الاقتصاد العالمى استثماراً وتجارة، تحقيق الاستقرار فى الاقتصاد الكلى، حفز معدلات مرتفعة للادخار والاستثمار، الرقابة الفاعلة ودعم آليات السوق لتحقيق الكفاءة، والقيادة الفعالة والاهتمام بقواعد الحوكمة، وهو ما يلخصه تقرير النمو والتنمية الصادر عن لجنة النمو، والذى وضعته لجنة ضمت عددا من كبار المسئولين الحكوميين وكبار الاقتصاديين على مستوى العالم، بما فى ذلك اثنين من الحاصلين على جائزة نوبل فى الاقتصاد.
محيى الدين: برنامج الملكية الشعبية يستهدف رفع كفاءة الشركات
الأربعاء، 14 يناير 2009 03:02 م
محمود محيى الدين وزير الاستثمار
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة