يعيش المنايفة حالة خاصة فى الاحتفال بشهر رمضان الكريم، فرغم تشابه مظاهر الاحتفال بالشهر المبارك فى معظم المحافظات، لكن أبناء محافظة المنوفية لهم طقوس خاصة تميزهم وتعطيهم طابعاً فريداً.
اليوم السابع رصدت أبرز تلك الطقوس، ومنها حرص الأهالى، خاصة بالمناطق الشعبية، على صناعة فطيرة كبيرة الحجم يصل قطرها إلى ما يقرب من المتر، يتم فردها بحرفية منقطعة النظير بواسطة صانع الكنافة البلدى فى الشوارع والأزقة، على فرن مخصوص لهذا الغرض على شكل الساعة الرملية. ولا تزيد مكونات الفطيرة العجيبة على كيلو دقيق وقدر من السمن والحشو حسب رغبة الزبون، وإمكاناته، والشائع حشوها بالكنافة والبلح والسكر والزبيب والمكسرات. وكلما ارتفعت إمكانات الزبون كلما تنوع الحشو بأصناف من الياميش غالى الثمن، ولكن معظم الأهالى يفضلون البساطة و"على قد لحافك مد رجليك".
بعد حشو الفطيرة بما لذ وطاب يتم ثنيها "على نار الفرن"، ويبدأ الكنفانى فى تقطيعها بسرعة غريبة لا تتناسب مع سخونتها الشديدة، ويقوم بتقطيعها إلى قطع صغيرة أشبه بالجاتوه، ويتم تناولها بعد الإفطار كنوع من التحلية لتتميز المنوفية بفطيرة رمضان العجيبة.. المسماة بـ "جاتوه الغلابة".
بعد تناول الإفطار وأداء صلاة العشاء والتراويح بالمساجد الكبرى بمدن المحافظة، وأشهرها مساجد الأنصارى والمتولى بشبين الكوم، وسيدى شبل بالشهداء وغيرها، تبدأ السيدات بالمنازل رحلة لا تنتهى من مشاهدة سيل المسلسلات على الفضائيات، بينما ينطلق الرجال إلى مراكز الشباب والساحات الشعبية لمشاهدة الدورات الرمضانية لكرة القدم، ومشاهدة بعض لاعبى المنوفية بأندية الدورى الممتاز (أ و ب)، فمن لا يلعب يشاهد ويتابع وتنطلق الألقاب على اللاعبين أبو تريكة وميسي ولامبارد، ولا مانع من التهكم والسخرية من أداء بعض اللاعبين فى حالة من السعادة والابتهاج بالشهر الكريم.
ويتسابق الأطفال فى عمل أفرع الزينة من قصاصات الورق، وتكوين فريق لكل حارة، ويتباهى كل فريق بابتكاراته الخاصة فى شكل الزينة وعدد الأفرع، فى احتفالية رائعة لا تقل عن مظاهر الإبهار فى دورة بكين المنصرمة، مع فرق الإمكانات.
ورغم الانتشار الواسع للفوانيس الحديثة بأشكالها المتنوعة المبتكرة المزودة بالمصابيح والأدعية والنغمات المختلفة، لكن الأسطى رضا عويس الشهير بـ "رضا القفاص" (45 سنة)، لا يزال يحتفظ بحرفة آبائه التى أوشكت على الانقراض، لينفرد بالعزف فى مجال صناعة فانوس رمضان من البوص وجريد النخيل، مستخدماً أدوات بدائية بسيطة منجل وشاكوش. وخلال دقائق معدودة وبمهارة وسرعة فائقة يتحول بين يديه الجريد الأصم إلى أشكال متنوعة من الفوانيس بديعة الإخراج، منها على شكل مسجد أو نجمة أو "سبت" وإن كان الإقبال الأكثر على فانوس المسجد.
ويقول الأسطى رضا: "رغم تراجع هذه المهنة نتيجة انتشار الفوانيس الحديثة وخاصة الصينى منها، إلا أن "فانوس الجريد"، لا يزال محتفظا بمكانته عند الزبون، خاصة لدى أصحاب المحلات ويزداد الإقبال عليه قبل الشهر الفضيل بأسبوعين تقريباً، خاصة أن سعره بسيط يتراوح ما بين جنيه إلى 8 جنيهات حسب الشكل والحجم الذى يصل أحياناً إلى 3 أمتار، ويقوم الزبون بتغليفه وتزيينه بأغلفة ملونة حسب ذوقه، كما يمكن تزويده بسماعة لإذاعة القران طول اليوم ويتم وضعه فى الشرفات أو الشوارع والميادين".
ويؤكد الأسطى رضا، أنه ينتظر قدوم شهر رمضان الكريم كل عام لتصنيع فانوسه الفريد من جريد النخيل، ليعود بعدها إلى تصنيع أقفاص الدواجن والطيور، ليتجدد الانتظار المعهود كل عام للشهر الكريم الذى يأتى ومعه الخير الكثير.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة