مسلسل أسمهان أثار الكثير من الجدل
بقلم محمد بركة
"الغلاسة" إحدى التجليات العبقرية للعامية المصرية، فلا توجد مفردة فى اللغة الفصحى تعبر بدقة عن الإيحاءات والدلالات التى تختزنها تلك الكلمة التى هى ليست ثقل الظل وفقط أو عدم الحضور بل تعنى ما هو أبعد وأشمل!
وأحمد شاكر عبد اللطيف فنان شاب لا تنقصه الموهبة، وبحكم نشأته فى بيت فنى مسرحى، يملك حظاً طيباً من الثقافة، إلا أنه لأسباب غير واضحة خرج من جنة السينما التى أصبحت "شبابية" بامتياز لولا بعض الاستثناءات من نوعية "عمارة يعقوبيان" و"كبارية" و"الجزيرة"، ولم يعد أمام أحمد سوى التليفزيون لتحقيق النجومية وذيوع الاسم والانتشار، ولعل أبرز ما قدمه فى هذا السياق مسلسلى "فارس الرومانسية" و"الطارق".ورغم كل ذلك، ظل قطاع لا يستهان به من الجمهور يلاحق الفنان الموهوب بتهمة "الغلاسة" التى يمكن بأدوات النقد الفنى أن ندرجها تحت مسميات أخرى مثل عدم الحضور أو ضعف القبول، فقد يكون الفنان موهوباً أو مجتهداً لكن شيئاً ما غامضاً يظل ينقصه، شىء قد نسمية أحياناً "الكاريزما"، أو "الكيميا" بمعنى التفاعل الإيجابى مع الناس!.
من هنا فإن التأريخ لمشوار أحمد شاكر سيصبح من خلال مرحلتين: ما قبل "أسمهان" وما بعده، ففى هذا المسلسل أصبح الفنان صاحب الحضور العادى، والاجتهادات العادية، نجماً فوق العادة، انفجرت موهبته، وارتفعت شعبيته على نحو غير مسبوق فى الشارع المصرى، والسبب شخصية فريد الأطرش التى كان أحمد ذكياً فى عدم الاكتفاء بتشابه الملامح بينه وبين الموسيقار الشهير، فحاول التقاط روح فريد والإمساك بهذا المزيج من خفة الظل الخارجية والإحساس الهائل بالوحدة والعزلة الذى يسكن أعماقه ولا يطفو فوق السطح! وظهر فريد على الشاشة حنوناً، طموحاً، أنانياً، وأيضاً ابن نكتة، كما ظهر بسيطاً لا يستنكف أن يعمل فى مجال توصيل الطلبات للبيوت وهو يركب "بِسْكِلِتِّه" رغم أنه سليل أمراء وابن حسب ونسب!
كانت حياة فريد الأطرش دراما متكاملة العناصر فى حد ذاتها، وقد تفوق "أحمد" فى أن يجسدها ببراعة رغم صغر مساحة الدور والأضواء المسلطة كلها ـ بطبيعة الحال ـ على أسمهان. نعم .. لا يمكن لأحد الآن أن يتهم هذا الفنان المعجون بالموهبة بـ "الغلاسة"، فالدور المكتوب جيداً، واستحضار الفنان لروح الشخصية ومعايشتها انفعالياً بصدق وحرارة كفيلان بهزيمة أى انطباعات سلبية قد تتراكم هنا أو هناك.
وأخيراً، لم أندهش حين قرأت عن تلقى أحمد شاكر عبد اللطيف أكثر من عرض ليقوم بمسلسل كامل عن حياة فريد، بالعكس هذا شىء متوقع فى ظل العقلية المادية التى تسيطر على المنتجين وتجعلهم يرفعون شعار "اللعب فى المضمون"، المهم أن لا ينسى أحمد أن نجاح المسلسل ـ أى مسلسل ـ لا يتوقف على الأداء المتألق لفنان بمفرده، خصوصاً أن الكثير من غرائب وعجائب حياة فريد الأطرش أصبحت معروفة للجميع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الغلاسة" إحدى التجليات العبقرية للعامية المصرية، فلا توجد مفردة فى اللغة الفصحى تعبر بدقة عن الإيحاءات والدلالات التى تختزنها تلك الكلمة التى هى ليست ثقل الظل وفقط أو عدم الحضور بل تعنى ما هو أبعد وأشمل!
وأحمد شاكر عبد اللطيف فنان شاب لا تنقصه الموهبة، وبحكم نشأته فى بيت فنى مسرحى، يملك حظاً طيباً من الثقافة، إلا أنه لأسباب غير واضحة خرج من جنة السينما التى أصبحت "شبابية" بامتياز لولا بعض الاستثناءات من نوعية "عمارة يعقوبيان" و"كبارية" و"الجزيرة"، ولم يعد أمام أحمد سوى التليفزيون لتحقيق النجومية وذيوع الاسم والانتشار، ولعل أبرز ما قدمه فى هذا السياق مسلسلى "فارس الرومانسية" و"الطارق".ورغم كل ذلك، ظل قطاع لا يستهان به من الجمهور يلاحق الفنان الموهوب بتهمة "الغلاسة" التى يمكن بأدوات النقد الفنى أن ندرجها تحت مسميات أخرى مثل عدم الحضور أو ضعف القبول، فقد يكون الفنان موهوباً أو مجتهداً لكن شيئاً ما غامضاً يظل ينقصه، شىء قد نسمية أحياناً "الكاريزما"، أو "الكيميا" بمعنى التفاعل الإيجابى مع الناس!.
من هنا فإن التأريخ لمشوار أحمد شاكر سيصبح من خلال مرحلتين: ما قبل "أسمهان" وما بعده، ففى هذا المسلسل أصبح الفنان صاحب الحضور العادى، والاجتهادات العادية، نجماً فوق العادة، انفجرت موهبته، وارتفعت شعبيته على نحو غير مسبوق فى الشارع المصرى، والسبب شخصية فريد الأطرش التى كان أحمد ذكياً فى عدم الاكتفاء بتشابه الملامح بينه وبين الموسيقار الشهير، فحاول التقاط روح فريد والإمساك بهذا المزيج من خفة الظل الخارجية والإحساس الهائل بالوحدة والعزلة الذى يسكن أعماقه ولا يطفو فوق السطح! وظهر فريد على الشاشة حنوناً، طموحاً، أنانياً، وأيضاً ابن نكتة، كما ظهر بسيطاً لا يستنكف أن يعمل فى مجال توصيل الطلبات للبيوت وهو يركب "بِسْكِلِتِّه" رغم أنه سليل أمراء وابن حسب ونسب!
كانت حياة فريد الأطرش دراما متكاملة العناصر فى حد ذاتها، وقد تفوق "أحمد" فى أن يجسدها ببراعة رغم صغر مساحة الدور والأضواء المسلطة كلها ـ بطبيعة الحال ـ على أسمهان. نعم .. لا يمكن لأحد الآن أن يتهم هذا الفنان المعجون بالموهبة بـ "الغلاسة"، فالدور المكتوب جيداً، واستحضار الفنان لروح الشخصية ومعايشتها انفعالياً بصدق وحرارة كفيلان بهزيمة أى انطباعات سلبية قد تتراكم هنا أو هناك.
وأخيراً، لم أندهش حين قرأت عن تلقى أحمد شاكر عبد اللطيف أكثر من عرض ليقوم بمسلسل كامل عن حياة فريد، بالعكس هذا شىء متوقع فى ظل العقلية المادية التى تسيطر على المنتجين وتجعلهم يرفعون شعار "اللعب فى المضمون"، المهم أن لا ينسى أحمد أن نجاح المسلسل ـ أى مسلسل ـ لا يتوقف على الأداء المتألق لفنان بمفرده، خصوصاً أن الكثير من غرائب وعجائب حياة فريد الأطرش أصبحت معروفة للجميع.
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة