إبراهيم أحمد عرفات

الشارع الغربى.. والرهان الخاسر

الأربعاء، 14 يناير 2009 10:21 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع بدء الهجمة الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، اجتاحت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، العديد من عواصم أوروبا وأمريكا، فى رد فعل شعبى وحقوقى، ظن معه البعض أن هناك مؤشرات تغير فى موقف الشارع الغربى (إذا جاز التعبير) تجاه القضية والحق الفلسطينى، ربما تأتى على المدى البعيد.

ولكن.. جاء الرد الإسرائيلى ـ اليهودى- سريعاً، بعد أن تحركت المنظمات الموالية لإسرائيل بشكل سريع، لحشد الجماهير للرد بمظاهرات مؤيدة لإسرائيل، بات معه الشارع الأوروبى تحديداً منقسماً على نفسه بين الفريقين. هذه الصورة تدفعنا إلى القول بأن الرهان على الغرب شعبياً أو رسمياً، هو رهاناً خاسراً، وذلك للأسباب التالية:

إن الخبرة التاريخية للتحرك الشعبى تجاه القضايا الكبرى، مثل قضايا حقوق الإنسان والعنصرية كما فى مؤتمرات ديربان التى بدأت عام 2001، والحرب على العراق فى عام 2003، لم تؤثر على صانع القرار فى أوروبا وأمريكا، بالرغم من كونها مظاهرات مليونية (أى خرجت بالملايين).

إن الشارع الغربى ـ فى مجمله ـ لم يهتم بالشأن الخارجى أو القضايا الخارجية، إلا بعد أحداث 11 سبتمبر، وبدأ تركيزه على الحرب العالمية ضد الإرهاب، وأن نظرتهم للقضية الفلسطينية، لم تفرق بين المحتل وصاحب الأرض، بل كل ما يهتمون به ألا يروا صور القتلى من الأطفال والنساء والشيوخ، باعتبارها عنصرية وانتهاكا لحقوق الإنسان، ولم ينظروا إلى الأرض التى من المفترض أن تكون وجهة الداعين إلى تحرير فلسطين.

بالنظر لتركيبة المشاركين فى هذه المظاهرات، يتضح أنهم من جذور غير أوروبية، يشاركهم الجاليات العربية والإسلامية، التى تعانى من تعنت القوانين والتشريعات التى سنتها دول أوروبا بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر. هذه التركيبة، ربما تدفعنا للاعتقاد بأن السكان الأصليين لن يبالوا بهذه التحركات، من منطلق رؤيتهم لهذه الشريحة التى تتركز فى عدم اندماج معظمهم فى مجتمعاتهم بشكل كامل، وسوف يتذكرون عقدة المعاناة والاضطهاد التى كانوا يعانون منها فى بلدانهم الأصلية.

تناسى أصحاب الرهان على الشارع الغربى، أن السياسة تحكمها المصالح فقط لا غير، وأن دول المؤسسات والديمقراطيات الغربية.. يحكمها أفراد ملتزمون بقاعدة المصلحة، وبالتالى فإنهم لن يتأثروا بأى تحرك شعبى يدعو إلى ما هو عكس ذلك، ولنا فى الحرب على العراق خير مثال.

إن المواطنين فى الغرب، يتحكم فيهم اليهود ـ بشكل غير مباشر ـ ولكن بصورة فعالة، من خلال وسائل الإعلام المختلفة، من صحف ومحطات فضائية وإذاعية، بل وأيضاً منظمت اجتماعية وثقافية، تهدف إلى تنمية المجتمع. وهنا أشارت إحدى الدراسات على سبيل المثال، أن 15 صحيفةً بريطانيةً واقعةً تحت سيطرة المواليين لإسرائيل تطرح يومياً 33 مليون نسخة.

وفى أمريكا تطرح 1759 صحيفة موالية لإسرائيل ما يقرب من 61 مليون نسخة، بالإضافة إلى وَكالات الأنباء العالمية، مثل "رويتر" الذى أسسها اليهودى "جوليوس رويتر"، و"الأسو شيتدبرس" التى تقع تحت سيطرتهم، ووكالة "هافاس" الفرنسية التى أسسها أحد اليهود.
هذه الصورة، ربما توضح ملامح النفوذ الإسرائيلى فى أوروبا وأمريكا، وتدفعنا للقول بأن ما يحدث فى الغرب الآن تجاه المجزرة الإسرائيلية فى غزة، ليس إلا رد فعل مرتبط بحدث، سيزول فيما بعد، كما زالت الأحداث السابقة.

ومن يدعى بأن الشارع الغربى سوف يتخذ موقفاً انتخابياً تجاه رؤساءه أو حكوماته بسبب القضية الفلسطينية، فعلينا نذكره أن المواطنين فى الغرب، ينصب اهتمامهم الأساسى على الشأن الداخلى من قضايا اقتصادية واجتماعية وثقافية. وأخيراً.. إن الاعتماد على الآخر لن يجدى نفعاً للقضية الفلسطينية أو لبلداننا العربية.. إن الإفراط فى المشاعر والغضب سواء من خلال الكتابات أو المظاهرات، تلغى العقل، وتجعل الشعوب تنسى مآسيها، وتحتاج من يذكرها.. خير الأمور الوسط!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة