إذا سألت هذا السؤال لأحد أعضاء حركة كفاية، أو قيادى فى حزب معارض ، فسوف تكون الإجابة التلقائية هى أنها طبيعة فى تكوينهم، ومادة أساسية فى دراستهم، فهم الذين يعذبون المواطنين فى لاظوغلى، وجابر بن حيان، وينتهكون أعراض النساء والرجال على حد سواء، ثم يستشهدون بآلاف التقارير التى تصدرها جمعيات ومراكز حقوق الإنسان المصرية منها والعالمية، وربما يذكر أحدهم قضية تعذيب عماد الكبير ، أو فتاة المطرية ، أو نجار تلبانة ، أو قتيل شها ، أو نجار العمرانية ، أو محروق سيوة للتدليل على دموية رجال الشرطة بشكل عام، ورجال أمن الدولة على وجه التحديد ... لكن السؤال أعمق من أن يجيب عليه معارض أو حقوقى تحركه أجندته الفكرية والسياسية، أو رجل شرطة أراد الانتقام من مؤسسته السابقة.
السؤال فى حاجة إلى إجابة من متخصصين فى علم النفس والطب النفسى، ليفسروا لنا شخصية المقدم محسن السكرى، المتهم بقتل والتمثيل بجثة المطربة اللبنانية سوزان تميم فى دبى ، ويشرحوا لنا هل السبب هو الخروج من الخدمة وبالتالى ترك السلطة والنفوذ والصولجان، أم أنه الاقتراب المغرى من المال، أم العشق الراغب فى التملك، أم الشعور بأنه لن يترك دليلاً يدينه، أم كل هذه الأشياء مجتمعة ؟ محسن السكرى .. ضابط سابق برتبة مقدم ، كان يعمل فى جهاز مباحث أمن الدولة ، كل من رأوه أجمعوا على أن حياته كانت شديدة الشبه بالدور الذى أداه ببراعة عباس أبو الحسن فى فيلم " عمارة يعقوبيان "، فهو الذى يشعر دائماًُ أن أعداءه - معتقلون سابقون وأقارب معتقلين ومجرمون أفرج عنهم ومتظاهرون طالتهم نيران تعذيبه - يسعون للانتقام منه، أو أكبر من مجرد ضحايا عاديين ، حيث تشمل قائمة أعدائه وزراء ومسؤولين ورجال أعمال أضيروا بسببه.
مافعله محسن السكرى فى سوزان التى مثل بجثتها، حاول كثيرون أن يربطوا بينه وبين مجازر حمزة البسيونى، أو مذابح صلاح نصر فى بداية الحقبة الناصرية، غير أن الأخير كان مريضاً فى آخر مراحل المرض النفسى والعصبى بشهادة خبراء فى هذا المجال، وأيضاً بشهادة الفنانة اعتماد خورشيد التى تزوجها بعض الوقت، وأطلعها على براميل المواد الكيماوية التى كان يضع فيها ضحاياه، ووسائل القتل التى لم يكن يعرفها النازى هتلر، كما أن السكرى لم يرتكب هذا العدد الضخم من الجرائم التى تذهل لها المرضعات وممهورة بتوقيع صلاح نصر .
ويبقى السؤال قائماً .. لماذا أصبح السكرى قاتلاً بهذه الوحشية ؟ السكرى عندما كان فى الخدمة كان مرتبطاً عاطفياً بابنة أحد الوزراء لكنه لم يتزوجها بسبب رفض والدها ، وهو الرفض الذى دفعه إلى محاولة الزواج منها دون موافقته، وهو ما دفع الوزير إلى السعى لإخراجه من السلطة بمساعدة وزير آخر كان لديه مبرر قوى للانتقام من السكرى، حيث إن نجل الوزير الثانى حاول الارتباط ببنت الوزير الأول فى أوج علاقتها بمحسن الذى عرف بالأمر فساق إلى الشاب إحدى العاهرات التى سيطرت عليه تماماً حتى دفعته إلى إدمان ما تيسر وتعسر من المخدرات، وعولج الشاب لفترة طويلة فى مستشفى الدكتور جمال أبوالعزايم ، وعادل صادق بمدينة نصر ، فتحالف الوزيران لمعاقبة محسن .. وترك الخدمة ليؤسس شركة حراسات خاصة فى شرم الشيخ كانت البوابة لعلاقته بالأمير السعودى الوليد بن طلال ، ومن ثم رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، حيث تولت شركته حراسة فندق " فورسيزون " فى المدينة السياحية أو السياسية.
وهو أيضاً الرجل الذى ذهب قبل ذلك إلى العراق على قوة شركة "أوراسكوم " المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، وهناك ادعى أنه اختطف على يد تنظيم القاعدة، وأجبر ساويرس الذى ربما أراد النجاة من الزج باسمه فى كل كارثة حتى لو لم تكن له علاقة بها، على دفع الفدية التى حصل عليها السكرى فى النهاية، بل وتردد أنه هو الذى اتفق مع الخاطفين على خطف المهندسين الأربعة، ثم التفاوض معهم على دفع الفدية التى بلغت مليون دولار، واقتسمها معهم .
نحن إذن أمام رجل أراد أن يصنع إمبراطورية خاصة به فى الحياة ، خاصة بعد اقترابه من هشام طلعت الخائف على سمعته إلى حد المرض، والكريم مع أى صحيفة تفكر فى مهاجمته، والمبادر إلى مشروعات خيرية تكلف الملايين - مشروع بنك العفاف ودعم بنك الطعام - بمجرد ذكر اسمه فى أى قضية، فاستطاع فى فترة وجيزة أن يكون مقرباً منه بدرجة ملحوظة، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار حرص عدد غير قليل من رجال الأعمال على تشغيل رجال شرطة سابقين معهم، رغم أن نفوذ وسلطة هشام فى الحزب الحاكم، ومجلس الشعب، تعتبر واقعياً أكبر من رجال الشرطة، لكنه النفوذ المهزوز إن جاز التعبير بسبب حبه للشهوات من النساء والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وقد أكد لى أحد العاملين فى حقل البورصة أن هشام يعشق النساء لدرجة الجنون، لكنه لا يحب الحرام، فيلجأ إلى الجواز العرفى كحل لتقنين المتعة، وقد تزوج الفنانة نورا لفترة طويلة ثم طلقها ، وعلمت أنه تزوج منذ ثلاث أشهر طليقة مذيع تلفزيونى اشتهر بتسجبل برنامجه الفنى فى سيارة كبيرة بأحد الميادين ولم يكن مقبولاً جماهيرياً.
وعندما ظهرت سوزان فى حياة هشام كانت مجرد أمانة تركها الوليد فى حمايته لحين إنهاء مشكلتها مع زوجها، غير أن محسن ارتبط بها ، ولا تتوفر لدى حدود هذا الارتباط الذى أكد لى أحد المقربين من هشام أنه كان قوياً وكانت تقضى مع محسن أوقات خاصة كثيرة، وبالتالى دوافع القتل بهذه الوحشية وهل قتلها بالأصالة عن نفسه ، أم بالنيابة عن غيره ، هل كشفت سراً خطيراً من أسراره ، هل عرفت مثلاً أنه يستغل هشام فى أعمال خاصة ، أم يستغله منافسون لمحاربة هشام؟ وإذا كان منفذاً لأوامر غيره بالقتل فلماذا هذه الشراسة فى التنفيذ؟ هل هو تفانى وإخلاص للمبلغ الذى تردد أنه حصل عليه ؟ فى كل الأحوال هو رجل لم يعد ظهره للحائط فأطلق الرصاص على الجميع وفى مقدمتهم نفسه.
موضوعات متعلقة:
◄الـ"دى.إن.أيه": دماء سوزان تميم على ملابس السكرى
◄سؤال كبير عن هشام طلعت مصطفى!!
◄السلطة والمال.. من يسيطر على الآخر؟!
◄مصر 2008.. علاج الشورى برماد هشام طلعت
◄سعيد شعيب يكتب: فطام هشام طلعت مصطفى
◄سوزان تميم .. من صفحات الفن إلى الحوادث
◄حتى البسطاء تأثروا بقضية طلعت مصطفى
◄مصائب طلعت .. عند بيبو مصائب
◄قانونيون: طلعت مصطفى ينتظر الإعدام أو المؤبد
◄طلعت مصطفى..دراما الواقع أقوى من واقع الدراماذ
◄سوزان تميم من صفحات الفن إلى الحوادث
◄قصص عراقية فى حياة سوزان تميم ووفاتها
◄قرار النائب العام يتسبب فى مأزق لعمرو أديب
◄طارق يخلف هشام فى مجموعة طلعت مصطفى
◄مؤشر البورصة يهبط 2.3% عند الإغلاق
◄هشام مصطفى .. قلق فى الشورى والإخوان حذرون
◄هشام طلعت وسوزان تميم
◄النائب العام يقرر حبس هشام طلعت مصطفى
◄هشام طلعت: وضع شركتنا المالى فوق الشبهات
◄طلعت مصطفى يطالب بقانون لتجريم الشائعات
◄هشام طلعت مصطفى لم يهرب ويعود إلى مصر الأحد
◄5 سيناريوهات ناجحة لقتل سوزان تميم والفاعل مجهول!!
◄"السكرى" أكبر دليل على خيبة جهاز أمن الدولة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة