من المعروف أن الحياة السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت انتهت قبل أشهر من بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة حماس. وسيترك أولمرت منصبه بعد الانتخابات العامة التى ستشهدها إسرائيل فى العاشر من فبراير القادم، وسيظل الإسرائيليون يتذكرون أن أولمرت ترك منصبه بسبب شبهات الفساد التى أحاطت به، وبسبب فشله فى حرب لبنان عام 2006.
وربما يكون الهجوم على غزة قد قدم فرصة لأولمرت لإعادة تصحيح صورته أمام الرأى العام الإسرائيلى، بإظهار أن بإمكانه إنهاء الحروب جيداً كما بدأها، واستعادة الهيبة العسكرية للجيش الإسرائيلى التى قوضها الصراع مع لبنان. ويوافق أغلب المحللين على أن حكومة إسرائيل وجيشها تعلما الكثير من الدروس من حرب 2006، فقد تم التخطيط للهجوم على غزة وتنفيذه بدقة. وبدت صناعة القرار أكثر سلاسة وأشمل مما كانت عليه أثناء حرب لبنان. كما أن الهجوم على غزة حظى بتأييد الغالبية العظمى من الإسرائيليين، وعادت شعبية أولمرت لترتفع من جديد بعد أن وصلت إلى مرحلة متدنية للغاية بعد حرب 2006.
ومع ذلك فإن البعض لا يزال يخشى أن يفشل رئيس الوزراء الإسرائيلى على المستوى الاستراتيجى. فقيام أولمرت بالهجوم على حماس فى وجهة نظر المحللين، جعل إسرائيل تعلق مرة أخرى فى توقعات غير واقعية، وتدخل صراعاً لا يمكنها أن تفوز فيه.
ولا تشكل النهاية التى ستصل إليها الحرب فارقاً كبيراً بالنسبة لأولمرت على العكس من رفاقه فى الحكومة، فهو لن يواجه أصوات الناخبين الإسرائيليين أو غضب المجتمع الدولى. لكن أولمرت يهتم بشدة بميراثه، فبعد أن فشل فى محادثات السلام مع كل من السوريين والفلسطينيين، تظل الحرب مع حماس هى فرصته الأخيرة لتحقيق أى إنجاز قبل أن يرحل عن منصبه.
ويرى عوزى أراد رئيس المعهد الإسرائيلى للسياسة والاسترايجية، والذى عمل مستشاراً لرئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو، إن أولمرت ربما يشعر أنه قاب قوسين أو أدنى من تحقيق نجاح عسكرى، بكونه الرجل الذى استطاع الإطاحة بحماس والتهديد الذى تمثله لإسرائيل، وربما يعرب عن رغبته فى إتمام المناورة.
إن موقف أولمرت مختلف تماماً عن موقف كل من وزير دفاعه إيهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبى ليفنى. لأن كلاً من ليفنى وباراك سيخوضان انتخابات فبراير القادم، وربما كان ذلك السبب الذى يجعلهما أكثر حذراً من أولمرت فى توسيع نطاق الهجوم.
وهناك دلائل على أن هذه التوترات لها تأثير متزايد على الحكومة الإسرائيلية، فقد أمضت هذه الحكومة خمسة أيام لتقرر ما إذا كانت ستطلق المرحلة الثالثة من الهجوم على غزة، والذى قد يؤدى إلى إعادة احتلال مساحات واسعة من القطاع. ويُقال إن شعوراً بعدم السعادة يزداد بين أفراد القوات الإسرائيلية، بحسب ما ذكره مسئول مقرب من القرار السياسى فى تل أبيب.
ومع ذلك، يبدو أنه سيتعين على أولمرت تحديد ما إذا كان يرغب فى إنهاء الحرب مع توسيع نطاق الصراع، أم أنه يريد تحقيق أهداف أكثر تواضعاً، وهى إضعاف حماس مع إبقائها مسيطرة على غزة، فى الوقت الذى يتجنب فيه مزيداً من الخسائر للجانب الإسرائيلى. وقد ألقت تصريحات أولمرت يوم الأحد التى قال فيها إن "إسرائيل تقترب من تحقيق الأهداف التى حددتها"، الضوء على تمهيده لإعلان الفوز فى هذه الحرب تحت أى سيناريو.
ومع استمرار إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل، وعدم ظهور حل طويل المدى لمشكلة حماس فى الأفق، فإن البعض يعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلى فى طريقه لإحراز فشل جديد.
فاينانشيال تايمز: الحرب فى غزة .. الفرصة الأخيرة لأولمرت الفاشل
الثلاثاء، 13 يناير 2009 11:35 ص
أولمرت فشل فى تحقيق أى إنجاز بحسب كشف الحساب الصهيونى