مدخل لحبس الصحفيين
بانفعال واضح تحدث يحيى قلاش عضو مجلس نقابة الصحفيين المستقيل، الذى اعتبر الحكم مؤشرا سلبيا يعود بالصحفيين إلى المربع صفر، ويؤكد أن ترسانة القوانين المكبلة للحريات العامة، وفى مقدمتها حرية الصحافة جاهزة للقضاء على أى صاحب رأى يستخدم النشر للتعبير عن رأيه.
قال قلاش: لن نسأم من المطالبة بضرورة إلغاء جميع مواد الحبس فى قضايا النشر كضمان، وليست ميزه للصحفيين وكل صاحب رأى، لهذا فلابد من النقابة أن تستمر فى حشد جمعيتها العمومية حتى نستكمل ما بدأناه وتريد الدولة أن تجهضه بإلغاء بعض مواد الحبس، والتى أريد لها أن تكون الخطوة الأولى والأخيرة، بينما أرادت الدولة أن تشغل الصحفيين بقضايا اجتماعية ومعيشية لتشغلهم عن مطلبهم الرئيسى فى متنفس طبيعى وحقيقى يتيح لهم حرية النشر.
ويخشى قلاش، أن يفتح هذا الحكم الباب على مصراعيه لحبس الصحفيين، خاصة فى ظل وجود قضايا أخرى مازالت تنظر قضائياً، لهذا عاود مطالبة الرئيس بالتدخل وإنجاز وعده الذى قطعه على نفسه منذ سنوات ومازلنا نلاحقه حتى الآن.

تحايل لاستغلال القانون:
صلاح عيسى رئيس تحرير صحيفة القاهرة أشار إلى ضرورة الانتباه إلى أن هناك نوعا واضحا من التحايل يمارسه المتضررون من النشر، لإعادة توصيف التهم فى قضايا النشر، بحيث تخضع لعقوبات القانون, ولن يقتصر الأمر على قضية إبراهيم عيسى، بل من المتوقع أن تشهد قضية شيخ الأزهر ضد جريدة الفجر نفس السيناريو.
لهذا شدد عيسى على ضرورة مواصلة الضغط، لإلغاء ما تبقى من المواد المقيدة لحرية النشر فى القانون, بعيداً عن الوقوع فى فخ التعليق على الأحكام القضائية وإهدار الوقت فى خلق خصومة لا داعى لها مع الجهات القضائية.
ولم ينس عيسى التذكير بميثاق الشرف الصحفى وحتمية الالتزام ببنوده، حتى يفوت الصحفيون الفرصة على المتضررين من النشر، ويسحبوا البساط من تحت أقدامهم لتقليل عدد الضحايا!!

حكومة بلا عقل!
بصدمة بالغة استقبل نجاد البرعى - الناشط الحقوقى ـ خبر حبس إبراهيم عيسى لمدة شهرين, وسط شعور بخيبة الأمل، مؤكداً أن الحكم يعكس رؤية سلبية للقضاء تجاه حرية الصحافة واتجاه لتكميم الأفواه، مما سيؤدى لانعكاسات أكثر سلبيه قادمة. ويذكر البرعى، أنه أكد لـ"عيسى" حين قابله أمس السبت، أن الحكم سيكون على أسوأ تقدير بالغرامة، ولم يتوقع مطلقاً سير الأحداث على هذا النحو.
وحول مطالبة البعض بضرورة تدخل الرئيس لإلغاء الحكم، يرى أنه يجب ألا تتدخل السلطة التنفيذية مطلقاً فى عمل القضاء, فالقضية ليست فى تدخل الرئيس، إنما فى نظرة المجتمع لحرية الصحافة، وهل يفهمها بالفعل أم سيتدخل لإرهابها؟.
وفى سياقٍ مشابه يتوقع البرعى، أن نفاجأ قريباً بحبس عادل حموده أيضاً فى قضية شيخ الأزهر، بعد أن أثبتت الحكومة أنها بلا عقل أو روية.

التفسير الضيق للقانون
يعترض الدكتور إبراهيم درويش– الفقيه الدستورى على تطبيق أية عقوبات بدنية على الصحفيين، حتى لو ثبت كذب الأخبار المنشورة، وذلك لأنه من غير المفترض أن يكون هذا الفعل قد تم عن عمد للإساءة، إنما فى الأغلب يتم بحسن نية والتى قد تدفعه أحياناً لأن يخطئ أو يسئ أو يتجاوز.
وفى قضية إبراهيم عيسى تحديداً، أكد أنه قد قرأ كل ما نشر فى صحيفة الدستور ولم يصادف أية إساءة للرئيس أو النظام من قريب أو بعيد، فقد تحدث عيسى عن حالة مرضية وفى صيغة استفهام, وكان من الأولى أن يصدر بيان من رئاسة الجمهورية لتوضيح الأمر، بدلاً من تصعيد الموقف بهذه الصورة.
ويرى أن المحكمة الدستورية فى مصر قد أقرت مبدأ يجب أن يعمم على باقى المحاكم، وهو أن انتقاد الشخص العام حق مكفول طبقاً لحرية الرأى، حتى لو كان الانتقاد حاداً, طالما أن الشخص قد ارتضى لنفسه لعب هذا الدور، وشغل هذا المنصب العام، وعليه أن يتحمل حرية رأى الصحفيين صواباً كان أو خطأ.
إلا أن المشكلة، فى رأيه، أن القضاء أحياناًُ يشتط لعدة أسباب، منها قلة خبرة بعض القضاة وعدم إلمامهم بمجموع القوانين وتفسيرهم الضيق لمفهوم الإدانة.
