د. خميس الهلباوى

محاربة الفساد وهيبة الدولة

السبت، 06 سبتمبر 2008 01:37 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بلا شك أن أى دولة لا بد لها من احترام هيبتها حتى تستطيع ممارسة واجباتها وسلطاتها فى مواجهة الأحداث التى تتطلب تدخلها، وفقاً لدورها فى تنظيم العلاقات فى المجتمع، وتأكيد النظام الوضعى وفقاً للدستور.

وقد ثارت الشائعات وكثرة الانتقادات لنظام الحكم فى مصر، وللحكومة المصرية، وللقيادة السياسية فى الفترة الأخيرة، نتيجة انتشار الفساد لدرجة تزكم الأنوف، وخاصةً من بعض رجال الأعمال ومن يتعاون معهم فى العبث بمقدرات هذا الشعب، بالرغم من المشاكل الاقتصادية القائمة، مما يضاعف من عبء الشعور بالفساد، اعتقاداً من المراقبين بأن الدولة، والسلطة السياسية لا تعلم، أو تعلم وتوافق على الفساد بقصد أو بدون قصد، أو تعجز عن ملاحقة المفسدين، وتتركهم يعيثون فى مصر فساداً، إما خوفاً على الاستثمارات الكبيرة التى يديرونها، أو خشية فشلها فى حالة محاسبتهم لأنها من الكبر، بحيث يمكن أن تؤثر بالسلب والضرر على الاقتصاد المصرى.

وقد ترتب على التجاوزات الخطيرة الشعور العام بالظلم، وعدم الشفافية فى جهاز الدولة، من قمته إلى قاعه، يساعد على ذلك ويزيد اشتعاله بعض الصحف، والصوت المرتفع لبعض قيادات الجماعة المحظورة، أملاً فى النيل من كرامة الدولة، وكبريائها وهيبتها.

فى المقابل لم تستطع الدولة مواجهة تلك الاتهامات، وكأنها عاجزة عن مواجهتها، أو كأنها موافقة على وقوعها، ومن تلك التجاوزات موضوع العبارة، والأزمة التى تفجرت بين نادى القضاة والمجلس الأعلى للقضاء والدولة بشكل عام، والنزاع بين اللجنة الأولمبية المصرية والمجلس الأعلى للرياضة، والأزمة الشهيرة بين أعضاء نوادى التدريس بالجامعات ووزارة التعليم العالى حول موضوع الكادر الوظيفى والمالى، ومشكلة شركة أجريوم، وبيع الغاز بأسعار متدنية، ومشكلة احتكار الحديد التى مازالت قائمة حتى الآن، ومشاكل استيلاء بعض كبار المستثمرين على أموال البنوك، وعلى الأراضى الشاسعة لتسقيعها وتحقيق مكاسب بالمليارات من ورائها، بدون سداد قيمتها، وإهمال المشروعات التى خصصت لهم من أجلها، وإقامة مشروعات ليس لها مردود اقتصادى، صناعى أو زراعى، ضاربين عرض الحائط بمصالح مصر ومصالح الشعب المصرى.

ولكن ما حدث أخيراً من إحالة أحد أفراد من رجال الأعمال لمحاسبتهم جنائياً ومدنياً، يشير إلى أن الأمر يبدو أنه كان إمهالاً للعابثين، حتى يلفون حبال العقاب، والحساب، والمحاسبة على رقابهم، فبالرغم من الشائعات التى سبقت تقديم المهندس هشام طلعت مصطفى للمحاكمة الجنائية بأنه "مسنود بسبب قرابته العائلية ببعض رموز السلطة"، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك، بأن السيد الرئيس لا يخشى فى الحق لومة لائم، وأنه قائد "فايتر" بحق، فقد انتظر بعبقرية الطيار القوى المهاجم الفرصة المناسبة للانقضاض على الهدف، ونفس الشئ حدث لأحد كبار رجال الأعمال، وبعض أعضاء المجالس النيابية المتواطئين، وبعض رجال القضاء المرتشين.

نحن نؤمن بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، ولكن المهم والعلامة الفارقة.. أن الحساب قد بدأ، والقضاء على الفساد فى مصر قد بدأت بشائره. فلا يمكن أن يتم تطور وإصلاح فى أى دولة بدون أن تتوفر لهذه الدولة هيبتها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة