محمد آدم شاعر من مواليد المنوفية عام 1954، تخرج فى كلية الآداب جامعة عين شمس قسم الفلسفة، أصدر العديد من المجموعات الشعرية منها "متاهة الجسد"، "هكذا عن حقيقة الكائن وعزلته أيضاً". ومؤخراً صدر له عن دار المحروسة ديوان "كل هذا الليل .. كل تلك المقابر التى تملأ الهواء" ..
كما يترجم له حالياً الدكتور حمدى الجابرى عدداً من أعماله الشعرية إلى اللغة الإنجليزية، لتصدر عن مكتبة الأنجلو، كما سبق وصدرت أعماله الشعرية الكاملة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت .. اليوم السابع التقته وكان معه هذا الحوار:
صدرت أعمالك الشعرية الكاملة من بيروت .. لماذا لم تسعَ لإصدارها عن هيئة الكتاب؟
لأنهم لم يعرضوا علىّ القيام بذلك كما يفعلون مع كثير من الكتاب والشعراء، وعندما عرض علىّ نشرها فى بيروت وافقت على الفور، وأشعر بالسعادة والفخر لأننى الشاعر المصرى الوحيد، على الأقل من أبناء جيلى، الذى طبعت له بيروت أعماله الكاملة.
انقطعت عن الساحة الثقافية طوال 15 عاماً حتى عدت بديوان جديد صدر مؤخراً عن دار المحروسة بعنوان (كل هذا الليل .. كل تلك المقابر التى تملأ الهواء) فهل كنت متابعاً للمشهد الشعرى طوال هذه السنوات؟
أولاً أنا لم أنقطع عن الساحة الثقافية، بل كنت متفرغاً لأنجز مشروعى الشعرى الذى مازلت أعمل على إنجازه بدأب حتى الآن .. وأزعم أن كل الدواوين التى تمخضت عنها دور النشر طوال تلك الفترة تحت يدى وقرأتها بعناية فائقة.
إذا كيف ترى المشهد الشعرى الآن؟
المشهد الشعرى الآن ملتبس، حيث اختلط فيه أصحاب المواهب الحقيقية بعديمى الموهبة نظراً لإحساس الجميع بأن قصيدة النثر هى حصان خشبى يمكن أن يركبه الجميع، فى حين أن الشاعر كى ينتج نصاً واحداً لابد أن يكون مطلعاً على كل المنتج الشعرى والفلسفى، وهؤلاء الصغار يحاولون أن يكتبوا أى شىء تحت دعوى اليومى والمعيشى، وهم ينسون أن امرئ القيس كان يكتب اليومى والمعيشى، ولكن كيف كان يكتبها؟! أما هذه القصائد التى تزيف الشعر تحت ما يسمى باليومى والمعيشى فهى لا تشبه إلا الهامبورجر والشيبسى.
تقول دائماً أنك واحد من مهمشين كثر، همشتهم المؤسسة الثقافية الرسمية، ومع ذلك كنت غائباً عن شعراء جيلك، على الأقل لم تشاركهم فى "ملتقى الشعر البديل"، الذى أقاموه اعتراضاً على تهميش المؤسسة الرسمية لهم؟
أولاً ليس هناك شعر وشعر بديل، إما أن يكون هناك شعر أو لا .. وما عرف بالشعر البديل ما هو إلا مصطلح سياسى. والمثقف والشاعر الحقيقى ليس فى حاجة إلى سلطة .. فشرعيته تأتى من كتاباته ومواقفه الحقيقية، فهل احتاج ماركيز إلى سلطة دولة؟! يوماً ما كان محمد صدقى هو الأعلى صوتاً من نجيب محفوظ .. أين الآن محمد صدقى؟!
إذاً أنت ترى أن بعض المثقفين الآن يحتفظون بوجوه عديدة يختارون من بينها حسب الحاجة؟
المثقف الآن واحد من اثنين .. إما أن يأخذ موقفاً من كل هذا الهزل الذى نعيش فيه، وإما أن يركن إلى المؤسسة الثقافية الرسمية فيصير باهتاً لا لون أو طعم له.
اتهامات كثيرة توجه إلى نصوصك منها الغموض والتهويم .. ما رأيك؟
ربما لعمق هذه النصوص فى الوقت الذى تتناسل فيه الكتابة وتكرر نفسها، بالإضافة إلى أننى أردت أن أكون مختلفاً وأن أجرب جميع المناطق ولا أستقر فى أرض واحدة، فضلاً عن تأثرى بالفلسفة الإسلامية والغربية، الأمر الذى أعطى مساحة للتجربة كبيرة .. شىء آخر وهو أن الكتابة التى لا تسمح لنفسها بالتأويل وتعدد الطبقات هى خارج نطاق الكتابة، لأنها كتابة محدودة وذات أفق ضيق.