تحول مجلس الشعب اليوم، الأربعاء، إلى ساحة من حرب المؤتمرات الإعلامية بين نواب الأغلبية ونواب الإخوان والمستقلين بسبب أحداث غزة، حيث عقد الحزب الوطنى مؤتمراً للهيئة البرلمانية، فى الوقت الذى نظم فيه نواب الإخوان والمستقلين اعتصاماً وعقدوا مؤتمراً صحفياً.
وكان نواب الإخوان والمستقلين قد تقدموا بمذكرة إلى الدكتور فتحى سرور الاثنين الماضى، أخبروه فيها بعزمهم تنظيم اعتصام اليوم، الأربعاء، داخل المجلس احتجاجاً على موقف الحكومة المصرية من أحداث غزة، وتجاهل تنفيذ أى من المطالب التى تقدموا بها، والتى تضمنت قطع الغاز عن إسرائيل وطرد السفير الإسرائيلى.
إلا أن الحزب الوطنى بمجرد علمه بالاعتصام قرر عقد مؤتمر للهيئة البرلمانية صباح اليوم، الأربعاء، لإعلان موقف الحزب من أحداث غزة، وذلك فى محاولة لتبييض وجه الحزب ونوابه أمام الشارع المصرى الذى اندلعت به المظاهرات المنددة بموقف الحكومة المصرية، وشارك فيها نواب الإخوان من مختلف محافظات مصر، وفى محاولة من الحزب الوطنى لإجهاض اعتصار نواب الإخوان والمستقلين احتشد نواب الأغلبية منذ الصباح الباكر فى البهو الفرعونى، حيث امتلأ البهو عن آخره، ووصل عدد النواب الحاضرين إلى 550 نائبا بحيث لم يتمكن أى نائب معارض من الدخول بقدمه إلى البهو، واضطر نواب الإخوان والمستقلين إلى تنظيم اعتصامهم فى الفناء.
وقد أدان الحزب الوطنى العدوان الإسرائيلى خلال المؤتمر، وأكد دعمه لقرار القيادة المصرية بفتح معبر رفح لعبور الفلسطينيين ضحايا العدوان الإسرائيلى وضمان وصول المساعدات الإنسانية من مصر ودول أخرى. ووصف الدكتور مصطفى الفقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب ما تقوم به إسرائيل بأنه يعبر عن استمرارها فى جرائمها المعتادة وعدوانها المستمر ضد الشعب الفلسطينى، وأكد أن العدوان الحالى يقع تحت جرائم الحرب، وأن ما يحدث يقع تحت تصنيف إبادة الجنس البشرى، وهى جرائم لا تسقط بالتقادم.
وأوضح أن ما تقوم به إسرائيل هو جزء من مخطط معروف لإجهاض القضية الفلسطينية، وللأسف فإن العرب والفلسطينيين أسهموا بوعى وبغير وعى فى إنجاح هذا المخطط.
وأشار الفقى إلى أن القضية الفلسطينية تم اختزالها فى قضية معابر، وهى القضية التى ضحى العرب من أجلها لستة عقود توارت، ولا تجد الآن الدعم السياسى الذى حظيت به من قبل، وأصبحت قضية إنسانية وقضية معابر، وقال إن المظاهرات الشاسعة التى شهدها العالم تمثل شكلا من أشكال التعاطف الإنسانى، لكنها لا تغنى عن الدعم السياسى الذى توارى.
ورفض الفقى ما يردده الذين يحاولون التقليل من دور مصر واتهامها بأنها تتآمر على القضية الفلسطينية، وقال هل يمكن للرجل الذى قاد الضربة الجوية فى حرب أكتوبر، أن يتآمر ضد الشعب الفلسطينى، وتساءل كيف تتهم مصر بذلك من جانب من يوجد على أرضهم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية تضم 36 ألف جندى ويعقدون علاقات فى الظلام مع إسرائيل.
ورفض الفقى أهداف إسرائيل بتصدير غزة إلى مصر، وقال إن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق مناحم بيجن، عرض على الرئيس الراحل أنور السادات أن تتولى مصر إدارة غزة ولكنه رفض حتى لا تتجزأ القضية الفلسطينية، وحذر من وجود أطماع إسرائيلية وأخطار غربية لتصدير مشاكل غزة لمصر وحل القضية حلاً جزئياً على حساب الأراضى المصرية، وانتقد الفقى بشدة موقف حركة حماس وقال إنهم أخطأوا فى حق مصر، ولكن العتاب بعد انتهاء هذه الأزمة. واتهم السفير محمد بسيونى حركة حماس بأنها السبب فى حالة الانقسام الفلسطينى بالاستيلاء على قطاع غزة من السلطة الفلسطينية، ورفض الحوار الفلسطينى لرأب الصدع ورفض وثيقة الوفاق الوطنى التى أعدتها مصر لتحقيق المصالحة.
ورفض الدكتور عبد الأحمد جمال الدين ممثل الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى وصف الوطنى بحزب أقوال لا أفعال. ووصف النائب المستقل الدكتور جمال زهران موقف نواب الحزب الوطنى "بالموقف الضعيف"، وأكد أن نظرية المؤامرة والازدواجية هى الثقافة السائدة بين نواب الوطنى، لافتاً إلى أن ما حدث اليوم يدلل على ضعف موقف نواب الأغلبية أمام الرأى العام فى مصر. وقال "نواب الحزب الوطنى أحسوا بالحرج من فعاليات نواب المعارضة، واستطرد قائلاً "نواب المعارضة سيظلون مصرين على إدانة القيادة المصرية وعدم تحركها بفاعلية فى أحداث غزة".
على الجانب الآخر رفض نواب كتلة الإخوان المسلمين، تصعيد الاشتباكات مع نواب الحزب الوطنى. ورفضوا تفسير موقف الأغلبية وعقدها لمؤتمر طارئ فى نفس اليوم المخصص لاعتصام نواب كتله الإخوان والمستقلين بالمؤامرة. وقال النائب عصام مختار، "يجب أن نتعامل بالنوايا الحسنة"، مشيراً إلى أن الأزمة التى تعيشها غزة الآن هى الأولى بالمناقشة، وأكد أن حرص الحزب الوطنى على تصحيح ماء وجهه الآن يدلل على محاولته التضامن مع الشعب الفلسطينى فى محنته الحالية.
وأيده فى الرأى الدكتور حازم فاروق، مشيراً إلى أن التحرك لإنقاذ غزة هو جهد طيب يستحق الإشادة، وقال "إن نواب مجلس الشعب جادون فى تضامنهم مع الشعب الفلسطينى، ومهما كانت حسابات نواب الحزب الوطنى، فعقدهم لمؤتمر صحفى اليوم خير دليل على إحساسهم بالكارثة التى تعيشها غزة الآن". وكان النائب الإخوانى هشام القاضى، قد قام بتوزيع العديد من الكوفيات الفلسطينية على النواب من المعارضة والإخوان والصحفيين ووسائل الإعلام، مكتوب عليها "تحيا القدس" و"الله أكبر".
معارك الإخوان والوطنى... بطولة على الأوجاع والآلام
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة