حسام أبو الفتوح سيقضى العيد فى بيته مع زوجته ناهد وابنته غادة وابنه حسن. هذا ما أكده فريد الديب المحامى عقب النطق بحكم البراءة، وبعد ماراثون قضائى طويل مرير خاضه إمبراطور السيارات منذ عام 2002 حتى سبتمبر 2008. مليار جنيه سددها حسام لبنك القاهرة، وبهذا لم يعد مديناً إلا بـ400 مليون جنيه فقط. وأكد البنك أن أبو الفتوح يمتلك أصولاً تغطيها وتزيد، إذن هى أيام قليلة ويخلع حسام ملابس السجن الزرقاء ويعود إلى “دنياه” وإمبراطوريته، محاولاً استرداد عرشه الذى ضاع.
لم تكن أزمات حسام أبو الفتوح قاصرة على الديون والبنوك، فكلنا يذكر أن الرجل كان متهما بحيازة أسلحة وأدوات تصنت محرمة على المواطنين. والأكثر من ذلك، أنه كان متهماً بما هو أبشع حيث كان يهوى تصوير فحولته مع النساء اللاتى مارس معهن الجنس سواء فى إطار الزواج العرفى كما حدث مع الراقصة دينا، أو فى أطر أخرى مع سيدات أخريات معروفات ظهرن معه على سريره وشاهدهن كل من رأى السى ديهات التى كانت تباع على أرصفة شوارع وسط البلد.
والشاهد أن حسام أبو الفتوح لم يكن متهماً ولا مهتما بترويج السى ديهات الجنسية، حيث كان يعتبرها من أسراره وممتلكاته الخاصة جداً، إلا أن مداهمة مكاتبه ومنازله هو الذى أدى إلى تسريبها بطريقة قيل وقتها إن الشرطة هى التى تعمدت ذلك، مما فتح أبواب كثيرة للتفسيرات بأن هناك قوة كبرى فى البلد تود "قرص" ودن حسام أبو الفتوح لكبح جماحه وقص أظافره التى طالت أكثر مما ينبغى.
وهكذا لم يستوعب أحد من المتابعين أيامها ما حدث خاصة وهم لا يعرفون عن حسام أبو الفتوح إلا أنه صاحب توكيل B. M.W وأنه ابن الرجل المحترم الراحل حسن أبو الفتوح.. كان يداخلهم يقين بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن القصة ليست سلاحا بدون ترخيص وتصوير نساء عاريات واقتراضا من البنوك، بل هى شىء آخر تماماً أكده أن الرجل لم يهرب بفلوس البنوك خارج مصر، بالعكس كان حسام يدير "بزنس" ناجح جداً زاد نجاحه مع شرائه لأسهم شركة دايو الكورية، بالإضافة إلى توكيل B. M. W ففرض سطوته على سوق السيارات بما يـؤكد بأنه قادرً على سداد أى مبلغ يقترضه من البنوك.
ومن المؤكد أن حسام أبو الفتوح عرف منذ اللحظة الأولى من الذى أوقع به ولماذا ؟ ومن البديهى أنه عرف أن الهدف الأساسى من هذه القضية ليس مجرد سجنه بل القضاء على إمبراطوريته تمامًا. رجل غير حسام كان يمكن أن ينهار بسرعة مثلما انهار قبله ومعه الكثيرون الذين واجهوا قوى أكبر منه، لكنه قرر أن يظل واقفاً خاصة حين وجد بجواره زوجته العظيمة تغض الطرف عن الإهانة التى لحقت بها كامرأة جراء انتشار سى ديهات لزوجها وأبو ابنها وابنتها مع نساء أخريات، أجلت السيدة ناهد هذه الإهانة ولم تبتلعها وجمعت ابنها حسن وابنتها غادة وقالت لهما: لن تسقط إمبراطورية أبوالفتوح، سنعمل ليل نهار حتى نسدد فلوس البنوك لأن هذا هو السبيل الوحيد لخروج حسام من السجن.
كان وقوف هذه الزوجة إلى جوار زوجها فى محنته أكبر الأثر فى نفس حسام أبوالفتوح الذى أدرك أن ظهره ليس مكشوفاً، وأن عليه أن يفكر ويدير إمبراطوريته من داخل زنزانته طالما أن الله منحه ثلاثة عقول فذة خارج السجن تستطيع تنفيذ كل ما يخطط له. وجد حسام أبوالفتوح نفسه يحارب فى عدة جبهات كان عليه وفقاً للمنطق أن يواجه كل جبهة على حده سواء بالقانون والاستئناف والنقض أو بالاتفاقات الودية مع خصومه، وهكذا نجا من قضية السى ديهات وحصل فيها على البراءة. وهكذا نجا من قضية أجهزة التنصت والأسلحة غير المرخصة، لكن معركته الأكبر كانت فى تسديد 1.8 مليار جنيه للبنوك، فهو مبلغ فى غاية الضخامة شكل عبئاً نفسياً كبيراً عليه وعلى أسرته التى استقبلت مفاجأة أخرى مؤلمة.
كانت الضربة الموجعة لحسام أبوالفتوح هذه المرة أو الطعنة التى جاءته من الخلف من B. M. W راهن حسام على أن الشركة الألمانية لن تتخلى عنه فى محنته بل سترد له الجميل بعد النجاح غير المسبوق الذى حققه للشركة فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط، لكن الألمان خانوه وسحبوا منه التوكيل بعد أن كان قد بنى مصنعاً ضخماً يعتبر من أغلى وأجمل المبانى فى مصر. لكن حسام أبو الفتوح كان هذه المرة أيضاً على مستوى الحدث فلم يضع يده فوق خده، بل فكر مع عائلته فى الفوز بتوكيل سيارات صينى مميز يضاف إلى توكيل ومصنع دايو لتعويض خسارة السيارة الألمانية، كان رهان أبو الفتوح على أن السيارة الصينى ستباع بكميات أكبر من السيارة B. M. W وبهذا يستطيع توفير السيولة التى تساعده على فك الدين والخروج من السجن.
وكان التحدى الكبير فى اختيار اسم صينى ذى سمعة طيبة حتى لا يقضى على اسم أبو الفتوح فى السوق إلى الأبد، وهكذا وقع الاختيار على شركة "شيرى"، وذهب حسن أبو الفتوح الصغير إلى الصين لتفعيل الاتفاقيات التى أدارها والده من زنزانته بواسطة كمبيوتر محمول. وخاض الابن حسن جولات مكوكية بين القاهرة وبكين حتى كانت الزيارة الشهيرة لوالده فى الزنزانة حين قال له: كله تمام يا باشا وعلينا اختيار اسم للسيارة لأن ماركات السيارات الصينية تتغير أسماءها من بلد إلى بلد. ولأن حسام أبو الفتوح كان يتمسك بالأمل فى الخروج من محنته، قرر إطلاق اسم أمل على السيارة، لكن باللغة الإيطالية "إسبرانزا"، وكسب حسام الرهان.
لم يصدق أعداء أبو الفتوح ما حدث، ولم يصدق أصدقاؤه أن هذا السجين بمساعدة اللاب توب وابنه الشاب وابنته الشابة وزوجته الفاضلة يستطيع ابتلاع سوق السيارات الصينى فى مصر بهذه السرعة. كانت حجوزات السيارة إسبرانزا تمتد إلى عامين بصورة أدهشت حسام نفسه، لأنه اكتشف أن الناس أقبلت على حجز السيارة ليس لأنها رخيصة نوعاً ما، ولكن لأنها مرتبطة باسم أبو الفتوح، وبكى حسام تأثراً وهو يقول لابنه حسن : التعب الذى خاضه جدك فى بناء اسم أبو الفتوح والمشوار الذى واصلته من بعده لم يذهب سدى، “الناس صدقتنا ووثقت فينا، ويجب أن نكون عند حسن ظنهم”.
وكأن الناس الذين سعوا إلى امتلاك هذه السيارة يعلنون عن رغبتهم فى خروج حسام أبو الفتوح من محبسه، وهذا ما تحقق، ففى غضون شهور قليلة زادت السيولة وتمكن حسام من سداد مليار جنيه بشكل يشبه المعجزة، لكن هذه المعجزة كما يصفها حسام أبو الفتوح للزميل خالد أباظة فى أخبار اليوم تمثلت فى ابنه حسن الذى فاجأه بقدرة فذة على الإدارة لم يصل إليها حسام نفسه، فحسن كما وصفه والده حازم وصارم ودقيق ولا يدع مكاناً للعاطفة فى عمله، عكس الأب الذى تنازل كثيراً بسبب عواطفه الجياشة. ومع فرحة البراءة لابد أن سنوات السجن غيرت كثيراً من حسام أبو الفتوح، فالرجل لم يعد يكابر بل اعترف بأنه أخطأ كثيراً خاصة فى حق زوجته، وأقسم أنه سيصحبها إلى رحلة عمرة بعد خروجه من السجن بثمانية وأربعين ساعة وأنه سيعوضها عن كل لحظة أخطأ فيها فى حقها.
أما السيدة ناهد فلم تتحدث قط عن أخطاء زوجها بل تحدثت عن الإنجاز الذى حققه حسن وغادة، فهى فخورة بتربيتها لهما ووصولهما إلى الدرجة التى جعلتهما يحافظان على اسم أبو الفتوح، وأيضا إخراج أبيهما من السجن، ومن المؤكد أنها مثل أى زوجة مصرية ستغفر وتسامح زوجها، فيكفيه سنوات السجن بآلامها والحرمان من رؤية حفيده "ابن غادة".
نعم حصل حسام أبو الفتوح على البراءة وسوف يعود مرة أخرى على رأس إمبراطوريته، لكنه بالتأكيد حسام آخر.. حسام بدون أنياب ولا أظافر ولاB. M. W. ولا "دايو" التى اشتراها الأمريكان.
لكن "ياما فى الجراب يا حاوى"، فرجل يملك القدرة على إدارة الحياة وهو فى الزنزانة، لابد أنه سيعود أقوى مما كان، شريطة ألا يكرر أكبر غلطتين فى حياته :البنوك والنساء.
مليار جنيه ثمن خروج حسام أبوالفتوح إلى النور
عاطف حزين يكتب: "كفارة" يا أبو الفتوح
الخميس، 25 سبتمبر 2008 10:56 ص