خالد صلاح

خونة وعملاء

الخميس، 01 يناير 2009 11:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شئ ننتظره سوى المزايدات السياسية، والكثير من التخوين والتقاتل والتراشق فى مؤتمر وزراء الخارجية العرب، ولا شئ نأمله لمواجهة إسرائيل، إن كانت إسرائيل نفسها لم تعد العدو الأول.

ما الذى يمكن أن يقدمه اجتماع لوزراء الخارجية العرب فى القاهرة من أجل غزة؟ هؤلاء الرفقاء الذين يهرولون للموافقة على انعقاد المؤتمر الوزارى، يختلفون فى أى وقت، وفى كل وقت، فما بالك وهم يتنافسون بالمزايدة على الشرف القومى فى صحة شهداء الأرض المحتلة؟

لا أحد منهم مستعد للاجتماع، ولا أحد منهم قادر على مواجهة الأسباب الحقيقية للأزمة، فمصر محل اتهام فى شرفها الوطنى، لتزامن زيارة وزيرة الخارجية الإسرائيلية، مع توقيت المجزرة الوحشية فى القطاع، وسوريا تبرع فيما اعتادت عليه دائما، التظاهرات، وحرق أعلام واشنطن وتل أبيب، وأخيرا انضم إلى قائمة الحرائق العلم المصرى، ثم لا حركة حقيقية وفاعلة تقدمها دمشق على أرض الواقع.

قطر تكتفى بمساندة حماس بكراتين من الأرز فى سفن وطائرات المعونة، واللبنانيون ينتظرون ملحمة على طريقة حزب الله فى حرب تموز، لكن واقع حماس لا يسمح لهم بعمل عسكرى ببراعة الحزب اللبنانى، أما ليبيا فقررت الانسحاب كالعادة، ثم لا شئ ستقدمه تونس، أو الجزائر، أو المغرب، أو اليمن، أو سلطنة عمان، فالحصاد الذى يساويه الجميع إقليميا ودوليا فى مواجهة إسرائيل، هو صفر كبير، يشبه صفر المونديال ،وصفر بكين، وصفر مساندة الاحتلال الأمريكى للعراق، وصفر القواعد الأمريكية على أرض الخليج العربى، وصفر الودائع المالية العربية فى البنوك الأمريكية، وصفر السباق الدائم على مبادرات السلام مع إسرائيل من طرف واحد، وصفر الفشل فى حسم خلافات فتح وحماس، وصفر التفرغ للمزايدات، كل على الآخر بلا رؤية، وبلا هدف، وبلا جهد جاد لحوار عاقل، للوصول إلى استراتيجية عربية موحدة.

إسرائيل وحدها تدرك هذه الحالة ((الصفرية))، وتعرف أنها صارت المنتصر الوحيد فى الشرق الأوسط، حماس اقتطعت أرضا لترفع عليها علما خاصا، وصار هؤلاء الذين يسكنون رام الله من قيادات فتح ((خونة وعملاء))، وكل القوى العربية من دمشق إلى القاهرة، والأموال العربية من الدوحة إلى مكة المكرمة، لم تفلح فى تطبيع العلاقات بين فتح وحماس، وتذكير الأشقاء بأن العدو الحقيقى يقف عند معبر (إيريز) ويرفع نجمة داود، وليس عند معبر (رفح) ويرفع العلم المصرى.

إسرائيل قالت للعالم، إن العرب يحاربون أنفسهم، ويتحاورون بالكلاشينكوف، ويتخاونون فيما بينهم، ويتسابق (المناضلون) منهم على إلقاء أشقائهم (المناضلين أيضا) من شرفات الأبنية العالية فى غزة ورام الله ، إسرائيل قالت إن السعودية تزاحم مصر فى المصالحات التاريخية بالعطايا والأموال بحثا عن دور، وأن الدوحة تمد يدها اليمنى إلى تل أبيب، ويدها اليسرى إلى حماس، وتغازل فتح، وتلاعب الأمريكيين فى الوقت نفسه، وبالحميمية نفسها، وأن السوريين يقولون فى السر ما لا يقولونه فى العلن، ولا يقوى أى منهم على أن يرفع حجرا لتحرير الجولان، لكنهم يهتفون من الغرف المكيفة للحرب فى غزة ، إسرائيل تعرف أن المثلث الذهبى بين القاهرة ودمشق والرياض، جرى تفكيكه فى خصومات بيروت، وفى صراعات حزب الله وتيار المستقبل، وفى تراشقات الدروز والتيار الوطنى الحر، وأن الكويت لم تعد ترى أملا فى العرب، وأدارت ظهرها للمزايدات العربية منذ الغزو العراقى لأراضيها، تل أبيب تعرف أن هؤلاء العرب لا يستحقون سوى الصفر، والقصف والمذبحة.

فما المانع أن يذبح الإسرائيليون العرب، إن كان العرب يذبحون أنفسهم فى الميدان، وفى الساحات العامة، وعلى أرض غزة، وأرض الضفة، وأرض بيروت، وأرض العراق، وأرض سوريا، ما المانع أن يقتل الإسرائيليون العرب، إن كان العرب يتقاتلون بالتخوين، والتكفير السياسى، والخصومات العلنية، وبحرق الأعلام، وحتى فى مؤتمرات المصالحة.

لا شئ ننتظره سوى المزايدات السياسية، والكثير من التخوين والتقاتل والتراشق فى مؤتمر وزراء الخارجية العرب، ولا شئ نأمله لمواجهة إسرائيل، إن كانت إسرائيل نفسها لم تعد العدو الأول، صرنا نحن أعداء لأنفسنا، نتقاتل فيما بيننا، حتى فى اللحظة التى تقتلنا فيها طائرات الإف 16 الإسرائيلية. بئس الساسة، وبئس المصالح، وبئس الأنظمة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة