وضعت يدى على قلبى عندما أصدر النائب العام عبد المجيد محمود قرارا بحظر النشر فى قضية مقتل اللبنانية سوزان تميم، والسبب الهواجس المشروعة بأن هناك ما سوف يتم طبخه فى الخفاء، فالمتهم الثانى هشام طلعت مصطفى من الكبار، ناهيك عن عدم اقتناعى أصلا بأى قرار حظر نشر من أى نوع، لأنه يعنى التعتيم وانتهاك حق المواطن فى المعرفة. ولكنى مثل كثيرين فوجئت بأن الرجل يتم التحقيق معه فى النيابة، والتى حولته بناء على ذلك إلى محكمة الجنايات، كما تم رفع الحصانة عنه لأنه عضو مجلس شورى، ليس هذا فقط، ولكن أيضا يتم منعه من السفر وحبسه احتياطيا على ذمة القضية.
أعرف أن بعض القراء سيقولون عنى "ساذج وأهبل" و"كمان مش عارف حاجه"، لكننى أرى أن ما حدث أمر إيجابى ويدعو للتفاؤل. فهشام طلعت ليس مجرد رجل أعمال عادى، ولكنه بلا شك من الكبار فى البلد، فحجم استثماراته بالمليارات. أضف إلى ذلك موقعه السياسى، فهو عضو فى الحزب الحاكم وعضو فى لجنة السياسات التى يترأسها ابن الرئيس، ناهيك عن عضويته فى مجلس الشورى. وإذا زدت على كل ذلك العلاقات المتداخلة بين المال والسلطة فى بلدنا السعيد، فهذا معناه علاقات واسعة مع المسئولين التنفيذيين الكبار.
ومع ذلك، وبالرغم من كل ذلك، تم تحويل الرجل إلى النيابة، ومن بعدها المحكمة الجنائية بتهمة التحريض على القتل. صحيح أنها ليست المرة الأولى التى يتم فيها تحويل رجال أعمال نافذين للقضاء، فقد حدث ذلك مثلا مع حسام أبو الفتوح ومصطفى البليدى وعلى الصفدى ومجدى يعقوب وآخرين.. كما تم تحويل وزراء إلى القضاء منهم ماهر الجندى ومحى الدين الغريب(حصل على البراءة فيما بعد) وآخرين.
لكن هشام طلعت مصطفى الأكثر ثراء، ولأنه أيضا عضو فى لجنة السياسات التى يشاع عنها أن رجالها فى حماية ابن الرئيس.. والدليل أو المؤشر على ذلك هو ظهوره فى برنامجين فى التليفزيون الذى تهيمن عليه الحكومة فى يوم واحد، وكان المعنى أن الرجل لن يمسه أى شيء، فقد كان كلامه فى برنامج صباح الخير يا مصر ومن بعده البيت بيتك، هو رسالة قوية بأن الرجل محمى، ولن يستطيع أحد الوصول إليه. كما أن هناك دائما شماعة جاهزة، وهى أن القبض على أى رجل أعمال يؤدى إلى تهديد الاستثمار، بل ويهدد البورصة وأسهمها، ولكن هؤلاء لا يدركون أن الشفافية واحترام القضاء هما الأمان الحقيقى لأى استثمار، وليس أمان الفساد.
الأمر الثانى الإيجابى أن هشام طلعت مصطفى لم يهرب خارج مصر، كما فعل كثيرون، خذ عندك رامى لكح، إيهاب طلعت، أشرف السعد، ممدوح إسماعيل، وحتى هالة سرحان.. وهذا تفسيره فيما أظن أن الرجل يثق تماما فى عدالة موقفه وعدالة القضاء، ففى النهاية يجب ألا ننسى أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.
أعرف أن هناك إشاعات كثيرة، منها مثلا أن هشام يدفع ثمن صراع رهيب مع رجل الأعمال أحمد عز الرجل القوى فى الحزب الحاكم وفى البرلمان. وإشاعة أخرى قوية عن الضغط الرسمى من قبل حاكم دبى لأن الجريمة تمت على أرض دبى وتهز صورتها الأمنية.. وإشاعة أخرى بأن هشام لجأ للكبار وأنه فى النهاية لن يصاب بسوء. ولكنى بصراحة لا يمكن التعامل الجدى مع هذا الكلام، فهو فى تقديرى مجرد توقعات أكثر منه معلومات، وأظن أن مصدرها هى الشكوك الدائمة فى السلطة الحاكمة، وأنه من المستحيل أن تفعل شيئا لوجه الله.
ورغم أننى لا أثق مثل الكثيرين فى السلطة الحاكمة، ولكن علينا التعامل مع الوقائع، وعلينا التمسك بالإيجابى وتطويره، مثل ما طالب به الزميل والصديق عبد الله كمال رئيس تحرير روز اليوسف فى خمس مقالات متتالية، بأنه حان الوقت لفطام المليارديرات عن مؤسسات الدولة، وما طالب به عقلاء فى الحزب الحاكم، دكتور حسام بدراوى ودكتور على الدين هلال، بضرورة وضع قواعد شفافة لعلاقة السلطة بالمال.. أظن أنه بدون هذا الفطام وبدون القواعد الشفافة سنظل نشكك فى أى خطوة إيجابية تتخذها السلطة الحاكمة، وآخرها ما حدث مع "المتهم" هشام طلعت مصطفى.
موضوعات متعلقة:
◄الـ"دى.إن.أيه": دماء سوزان تميم على ملابس السكرى
◄سؤال كبير عن هشام طلعت مصطفى!!
◄السلطة والمال.. من يسيطر على الآخر؟!
◄مصر 2008.. علاج الشورى برماد هشام طلعت
◄سوزان تميم .. من صفحات الفن إلى الحوادث
◄حتى البسطاء تأثروا بقضية طلعت مصطفى
◄مصائب طلعت .. عند بيبو مصائب
◄قانونيون: طلعت مصطفى ينتظر الإعدام أو المؤبد
◄كيف تحول ضابط أمن دولة إلى قاتل متوحش ؟
◄طلعت مصطفى..دراما الواقع أقوى من واقع الدراماذ
◄سوزان تميم من صفحات الفن إلى الحوادث
◄قصص عراقية فى حياة سوزان تميم ووفاتها
◄قرار النائب العام يتسبب فى مأزق لعمرو أديب
◄طارق يخلف هشام فى مجموعة طلعت مصطفى
◄مؤشر البورصة يهبط 2.3% عند الإغلاق
◄هشام مصطفى .. قلق فى الشورى والإخوان حذرون
◄هشام طلعت وسوزان تميم
◄النائب العام يقرر حبس هشام طلعت مصطفى
◄هشام طلعت: وضع شركتنا المالى فوق الشبهات
◄طلعت مصطفى يطالب بقانون لتجريم الشائعات
◄هشام طلعت مصطفى لم يهرب ويعود إلى مصر الأحد
◄برلمانى يطالب بتطبيق "الحرابة" على السكرى
◄5 سيناريوهات ناجحة لقتل سوزان تميم والفاعل مجهول!!
◄"السكرى" أكبر دليل على خيبة جهاز أمن الدولة
