رغم تقدم وزيرة خارجية إسرائيل تسيفى ليفنى فى استطلاعات الرأى، التى أجريت الأسبوع الماضى فى إسرائيل، على شاؤول موفاز وزير الدفاع السابق ووزير المواصلات الحالى ومنافسها الأقوى فى انتخابات رئاسة حزب "كاديما"، إلا أن غالبية المحللين السياسيين فى إسرائيل، يرون أنه يصعب الجزم الآن بفوز ليفنى، لوجود مؤشرات قوية وأسباب عديدة تدل على فوز مرجح لموفاز فى انتخابات الحزب الذى يمثل البوابة الشرعية للوصول لرئاسة وزراء إسرائيل.
مؤشرات فوز موفاز
من أهم المؤشرات التى تدعم توقع فوز موفاز فى الانتخابات المقبلة، كونه من أكثر الشخصيات العسكرية "العدوانية" شهرة فى إسرائيل، ويتضح ذلك من مناصبه السابقة كرئيس لأركان الجيش الإسرائيلى ثم وزير دفاع ثم عمله بالسياسة، بجانب منصبه الحالى كوزير للمواصلات، وترجع أهمية هذا المؤشر بسبب رغبة الإسرائيليين فى أن يقودهم جنرال عسكرى يستطيع أن يحارب دون معاناة فى اتخاذ قرار الحرب، ويتضح هذا من اختياره كقائد عسكرى مع وزراء الحكومات الإسرائيلية السابقين بداية من بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وجنرال المذابح آرئييل شارون.
المؤشر الثانى المرجح لفوز موفاز هو تأييد رئيس الوزراء الحالى إيهود أولمرت له، للفوز فى انتخابات حزب كاديما الوسطى، المقررة بمنتصف الشهر الجارى، ويرجع تأييد أولمرت لموفاز لكونه جنرالاً سابقاً وشخصية سياسية من الوزن الثقيل، ولتأييد موفاز له أمام المجتمع الإسرائيلى بعد تورطه فى قضية الرشوة وتحقيقات الشرطة بصفة دورية معه فى إسرائيل، وبالطبع رأى أولمرت فى موفاز جاء مناقضاً تماماً لرأيه فى تسيفى ليفنى، وبخاصة بعد تأييدها لاستقالته بسبب فشله فى حرب لبنان الثانية 2006، حيث قال أولمرت للصحفيين إنه "يخشى على مستقبل إسرائيل إذا وصلت ليفنى للسلطة، لأنها خائنة ومنافقة، وغير قادرة على اتخاذ قرارات، لأنها تتأثر بسهولة وتفقد السيطرة على نفسها وتصاب بالرعشة لأقل سبب، وذلك لأنها لا تملك الثقة بنفسها"، وأيضاً ظهرت كراهية أولمرت لها بسبب غدر ليفنى الذى تمثل فى مؤامرتها مع وزير الدفاع إيهود باراك وزعيم حزب العمل لشق حزب "كاديما"، كما أكد موفاز فى عدة مناسبات أنه ليفنى لا تمتلك أى خبرة سياسية أو أمنية، لهذا فهى لا تصلح بالمرة لتولى منصب رئيس وزراء إسرائيل، مشيراً إلى أن إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً إذا تولت ليفنى الحكومة، وفى الأسبوع الماضى هاجم موفاز ليفنى بشدة متهمها بالتفريط فى القدس خلال مفاوضتها مع السلطة الفلسطينية، وذلك "لقبولها لتقسيم القدس" فى هذه المفاوضات، وهذا الأمر يزيد من فرص فوز موفاز بالانتخابات، لعدم قبول الشعب الإسرائيلى لما قامت به ليفنى بشأن القدس، كما أمر الاثنين النائب العام فى إسرائيل ببدء التحقيقات الجنائية مع شاؤول موفاز وزير الدفاع السابق ووزير المواصلات الحالى والمرشح لمنصب رئاسة وزراء إسرائيل، وذلك بعد ما تقدم التماسات عديدة من داخل إسرائيل تطالب بمحاكمته بسبب جرائمه.
موفاز.. الجنرال الصقر
موفاز من نوعية الجنرالات المعروفين بتشددهم تجاه الفلسطينيين ومعارضتهم لعملية السلام، ويرى أن حل كل مشكلات إسرائيل يأتى عن طريق العدوان وسفك دماء الشعوب المحيطة بها وأولهم الفلسطينيين، أيد موفاز فى أكثر من مناسبة قتل واعتقال الناشطين الفلسطينيين وقهرهم لوقف أعمال المقاومة ضد إسرائيل، كما أعلن فى الماضى أن السلطة الفلسطينية مصابة بالإرهاب من رأسها إلى قدميها، وكان من أشد المناصرين لاعتقال الزعيم الراحل ياسر عرفات فى مقره برام الله لزعمه، بأن عرفات يرأس سلطة تشجع الإرهابيين وتمولهم وتدربهم، الأدهى من ذلك أنه طالب بنفيه بذريعة أنه يعيق جهود السلام، وآخر ما أعلنه موفاز منذ أيام، معارضته لمناقشة وتنفيذ طلب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لتنفيذ "حق عودة اللاجئين الفلسطينيين المشتتين بدول العالم"، قائلاً "لن نوافق على عودة اللاجئين الفلسطينيين لإسرائيل مرة أخرى، لأن هذه القضية تمثل عقبة فى طريق مفاوضات السلام بين إسرائيل الفلسطينيين، مع ذكر معارضته لاتفاقيات أوسلو التى أبرمت بين الفلسطينيين وإسرائيل فى التسعينيات.
وفيما يتعلق بحركة حماس أكد موفاز أكثر من مرة أنه يجب على إسرائيل الاستمرار فى مهاجمة حماس وقصفها، حتى تستعطف إسرائيل، وتجعلها تقبل التهدئة، كما عارض موفاز قرار المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر بمنح أى فرص أخرى للتهدئة مع حماس، معتبراً أن هذا القرار ليس فى صالح إسرائيل، مشيراً إلى أن إسرائيل كان عليها انتهاج سياسة العدوان تجاه قطاع غزة فور سيطرة حماس عليه، وأوضح موفاز أن قطاع غزة المسيطر عليه قادة حماس الذى يصفهم بالإرهابيين، يجب أن يجبر على قبول طلب التهدئة، وليس العكس، لأن إسرائيل هى من يطلب التهدئة، رغم أنها تمتلك من قوة عسكرية للدفاع عن نفسها وعن مواطنيها، لهذا لا يجب عليها السماح ببقاء سكانها تحت رحمة الصواريخ.
وبالنسبة لرأى موفاز فيما يتعلق بقضية الجولان فإنه يرى أن أى انسحاب إسرائيلى من الجولان، سيؤدى إلى إحلال الوجود الإيرانى بدلاً من إسرائيل على هضبة الجولان التى تعتبر منطقة استراتيجية تكشف إسرائيل لأعدائها، لهذا لا يريد موفاز انسحاب بلاده من الجولان، ويعارض التنازلات التى يريد رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت تقديمها، أدلى موفاز بهذه التصريحات فى حين تقوم تركيا بوساطة بين إسرائيل وسوريا لإعادة المفاوضات التى توقفت عام 2000 حول الجولان.
موفاز .. الإيرانى الخائن
موفاز هو أحد عناصر "المجموعة ذات الأصول الإيرانية" من يهود إسرائيل التى من بينها الرئيس موشى كاتساف والجنرال إتيان بن إلياهو، ويوصف كغيره من عناصر هذه المجموعة بالتوجه اليمينى المتشدد، ورغم انتمائه لإيران وولادته ونشأته بإيران قبل هجرته لإسرائيل، إلا أنه يعتبر من أكثر الكارهين والمناهضين العلنيين فى إسرائيل لها، يتضح هذا جلياً فى تصريحاته الأخيرة ضد إيران التى هدد فيها أكثر من مرة علنياً بإمكانية تنفيذ هجوم على منشآتها النووية، لأن العقوبات الدولية المفروضة عليها غير مجدية، كما أكد موفاز أن إسرائيل تملك القدرة العسكرية الكافية لتنفيذ هذا الهجوم دون اللجوء لدعم الولايات المتحدة، وترتب على تصريحاته المثيرة للجدل والصراع فى المنطقة تقديم إيران احتجاج للأمم المتحدة، وإدانة عدة دول لتصريحات موفاز وكان على رأس هذه الدول روسيا، كما توعدت طهران بالرد على إسرائيل فى حالة مهاجمتها "برد قاسٍ ومدمر"، وهذه التصريحات أثارت رهبة كبيرة فى الحكومة الإسرائيلية.
ولد شاؤول موفاز فى العاصمة الإيرانية طهران فى عام 1948، هاجر إلى فلسطين وهو فى التاسعة من عمره مع أسرته بعام 1957، تلقى تعليمه الأساسى بالمدارس الدينية، وبعد إنهائه الثانوية الزراعية تطوع بعام 1966 فى سلاح المظليين بالجيش وتدرج به حتى بلغ أعلى مناصبه، وشارك فى حرب عام 1967 وحرب "يوم الغفران ـ أكتوبر1973"، كما شارك فى عملية عينتيبى بأوغندا عام 1976 لإنقاذ الرهائن الإسرائيليين، واشترك فى غزو إسرائيل للبنان عام 1982 كقائد لفرقة مشاة.
سافر موفاز عام 1983 إلى بعثة دراسية بكلية القادة والأركان التابعة للمارينز الأمريكى، أصبح قائداً لمنطقة الجنوب عام 1995، ترقى ليصبح رئيس الاستخبارات العسكرية ثم نائب قائد هئية الأركان عام 1997، عينه بنيامين نتنياهو قائداً عاماً للأركان العسكرية عام 1998، فى عام 2000 قاد موفاز مع شارون عمليات ضد انتفاضة الأقصى، بما فيها الاجتياح الضخم للضفة الغربية، وتنفذه لعملية بـ"الأسوار الواقية" لقتل النشطاء الفلسطينيين، ثم أسند إليه رئيس الوزراء أريئيل شارون وزارة الدفاع بعد استقالة وزير الدفاع بنيامين بن إليعازر، وانخرط بعدها فى انتهاء منصبه كوزير للدفاع فى العمل السياسى والحزبى، وموفاز حاصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة بار ايلان، ويجيد التحدث باللغة العربية، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة